راكبو الأمواج في غزة يغازلون البحر بحثا عن الحرية
عماد عبد الرحمن - للحرية أشكال كثيرة.. عندما تمارس هذه الرياضة تشعر بإحساس غريب وكأنك تبتعد عن عالمك.. تنسلخ من واقعك المرير.. تنسى أنك في غزة المحاصرة بحرا وجوا وأرضا.. تشعر بالسعادة.. بالتحدي... تتذوق طعم الحرية.
بهذه الكلمات ابتدأ الشابان محمود الرياشي (24 عاما) وإبراهيم عرفات (23 عاما) حديثهم عن رياضة ركوب الأمواج، تلك الرياضة التي قد تبدو غريبة على مسامع سكان قطاع غزة لندرة ممارسيها ووقت ممارستها وتكلفتها المرتفعة، فعدد ممارسي هذه الرياضة في قطاع غزة لا يتجاوز الثلاثين رياضيا وأفضل الأوقات لممارسة هذه الرياضة فصل الشتاء مع ارتفاع أمواج البحر ولا بد للرياضي أن يمتلك لوح تزلج تصل تكلفته 800 دولار أميركي إن توفر أصلا في القطاع، ومع ذلك عندما ترى بعينك روعة الأداء وروح التحدي لهؤلاء الشباب تشاركهم الإحساس بالحرية وتنسى معهم وجودك في تلك البقعة من الأرض المحاصرة.
يقول محمود الرياشي انه يعشق البحر منذ الصغر فهو من سكان حي الشيخ عجلين على ساحل بحر غزة ومنذ الصغر وهو يرى أهله يمارسون تلك الرياضة ولكن بأدوات بدائية ولعدم وجود ألواح تزلج تصلح لممارسة هذه الرياضة بشكل احترافي استخدم ألواح الشراع في بداياته كبدائل لممارسة هذه الرياضة، موضحا أن هناك ثلاثة أنواع من ألواح التزلج تختلف في طولها وسمكها تصلح للمبتدئين والمحترفين وهي غير متوفر في القطاع، مضيفا أنه وأصدقاءه تحدوا واقعهم بحبهم لهذه الرياضة ومارسوها بالإمكانيات المتاحة، مؤكدا أنه وأصدقاءه وصلوا لدرجة الاحتراف في رياضة ركوب الأمواج رغم ما يعانونه من معيقات.
من جانبه أوضح إبراهيم عرفات أنه في أحد الأيام وأثناء ممارسته لرياضة ركوب الأمواج مع اصدقائه على شاطئ بحر غزة تواجد في المكان أحد الزائرين للقطاع وهو شاب أميركي يدعى ماثيو أولسن رآهم يمارسون رياضتهم المفضلة لم يصدق أولسن ما رآه من روعة أدائهم تعرف عليهم وقرر مساعدتهم، وأضاف عرفات أن أولسن بمجرد عودته لأميركا قام بإرسال 25 لوح تزلج لغزة ولكن المفاجأة جاءت من تعنت الجانب الإسرائيلي ومنعه دخول تلك الألواح عبر معبر بيت حانون مما أدى الى انتظارها لمدة تزيد على أربع سنوات حاول خلالها شباب غزة وصديقهم الأميركي إدخالها بشتى الطرق ولكنها جميعا قوبلت بالرفض، حتى استطاع أولسن التنسيق مع وكالة الغوث وإدخال الألواح عن طريقها.
وأوضح عرفات أن سعادته وأصدقاءه بوصول تلك الألواح كانت لا توصف خصوصا أن تلك الألواح مخصصة للمحترفين ولا يوجد مثلها في قطاع غزة ولن يتمكنوا من الحصول عليها، وأكد عرفات مدى حرصه الشديد على لوح التزلج الخاص به لإدراكه بمدى صعوبة حصوله على لوح آخر، لدرجة أنه يشعر بالمرارة لعدم استطاعته تعليم شباب آخرين تلك الرياضة لا لعدم قدرته وإنما لخوفه من أن يصيب لوح التزلج الخاص به أي مكروه ولن يتمكن هو نفسه بعدها من ممارسة رياضته المفضلة، مضيفا أن صديقهم الأميركي حاول من وقت لآخر مساعدتهم أيضا بإرسال بعض الأدوات للازمة لتلك الرياضة مثل بدل السباحة ومادة الشمع اللازمة للتزلج وغيرها ولكنها تجد صعوبة كبيرة في الوصول إليهم.
من جانبه أكد الرياشي أن تلك المساعدات العينية البسيطة التي تصلهم من وقت لآخر واجهت صعوبة أخرى لإيصالها لعدم وجود إطار رياضي يندرج تحته هؤلاء الشباب ولا يوجد لهم رابطة أو ناد يرعى رياضتهم، ولابد من وجود ذلك الإطار حتى يتسنى لهم تسلم تلك المساعدات من خلاله، موضحا أنه وصديقه إبراهيم عرفات تلقوا بشكل شخصي دعوة لدولة المغرب الشقيق لتلقي دورة مدفوعة التكاليف ولعدم وجود جهة رسمية ترعاهم لم يتمكنوا من السفر.
وبالرغم من تلك الصعوبات والعراقيل المفروضة على قطاع غزة لم يجد اليأس مكانا في قلب الشابين الرياشي وعرفات فهما يمتلكان من العزيمة والتحدي ما يجعلهما قادرين على قهر تلك الصعوبات... يركضون بشكل يومي صوب بحر غزة، يعانقان أمواجه بشوق وحرارة.. يصنعان رقصة إيقاعية غاية في الجمال.. تاركين خلفهم همومهم وأحزانهم على رمال الشاطئ.