هديل بلاطة.. رحيل مفجع سبق تحقيق حلمها
زكريا المدهون
لم تحقق هديل ابنة الثامنة عشرة ربيعا أمنية جدتها بأن تراها طبيبة 'قد الدنيا'، لكن الاثنتين رحلتا عن الدنيا دون ذلك.
هديل عبد الكريم بلاطة من سكان مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، حلمت كباقي سكان قطاع غزة بمستقبل أفضل تدرس فيه الصيدلة كما وعدت جدتها، لكن قذائف الاحتلال حرمتها من تحقيق حلم عمرها.
لم ترحل هديل وحدها بل رافقها اثنا عشر فردا من عائلتها كانوا يحتمون في بيتهم...لكن في غزة لا مكان آمن.
يقول والد هديل (53 عاماً) وقد نجا من الموت بأعجوبة، 'نجحت هديل هذا العام بالثانوية العامة بتفوق وحصلت على معدل 92% في الفرع العلمي، وكانت تستعد للتسجيل بالجامعة بعد أن تهدأ الأمور كي تدرس الصيدلة كما طلبت منها جدتها.'
وأضاف في يوم المجزرة وبعد تناولنا طعام الغذاء طلب أخي من هديل أن تعمل له فنجانا من القهوة لأنها تصنعها بطريقة جيدة وتعجب عمها.'
وتابع بلاطة: 'وأثناء شربنا القهوة ساد المكان جو من الانبساط والمرح وسأل أخي نعيم هديل ماذا ستدرسين فأجابته أنها تريد دراسة الصيدلة، وذهب عمها للنوم هو وأسرته.
ومضى بلاطة وهو يحبس دموعه،' رحلت هديل قبل أن تحقق أمنية جدتها ودون أن يراها عمها نعيم طبيبة مشهورة.'
بعد ذلك تطرق بلاطة الى تفاصيل المجزرة البشعة قائلاً:' عند الساعة الرابعة من عصر أمس وبعد تناول طعام الغذاء مع أسرة أخي نعيم الذي ذهب للنوم في غرفة مجاورة هو وأبناؤه التسعة لكن قذائف وصواريخ الاحتلال قتلتهم جميعاً.'
وأضاف بلاطة وهو يعاني من اصابات ورضوض مختلفة في جميع أنحاء جسمه، 'سقط في غرفة أخي نعيم وبدون سابق انذار صاروخ طائرة وأربع قذائف مدفعية حولت أجسادهم الى أشلاء في لحظة عين.'
واكد بلاطة وهو يتكأ على عكازتين خشبيتين أن قوات الاحتلال ارتكبت مجزرة بشعة، قائلاً:' من شدة القصف تطايرت رؤوس بعض الشهداء خارج البيت، وآخرون تحولوا الى أشلاء ممزقة.'
ومنذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة قبل ثلاثة وعشرين يوما، أبادت قوات الاحتلال أسر بأكملها عبر تدمير المنازل على رؤوس ساكنيها دون سابق انذار.
وبلغ عدد شهداء العدوان أكثر من 1300 وعدد الجرحى أكثر من 7000 ، غالبتهم من الأطفال والنساء.
وأشار بلاطة الى استشهاد جميع أفراد أسرة أخيه نعيم ما عدا علاء الذي كان بصحبتي خارج البيت، اضافة الى استشهاد ابنتي هديل وزوجة ابني وأول حفيد لي يحمل اسمي أكمل مؤخرا عامه الأول.
وأكد أن أسرة أخيه المكونة من تسعة أفراد لجأت الى بيته بعد تهديدهم بالقصف شرق مخيم جباليا لكن قذائف الاحتلال لاحقتهم أينما ذهبوا، مشيرا الى أن جميع الشهداء هم من النساء والأطفال.
وأوضح أن منزله الذي لم يسدد ثمنه حتى الآن تحول الى كومة من الحجارة.