صورة من قلب النيران
جميل ضبابات
تحت فضاء أصبح ممرا مزدحما للصواريخ يقدم صحفي يعمل لحساب فضائية الغد العربي التي تبث من لندن وغيره من الصحفيين رسائل حية ومباشرة.
كان ضياء حوشيه يغطي ما يجري على المشارف الشمالية لقطاع غزة، واقفا أمام عدسة الكاميرا، إلا أنه أصبح جزءا من الحدث ذاته للحظات قصيرة بعد أن تلقى حجرا من مستوطن يهودي، لكن هذا لم يمنع طاقمه من متابعة نقل الأحداث حتى الساعة السابعة من اليوم الثاني للحرب على غزة.
يعمل الصحفيون في جو حربي قد يجعل أيا منهم هدفا للطائرات الإسرائيلية، التي قتلت أمس سائقا يعمل في وكالة أنباء محلية وسط غزة.
داخل غزة لا يصعب العثور على صور سيحفظها التاريخ، فأينما وجه الصحفيون كاميراتهم ثمة دمار، وخارج القطاع الذي يطوقه سلاح البحرية الإسرائيلية من الغرب والأسلاك الشائكة من الجهات الثلاث يقف صحفيون فلسطينيون على خط النار الأول.
'أجواء مرعبة هنا. لا يمكن أن تدقق كثيرا في المحيط. ثمة صواريخ وانفجارات أمامك وخلفك، قبل قليل سمعنا أصوات الانفجارات فوق رؤوسنا '، قال حوشية.
ويردد المعنى ذاته صحفيون آخرون يقفون على بعد مئات الأمتار من مرابض المدفعية الإسرائيلية التي تهدد إسرائيل باستخدامها في أي هجوم بري محتمل.
في اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلي على غزة عادت الطواقم الصحفية من مختلف أنحاء العالم إلى المساحات المتاحة التي تقف خلفها قوات مؤللة، لتغطية واحدة من أكثر الحروب التي يتعرض لها قطاع غزة شدة، ولتبث على فترات متقطعة ما يمكن استطلاعه من صور هذه الحرب.
وقال حوشية الذي يقف فوق تلة قريبة من مستوطنة 'سديروت' التي تعرضت لقصف مستمر بصواريخ تطلق من قطاع غزة: 'هذه حرب على الهواء مباشرة. الكل ينقل ما يجري هنا'.
ولاذ الكثير من الصحفيين بأنفسهم عن تغطية ما يجرى في الضفة الغربية من أحداث متفرقة، وتوجهوا إلى الخطوط الأمامية التي يمكن منها استطلاع مشارف غزة.
وأضاف حوشية: 'هناك عدد كبير من الصحفيين يعملون هنا'. يستطيع الصحفيون حملة هوية القدس التحرك في المنطقة، لكن أي صحفي فلسطيني من سكان الضفة لا يملك تصريحا لا يمكنه الوصول إلى أطراف غزة.
وقالت ميرال أمين صحفية تعمل مع فريق غربي، لمراسل 'وفا'، في اتصال هاتفي، 'لا يمكن وصف الطريق بين القدس وغزة، (...) إنها موحشة فقط تشاهد أرتالا عسكرية وقليلا من المركبات المدنية'.
تشهد المنطقة الممتدة من تل أبيب حتى بئر السبع حياة عسكرية على أقل تقدير، فسماع صافرات الإنذار أكثر من مرة خلال النهار لا يمكن وصفه باقل من حرب.
وأضافت ميرال بينما كانت تتقدم بمركبة نحو أقصى جنوب غزة 'كلما اتجهنا نحو الجنوب كلما شاهدنا جنودا أكثر ومدنيين أقل'.
وعادت الأرض الفلسطينية إلى مواقع متقدمة على أجندات وسائل الإعلام العالمية، بعد اختفاء ثلاثة مستوطنين وجدوا مقتولين قرب الخليل.
لكن اختطاف مجموعة من المستوطنين للطفل المقدسي محمد أبو خضير وإحراقه حيا دفعت الصمت الذي ساد السنوات الماضية على جانبي خط الصراع إلى الانفجار على شكل حرب جديدة.
ووصلت على عجل فرق صحفية من مختلف أنحاء العالم للتغطية، إلا أن الفلسطينيين أعربوا في أوقات كثيرة عن تجاهل وسائل إعلام غربية لجانب من قصتهم في تغطياتها اليومية، وهو ما يعتبرونه انحيازا لرواية إســـرائيل.
وإسرائيل التي تملك مفاتيح العبور لأي طاقم صحفي للوصول إلى المنطقة المشرفة على غزة، دأبت في أوقات الحروب على حظر نشر الكثير من المعلومات تحت طائلة قانون خاص به، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي جعلت فعالية الحظر هشة.
لكن أيا من وسائل الإعلام الكثيرة المنتشرة على الحدود تجد صعوبة في رصد الصواريخ في الاتجاهين، فوسائل الإعلام تنقل انطلاق الصاروخ من الأرض إلى الفضاء حتى سقوطه. فهذه أكثر الحروب الإسرائيلية التي تبث على الهواء مباشرة.
تقف كريستين ريناوي التي تعمل ضمن طاقم فضائية فلسطين على بعد 7 كلم من أطراف القطاع الشمالية، 'هنا يمكننا رصد ما يجرى بالعين المجردة، صواريخ وأعمدة دخان ومرابض المدفعية والطائرات'.
وأضافت: 'كنا نعتقد في بداية الأمر إنها مجرد ردة فعل. لكنها الحرب. الحرب بكل معنى الكلمة'.
وتنقل وسائل إعلام كثيرة صورا من أطراف القطاع لقوات مؤللة ضخمة، لكن الصحفيين قد يزودون متابعيهم بأخبار أكثر طرافة في أوقات الحرب العصيبة من خلال صفحات التواصل الاجتماعي.
ذاته حوشية بعد وقت قصير من تلقيه حجرا من يهودي متطرف كتب على صفحة الفيس بوك خاصته 'اشتقت للسرير والمخدة. أشعر بالنعاس'.