الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

إسرائيل استغلت النكسة وحولت الضفة والقطاع لمصدر رئيسي لليد العاملة الرخيصة

وفا- (محمد أبو فياض) سارعت إسرائيل غداة احتلالها باقي الأرض الفلسطينية عام 1967 إلى فتح أسواقها أمام العمالة الفلسطينية دون قيود، ما شجع العديد من صغار السن على ترك التعليم والالتحاق بسوق العمل الإسرائيلية، وأصبحت الأرض الفلسطينية مصدرا أساسيا للأيدي العاملة الرخيصة في الاقتصاد الإسرائيلي.
وقد أخذ اتجاه العمالة الفلسطينية نحو العمل في سوق العمل الإسرائيلية ينمو بشكل متسارع منذ عام 1970، وذلك أمام السياسة الإسرائيلية التي أدت إلى ضرب وتحجيم القطاعات الإنتاجية الفلسطينية، وإضعاف قدرة الاقتصاد الفلسطيني على خلق فرص عمل لاستيعاب العمالة الفلسطينية المتزايدة.
ويقول مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، خليل شاهين، لـ"وفا": التحق العمال الفلسطينيون بسوق العمل الإسرائيلية ضمن شروط عمل سيئة ومجحفة، حيث تم تخصيص الأعمال الشاقة (العمل الأسود) التي تحتاج إلى جهد جسدي للعمال الفلسطينيين، إضافة لذلك برز التمييز واضحا في الأجور مقارنة مع العمال الإسرائيليين في العمل المماثل، حيث تقاضى الفلسطينيون أجرا أقل بنسبة كبيرة من نظرائهم الإسرائيليين".
ويضيف " كرست سلطات الاحتلال مسألة التمييز في الحقوق الاجتماعية للعمال الفلسطينيين، حيث تقتطع نسبة من أجورهم تساوي نفس النسبة المقتطعة من أجور العمال الإسرائيليين، لكن دون أن تعود تلك الاستقطاعات على العمال الفلسطينيين بأي نوع من الخدمات في حال البطالة أو الشيخوخة أو العجز، في حين تعود على العمال الإسرائيليين بفوائد وخدمات متنوعة. فضلا عن ذلك منعت النقابات العربية من حق الدفاع عن العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، الأمر الذي يشكل انتهاكا لحق التنظيم النقابي".
ويقول شاهين: "بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواخر عام 1987 تعرضت العمالة الفلسطينية العاملة في السوق الإسرائيلية لعدة إجراءات استهدفت الحد منها، فبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض قيود وإجراءات تعسفية بحق العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، بحيث أصبح يتم تفتيشهم بشكل استفزازي، ويتعرضون للإذلال والإهانة على الحواجز الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان يتعرضون للضرب المبرح دون سبب من قبل الجنود الإسرائيليين".
وفي أيار 1989 فرضت سلطات الاحتلال إجراءً جديدا يلزم العمال الفلسطينيين وأي شخص فلسطيني يريد الدخول إلى إسرائيل التزود ببطاقة ممغنطة يسمح لصاحبها الدخول إلى إسرائيل شرط ألا يكون من نشطاء الانتفاضة، وأدى هذا الإجراء إلى حرمان آلاف العمال الفلسطينيين من مزاولة أعمالهم في إسرائيل كالسابق.
وخلال حرب الخليج في العام 1991، صعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها تجاه العمال الفلسطينيين، وبدأت باستخدام سياسة إحلال العمالة الأجنبية؛ فقامت بالاستغناء عن عدد كبير من العمال الفلسطينيين لديها واستقدام عمال أجانب بدلا منهم، ما أدى إلى فقدان العديد منهم لأماكن عملهم في إسرائيل، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات البطالة واتساع نطاق الفقر في فلسطين.
كما فرضت سلطات الاحتلال إجراء آخر يقضي بحصول العمال الفلسطينيين على تصاريح للعمل في إسرائيل إضافة للبطاقة الممغنطة. ولا يمنح  العامل هذا التصريح إلا بعد الحصول على براءة ذمة من الجهات الأمنية والضرائبية، إضافة لذلك اشترطت أن يكون العامل مسجلا في مكتب العمل الإسرائيلي، وأن يكون هناك طلب خطي من صاحب العمل الإسرائيلي.
 ونتيجة لهذه الإجراءات أصبح يتعين على العامل الفلسطيني أمام كل حاجز إسرائيلي إبراز البطاقات الثلاث التي بحوزته: بطاقة الهوية الشخصية، البطاقة الممغنطة، وتصريح العمل، ونتج عن هذا الإجراء حرمان آلاف أخرى من العمال الفلسطينيين من الالتحاق بأعمالهم داخل إسرائيل.
