عندما تتحول 'المقاطعة' سلاحا في مواجهة العدوان
بسام ابو الرب
تشهد الاسواق الفلسطينية مؤخرا حراك قوي من اجل مقاطعة البضائع الإسرائيلية ودعم المنتج الوطني؛ وذلك في اطار مقاومة الاحتلال الذي اصبح يغذي جيشه، من جيوب الفلسطينيين الذين يتجهون نحو المنتجات الاسرائيلية التي اصبحت تغزو السوق بشكل ملحوظ.
العديد من الدعوات والحملات انطلقت من مختلف محافظات الضفة، لإعادة تفعيل اللجان المختصة بمقاطعة المنتجات، ناهيك عن تنامي الدور العالمي بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية كافة، وليس بضائع المستوطنات فقط، خاصة في ظل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة المستمر 29 يوما، وراح ضحيته اكثر من 1868 شهيدا وإصابة 9565 مواطنا.
في مدينة نابلس، اتخذت بعض المحال التجارية على عاتقها التخلص من البضائع الاسرائيلية ودعم المنتج الوطني، اضافة الى ان بعض المؤسسات اتخذت قرارات بمنع ادخال البضائع الاسرائيلي الى مقراتها، والتي كان منها مستشفى النجاح الوطني الجامعي، حيث جاء القرار في سياق وطني، وخاصة في ظل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، حسب ما افاد به مدير العلاقات العامة بالمستشفى حسن قمحية.
وقال قمحية 'إن مختلف البضائع الاسرائيلية والتي نقوم بشرائها كفلسطينيين تذهب على شكل دعم لجيش الاحتلال، الذي يقوم بدوره باستهداف اجسادنا، ويجب علينا مقاطعة هذه البضائع وعلى كل مؤسسة اتخاذ مثل هذه القرارات'.
واضاف انه تم التنويه للزوار بعدم ادخال البضاعة الاسرائيلية الى المستشفى، وفي حال وجدت في احد الاقسام يتم مصادرتها واستبدالها بمنتج فلسطيني، موضحا ان هناك تفاعل ايجابي حول منع دخول المنتج الاسرائيلي الى داخل اسوار المستشفى.
واشار قمحية الى ان مشفى النجاح الوطني استقبل حوالي 23 جريحا من قطاع غزة، وصفت جراح منهم بالخطيرة والمتوسطة، وتم التعامل معها وتقديم العلاج اللازم لها، وان بعضها سيغادر المستشفى خلال 24 ساعة.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جمال محيسن، دعا خلال حديث لوكالة 'وفا'، الى اعطاء مهلة لأسبوعين للتجار من اجل التخلص من المنتجات الاسرائيلية، والعمل من خلال لجان مختصة تكون وزارة الاقتصاد الوطني المسؤولة عنها، بتنظيم جولات ميدانية على المحال التجارية ومصادرة اي منتج اسرائيلي، له بديل فلسطيني.
واشار الى ان جزء من ارباح هذه المنتجات تذهب لخزينة وزارة الجيش الاسرائيلي، وتتحول الى رصاص يتوجه الى اجساد الفلسطينيين.
وقال محيسن 'إن المقاطعة تعتبر مقاومة وليس بالشرط ان تكون صاروخا'، مشددا على ضرورة العمل على حماية المنتج الفلسطيني من قبل الجهات المختصة، والعمل على عدم ادخال البضائع الاسرائيلي، اضافة الى رفع الضرائب على البضائع الاسرائيلية اذا وجد لها بديل فلسطيني.
بدوره، قال رئيس جمعية حماية المستهلك في نابلس اياد عنبتاوي: إن جمعيات حماية المستهلك تعمل على دعم المنتج الوطني، الذي يحل محل المنتج الاسرائيلي، موضحا ان الفترة الحالية في ظل العدوان على قطاع غزة تشهد المحافظات حملات بشكل اقوى من اجل محاربة هذه البضائع، التي يذهب جزء منها لصالح جيش الاحتلال.
