مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ماذا يعني ان تكون فلسطينيا؟- احمد سيف

ينشغل العديد من الأكاديميين والباحثين الفلسطينيين والعرب وأصدقائهم في مواجهة حملة إسرائيلية،تشارك فيها مؤسسات دعائية بريطانية معروفة، بتكليف من وزارة الخارجية الإسرائيلية ،تهدف التشكيك في رواية الفلسطينيين عن حالهم وتاريخهم ونضالهم، وذالك في مواجهة ما يسموه محاولة الفلسطينيين نزع الشرعية عن إسرائيل.
في هذا السياق يتركز جهد الأكاديمية الفلسطينية دينا مطر، الأستاذة في جامعة لندن، عبر البحث وفي الندوات والمحاضرات، ومتابعة بذلك جهدا مميزا وبحثا معمقا صدر في كتاب بالانجليزية ويحاول الإجابة على سؤال: ماذا يعني ان تكون فلسطينيا؟ وهذا هو عنوان كتاب الباحثة ويروي سيرة 25 مواطنا فلسطينيا من الوطن والمنفى، تروي من خلالهم بطريقة مختلفة ، النكبة او النكبات الفلسطينية- كما تقول- من زاوية فردية انسانية، موضحة انها تريد تقديم نموذج يدحض أسس الرواية الصهيونية التي قدمت وتقدم الفلسطينيين كمجموعات عرضية طارئة وتكتلات بشرية، لا تصل الى تكوين مجتمعي وذلك كأساس يمهد ويبرر حقوقهم بما في ذلك مكان تواجدهم.
تبدأ المؤلفة بتناول إشكالية الكتابة في الغرب عن فلسطين والفلسطينيين وتتساءل كيف يمكن تقديم الفلسطينيين في ظل وجود مشكلتين مترابطتين الأولى تتمثل في النظر الى التاريخ الفلسطيني عبر صلة ذلك بتاريخ إسرائيل وروايتها، والثانية غياب وقائع كبيرة من الإرهاب والعنف والمعاناة التي تعرض لها الفلسطينيون قياسا لما حدث فعلا.
تحاول الكاتبة المساهمة في علاج الإشكال للقارئ الأجنبي خاصة، عبر رواية المواطن الفلسطيني لحكايته بكلماته أملة ان يوفر التوثيق والنص تفهما إنسانيا أوسع لمعنى ان يكون الإنسان فلسطينيا في القرن الحادي والعشرين.
لا تهدف الكاتبة الى تعزيز الهوية الفلسطينية او المسالة الشخصية الفردية، ردا على التشويه والتغييب المتواصل في الرواية والدعاية الصهيونية، بل تتخطى ذلك لتروي جوانب أخرى من الحياة ، تتحرك وفقا للظروف والتطورات المتلاحقة المختلفة والمعقدة والمرتبطة بالنكبة عام 1948 حيث أقيمت إسرائيل مكان فلسطين ولم تصادر مكانهم فقط بل اخطر من ذلك، محاولة البقاء عبر الإصرار على إلغاء ونفي تواجد وتاريخ له صبغة إنسانية.
تقدم الكاتبة عبر سلسلة من اللقاءات المختارة من بين أكثر من مائتي لقاء في فلسطين وفي خارجها، سيرة لا تقتصر على النكبة، بل تسبقها وتتبعها، لتعرض حياة متواصلة بتفاصيلها و توثق الوقائع و الصلات القوية، التي رسختها النكبة أينما عاش الفلسطينيون تحت الاحتلال في الداخل أو في الشتات حيث طردوا من بلادهم، ولا يستطيعون العودة الى وطنهم. يواجهون منذ عقود حربا إسرائيلية متواصلة لمصادرة المكان وتاريخ من أقاموا فيه وعمروه.
تضمن الكاتبة مقابلات تغطي المرحلة الممتدة منذ بدايات مقاومة المشاريع الصهيونية في الثلاثينيات مرورا بالاضراب الكبير عام 1936 وحتى اتفاق اوسلو عام 1993. وتصنف مقابلاتها وفق خمسة فصول آخذة، كما أوضحت لنا، بعين الاعتبار استخدام المقابلات لتقديم خلفيات ووقائع لخمس فترات تاريخية متلاحقة .
وضع الفصل الاول بما أمكن وتيسر من مقابلات وشهادات، لجيل يكاد ان يندثر بدءا، من منتصف الثلاثينيات حيث الثورة الفلسطينية الكبرى، التي استمرت ثلاثة اعوام ضد الاحتلال البريطاني والمجموعات الارهابية الصهيونية، وصولا الى وقوع النكبة الفلسطينية مع تشريد اسرائيل لقرابة 700 الف مواطن فلسطيني، يشكلون الاغلبية الساحقة من سكان فلسطين. وعرض ثلاثة شهود روايات وتجارب شخصية، تحيط بمعظم جوانب المأساة والوضع السياسي آنذاك وتؤكد ان المجموعات الصهيونية خططت للنكبة عبر نشر الرعب وإجبار المواطنين على مغادرة بيوتهم وتدميرها.
الجيل نفسه يروي في الفصل الثاني، عبر شهادات جديدة، مكابدة الظروف القاسية لجيل عايش النكبة ونجح في امتحان البقاء وأخذ على عاتقه التأسيس لتاريخ فلسطيني حديث وانتزع، عبر تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، المسؤولية عن الشأن الفلسطيني من الانظمة العربية المتواطئة مع اسرائيل و معايشة النكبة في الشتات وفي اماكن اللجوء، بدءا من عام اغتصاب فلسطين وصولا الى اندلاع الثورة الفلسطينية الحديثة عام 1965 وما تبع ذلك من حرب عام 1967و احتلال اسرائيل باقي الاراضي الفلسطيية وصولا الى عام 1970 و الصدام مع النظام الاردني ، الذي مثل" مفصلا تاريخيا أسس لمرحلة جديدة في المسيرة الفلسطينية".
ويروي شهود عديدون، على معرفة واطلاع، وبعضهم من مواقع المسؤولية والمشاركة في صنع القرار، حيثيات هذه الفترة حتى عام 1982، عام خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت والصدام مع المنشقين عن" فتح" واتباع النظام السوري في طرابلس شمال لبنان صيف عام 1983. ثم يلقي الفصل الخامس والاخير، الضوء على شتات المنظمة والفصائل وصولا الى اتفاق اوسلو عام 1993 وعودة القيادة الفلسطينية الى فلسطين.
يوفر الكتاب سردا تاريخيا عبر الروايات الفردية المفعمة بالمعاناة وبروح المقاومة وارادة البقاء، ويفي بغرض المساهمة في تقديم الرواية الفلسطينية للقارئ الأجنبي ليس فقط في مواجهة الاصرار الصهيوني على تغييب الفلسطيني، بل لتكريس وجوده المتواصل في المكان وفي التاريخ و حقه في بلاده وفي العيش بشكل طبيعي.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024