وقبل الانتفاضة الأولى كان ثمة 420 ألف عامل منظم وغير منظم من الضفة والقطاع يعملون في إسرائيل، وبعد عام 1991 تقلص عدد العمال جراء إحلال عمال أجانب مكانهم وتقلص عدد عمال غزة وبلغ قبل عام  2002 نحو  24800 عامل، إضافة إلى نحو  10  آلاف عامل في المنطقة الصناعية في "ايرز" شمال القطاع، مضافا إليهم عمال المستوطنات، حسب أرقام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
ويقول شاهين: "يتميز عدد العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل بعدم الثبات والاستقرار، وذلك لأسباب سياسية تحددها الحكومة الإسرائيلية من خلال تحكمها في عدد التصاريح، ومن خلال فرض سياسة الإغلاق الشامل على الأرض الفلسطينية من فترة لأخرى، وما يتضمنه ذلك من حرمان للعمال من الالتحاق بأعمالهم داخل إسرائيل، وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة".
وعلى ضوء ذلك تعيش شريحة كبيرة من الأسر الفلسطينية أوضاعا قلقة من حيث عدم ثبات مصدر الدخل وغياب الأمن الوظيفي.
علاوة على ذلك، يتعرض العمال الفلسطينيون العاملون في إسرائيل، والمستوفون لكافة الشروط الإسرائيلية، لصنوف من العذاب وإساءة المعاملة ابتداءً من مشكلة الحصول على التصريح، ومرورا بالتفتيش المذل والمهين على الحواجز، ووصولا إلى ظروف وشروط العمل غير الإنسانية، وانتهاء بالأجر الزهيد ومصادرة الحقوق الاجتماعية. وأسوأ ما في الأمر التنكيل الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق العمال الفلسطينيين على الحواجز والمعابر الإسرائيلية خلال رحلة الذهاب والإياب من وإلى العمل، والذي يصل حد الضرب والاعتداء الجسدي، والاعتقال وإطلاق النار في بعض الحالات، إضافة إلى الانتظار في طوابير طويلة على المعابر ونقاط التفتيش، وتحديدا على معبر إيرز.
وتابع شاهين: يبدأ يوم العمل بالنسبة للعامل الفلسطيني من الساعة الواحدة أو الثانية فجرا، ويستمر حتى السادسة أو السابعة مساء، أي ما يقارب 14 ساعة يوميا.
ويؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى أن المخابرات الإسرائيلية استغلت حاجة العمال الفلسطينيين للعمل سعيا لابتزازهم وتشغيلهم كعملاء للمخابرات الإسرائيلية، حيث تقوم باستدعاء عدد من العمال الفلسطينيين أثناء توجههم لتجديد البطاقة الممغنطة أو تصريح العمل، أو أثناء توجههم للعمل أو عودتهم منه.
 ويتم احتجاز العمال في زنازين خاصة، ويقوم ضباط المخابرات الإسرائيلية بالتحقيق معهم للحصول على معلومات حول نشاط بعض الأحزاب الفلسطينية في مناطق سكناهم، وتتم مساومتهم إما بالتعامل مع جهاز المخابرات الإسرائيلي كعملاء، أو يتم سحب التصاريح التي بحوزتهم، وبالتالي حرمانهم من حقهم في العمل.
يذكر أنه مع اندلاع انتفاضة الأقصى بتاريخ 29/9/2000 أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض الحصار الشامل على الأرض الفلسطينية المحتلة، وشكل قطاع العمالة أكثر القطاعات تضررا جراء الإغلاق الإسرائيلي المفروض منذ اندلاع انتفاضة الأقصى.
ولعل أهم ما يتركه الإغلاق على العمال الفلسطينيين كتأثير واضح ومباشر، يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة إلى أرقام قياسية في صفوفهم. 
وكان الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في محافظات غزة، قال في وقت سابق إن "حكومات إسرائيل باختلاف طياتها السياسية انتهجت ممارسات ضد العمال منها: الابتزاز الأمني وارتكاب مذابح بحق العمال، ففي الانتفاضة الأولى بلغت نسبة الشهداء الذين سقطوا من قطاع العمال 44.5% من إجمالي عدد شهداء الانتفاضة، كما ارتكبت العديد من المذابح ضد العمال ومن بينها مذبحة عيون قارة بتاريخ 20/5/1999، التي راح ضحيتها 7 شهداء ومذبحة ترقوميا بتاريخ 10/3/1998، وضحاياها 3 شهداء والعديد من الجرحى، والملاحقة والمطاردة".