واضاف ان الجمعيات تقوم بجولات ميدانية على التجار، والحديث مع المستهلكين ، من اجل تنامي هذه الظاهرة، مشيرا الى انه تم عقد اجتماعات مع اتحاد الصناعات الغذائية والكيماوية والورقية، والتي ابدت استعداد ها لتقديم خصم ودعما للمحال التجارية التي تعطي الاولوية للمنتج الوطني، وهذا يعتبر محفز للتجار من اجل التخلص من البضائع الاسرائيلية.
واشار الى انه من خلال التواصل مع قسم كبير من التجار، اكدوا تخلصهم هذه البضائع لتصبح خالية من اي منتج اسرائيلي، مؤكدا انه تم توحيد الجهود من اجل دعم هذه الحملات، والعمل على اعادة تفعيل اللجنة الوطنية لمقاطعة البضائع الاسرائيلية التي انطلقت عام 2002.
واوضح عنبتاوي ان حملة المقاطعة تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الاسرائيلي، وتلحق الضرر به.
الى ذلك، اوضح الناشط في حقوق إنسان، عضو مؤسس في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، عمر البرغوثي، انه حسب دراسة أعدتها د. سامية البطمة من مركز دراسات التنمية بجامعة بيرزيت، افادت بأنه بالإضافة إلى تقليص مدى استفادة اسرائيل من احتلالها للأراضي الفلسطينية، والذي يشكل خسارة هامة لبعض القطاعات الإنتاجية في إسرائيل، فإن مقاطعة الشركات والبنوك الإسرائيلية تلعب دوراً في تقليص التبعية التجارية الفلسطينية لإسرائيل وفي دعم القطاعات الإنتاجية الفلسطينية، خاصة في مجال الصناعة والزراعة، ما يعود على الاقتصاد الفلسطيني بفوائد هامة، بالذات من ناحية تقليص معدل البطالة، ورفع مداخيل الضرائب.
واشار الى انه حسب الدراسة فان الفلسطينيين يتعمدون على التجارة الخارجية بشكل كبير، حيث استورد الفلسطينيون عام 2012 ما يعادل 4.7 مليار دولار سنوياً من الخدمات والبضائع، منها 4.3 مليار من إسرائيل (91% من مجمل المستوردات).
ولفت البرغوثي الى أن مقاطعة البضائع الاسرائيلية التي تعادل ملايين الدولارات، حسب الدراسات المتوفرة، كما يمكن أن توفر ما يقارب 90,000 فرصة عمل فلسطينية، أو ما يعادل 11.5% من حجم التشغيل الحالي في الضفة والقطاع (781,000)، ويقلص الاعتماد على إسرائيل وبالتالي قدرتها على تركيع الفلسطينيين سياسياً وفرض تسوية مجحفة علينا.
وعلى الصعيد الدولي، قال البرغوثي: 'إن حملات مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها بل ومبادرات فرض العقوبات عليها، باتت اليوم الرد الأهم في وجه المجازر الإسرائيلية التي ترتكب بحق شعبنا المحاصر في قطاع غزة' . واضاف 'ان الحكومة الإسبانية قررت بالأمس وقف تصدير السلاح لإسرائيل، وقد كان هذا أهم ما ناضلت حركة المقاطعة BDS لتحقيقه في كافة دول العالم منذ بدء العدوان. كما قررت الحكومة البريطانية إعادة النظر في صادراتها العسكرية لإسرائيل'.
وكانت شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، اكدت ان مطلب فرض المقاطعة على اسرائيل وسحب الاستثمارات منها عبر حركة BDS، بات مطلبا شعبيا وعلى مستوى العالم اجمع وهو ما يحتم توسيع حملات المقاطعة للاحتلال، اسنادا لأهل قطاع غزة الجريح وتأكيدا على تنظيف البيوت والاسواق من منتجات الاحتلال بشكل فوري.
ـــــ