جثث الشهداء في الشوارع.. 'مجزرة الشجاعية' تنكأ جراح الفلسطينيين
جثث وأشلاء ملقاة في الشوارع لأطفال ونساء ورجال ومسنين.. و'برك' من الدماء هنا وهناك.. بيوت دمرت على رؤوس قاطنيها، سيارات محترقة بينها مركبات اسعاف، اشجار اقتلعت وحجارة أعمدة من الخرسانة والباطون تملأ الشوارع، كلها مشاهد أعادت شعبنا 31 عاما الى الوراء، مذكرة إياهم بمجزرة صبرا وشاتيلا، لكن اليوم بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.
فجع المسعفون وفرق الانقاذ والطوارئ والصحفيون من مشاهد الموت والدمار التي رأوها خلال الاتفاق على وقف اطلاق النار لمدة ساعتين في حي الشجاعية للسماح لفرق الاسعاف والطوارئ من انتشال جثث الشهداء والجرحى الذين قدر عددهم بالمئات.
نساء ورجال وأطفال يهرعون بالشوارع وهم يبكون من هول ما شاهدوه من قتل ورعب ودمار خلال الليل الفائت، حيث كانت قذائف المدفعية لا ترحم أحدا.
أحد الشبان الناجين من المجزرة وهو يساعد قريب له على السير يقول للصحفيين'اذهبوا هناك دمروا الدار على رؤوس اصحابها فيها 14 شهيدا تحت الحجارة.'
جثث ملاقاة لنساء وأطفال ومسنين في الشوارع والى جوارها برك من الدماء، بيوت لم ترحم قاطنيها قذائف المدفعية التي كانت تنهمر عليهم كالمطر بمعدل ثلاث قذائف بالدقيقة.
حجارة وأعمدة من الباطون والخرسانة تتناثر بالشوارع وأشجار اقتلعت من جذورها، فيما دمرت المحال التجار والورش وبعض المصانع.
يحاول الناجون من المجزرة البحث عن مكان أكثر أمنا وهم يغادرون منزلهم خلال فترة وقف اطلاق النار.
رائحة البارود والموت تنبعث في شوارع حي الشجاعية المكتظ بالسكان، وما زالت سحب الدخان الأسود تنبعث من المكان بعد استئناف قوات الاحتلال لعمليات القصف الوحشي بعد انتهاء مدة وقف اطلاق النار.
واكتظت ثلاجات الموتى في مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة بعشرات جثث الشهداء، ما أضطر الى وضع جثث شهداء آخرين على الأرض.
لم ترحم قذائف الاحتلال وطائراته التي شاركت بالمجزرة سائقي الاسعاف الذين حاولوا ليل أمس، التقدم لانتشال الشهداء واسعاف الجرحى رغم التنسيق المسبق مع اللجنة الدولية لمنظمة الصليب الأحمر، ما أدى الى استشهاد ضابط اسعاف بعد تدمير سيارته بالكامل.
أبو محمد رجل مسن بالسبعين من عمره، وصف ما حدث بحي الشجاعية ب'المجزرة البشعة'، مشيرا الى استشهاد العشرات من جيرانه بسبب القصف العشوائي.
وشدد على أنه نجا وأسرته وأحفاده من الموت بأعجوبة، مؤكدا أن شعبنا الفلسطيني يتعرض منذ النكبة لمذابح من قبل اسرائيل بدون أن يسألها أحد.
وأضاف، الآن أبحث عن مكان أكثر أمنا للجوء اليه، منوها الى أنه لا يوجد مكان أمن بغزة فكل مكان مستهدف من قبل الاحتلال.
واخترقت قوات الاحتلال فترة وقف اطلاق النار، واستهدفت برصاصها وقذائفها فرق الاسعاف والمنقذين والصحفيين.
آلاف المواطنين الناجين من المجزرة توجهوا الى بيوت لأقربائهم ربما تكون أكثر أمنا، بينما آخرون ذهبوا الى مراكز الأيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، والى مدارس حكومية لعدم استيعاب مدارس الوكالة للزيادة في أعداد النازحين.
وفي هذه الصدد، قالت 'الأونروا': إن أكثر من 61000 شخصا طلبوا الأمن والأمان في مراكزها المخصصة كمأوى للنازحين والمشردين من بيوتهم وإحيائهم وهو يفوق عدد الذين نزحوا قبل خمس سنوات خلال الاجتياح الأخير.
من جانبها، رأت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، أن ما حصل في حي الشجاعية' جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وشكلاً من أشكال الإبادة الجماعية تقترفها دولة الاحتلال بحق السكان المدنيين الفلسطينيين العزل في قطاع غزة.'
وطالب الهيئة في بيان صحفي:' المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والجاد لوقف المجازر البشعة والجرائم التي يتم اقترافها في قطاع غزة، وما يسفر عنها من عمليات تهجير ونزوح جماعي لآلاف سكان المناطق الحدودية وتشريدهم من منازلهم.
وحذرت من تفاقم الأوضاع الإنسانية مع استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي والقصف الجوي والبري والبحري، واستمرار الحصار الخانق للقطاع، وكل ذلك على مرأى ومسمع المجتمع الدولي وفي ظل صمت دولي رسمي فاضح.
كما طالبت الهيئة، المجتمع الدولي بالتحرك الفوري وللضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف جرائم الاحتلال واتخاذ الإجراءات لملاحقة مقترفيها وضمان الحماية الدولية للمدنيين العزل وإنهاء عدوانها وحصارها وحقن دماء الأبرياء.