وتطرق إلى انتشار شركات وهمية لسماسرة التصاريح لسرقة مستحقات العمال، وإلى الاعتقال التعسفي حيث مارست سلطات الاحتلال أشكالا مختلفة من الاعتقالات مثل الاعتقال التعسفي ضد العمال الفلسطينيين ففي الانتفاضة الأولى كان 50% من المعتقلين الفلسطينيين هم من العمال، والاستفزازات الأمنية على الحواجز والمعابر مثل طول فترة الانتظار للدخول إلى إسرائيل، وطول مدة التفتيش، والإهانات التي يتلقاها العمال من الجنود الإسرائيليين، ومنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم من خلال فرض الحصار والإغلاق.
ويشكل الارتفاع القياسي لمعدلات البطالة بين الفلسطينيين خلال الإغلاق مؤشرا واضحا على مدى تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. فقد استمرت معدلات البطالة في تصاعد مع استمرار إجراءات الإغلاق الإسرائيلي الخانق والجائر المفروض على الأرض الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، فقد أدى الإغلاق الإسرائيلي المفروض على الأرض الفلسطينية منذ 29/9/2000 إلى حرمان آلاف العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل.
وأشار تقرير البنك الدولي وقتها إلى أنه خلال الثلاثة أشهر الأولى من الانتفاضة انخفض عدد الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل والمستوطنات، بشكل دراماتيكي، حيث فقد 100.000 عامل فلسطيني أعمالهم تماما داخل إسرائيل، من أصل 120 ألف عامل كانوا يعملون داخل السوق الإسرائيلية.

وتأرجح هذا العدد خلال شهور الانتفاضة وفقا لإجراءات الحصار، التي تراوحت بين حصار جزئي وحصار كلي، إلا أن الثابت وفقا لتقديرات البنك الدولي، أن ما بين 70 ألف إلى 80 ألف فلسطيني فقدوا أعمالهم تماما في إسرائيل والمستوطنات، بينما فقد 60 ألف فلسطيني لأعمالهم داخل الأرض الفلسطينية، منذ سبتمبر 2000 وحتى نهاية عام 2001.
وأشارت تقارير وزارة العمل الفلسطينية إلى أن معدلات البطالة في الأرض الفلسطينية ارتفعت إلى أكثر من 55% من مجموع القوى العاملة خلال انتفاضة الأقصى، وتتراوح نسبة البطالة في قطاع غزة ما بين 63 إلى  65%، مقابل 47 إلى 48% في الضفة.
بدوره، قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، إنه بدلا من المساعدة في إصلاح الظلم الذي سببته، فإن إسرائيل تعمل اليوم، مثلما عملت في السابق، بنهج يحرم الجماهير الغفيرة من الفلسطينيين من ممارسة حقهم في العمل وكسب الرزق، وكثيرة هي الحالات التي يقع فيها العمال الفلسطينيون الذين يدخلون إلى إسرائيل فريسة للاستغلال من قبل مشغليهم كما أنهم يقابلون بالمعاملة الفظة والتنكيل من قبل رجال الشرطة والجنود.
وأضاف المركز في تقرير سابق له بالخصوص، أنه بهذا الشكل، تحولت المدخولات من العمل داخل إسرائيل إلى عامل مركزي في الإنتاج القومي الفلسطيني، وأنه في آذار 1993، فرضت إسرائيل الإغلاق الشامل على الأراضي المحتلة "حتى إشعار آخر". ولم تتم إزالة هذا الإغلاق الشامل مطلقا، والإغلاق المحكم قطع مصدر رزق الآلاف من العاملين الفلسطينيين وعشية اندلاع الانتفاضة الثانية، عمل في إسرائيل حوالي 110 ألف فلسطيني من سكان الأراضي المحتلة، حوالي ربع القوى العاملة الفلسطينية، وكانت نسبة البطالة في الأراضي المحتلة حوالي 10%.
ومع اندلاع الانتفاضة، لم يسمح لهؤلاء العمال بالوصول إلى مصادر رزقهم في إسرائيل وفورا ارتفعت نسبة البطالة في الأراضي المحتلة بعدة أضعاف، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، ما زالت نسبة البطالة مرتفعة جدا.
وبين أنه كثيرا ما يستغل المشغلون الإسرائيليون ضائقة العمال الفلسطينيين، وخاصة العمال الذين لا يملكون تصاريح للتواجد في إسرائيل، ويقومون بتشغيلهم مقابل أجر زهيد وبظروف صعبة من خلال حرمانهم من الحقوق التي يستحقونها حسب القانون.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025