بعد انجلاء غبار العدوان … «غزة ليست هي غزة»
أكرم اللوح - «صعد الى شقته في الطابق الثالث برفقة والدته, وبدأ يتجول داخل غرفته حتى اقترب من أطرافها المطلة على الشارع العام, فصرخت عليه والدته خوفا من سقوطه (لأن القذائف أسقطت جميع جدران المنزل), فعاد وجلس على سريره بجانب أخيه الذي يكبره بثلاث سنوات, وينظر الى منزل جاره المدمر, وعمه في الجهة الأخرى يحاول اخراج ما تيسر من ملابس وحاجيات من تحت الركام» محمد السميري (11 عاما) يعود الى منزله الكائن شرق دير البلح وسط قطاع غزة بعد الاعلان عن تهدئة لثلاثة أيام أعقبت عدوانا اسرائيليا استمر سبعة وعشرين يوما.
الطفل محمد لم ينقطع تأمله لمنزله وكأنه يقول هل كنا نسكن هنا, وأين منزلنا, هل هذا بيتنا الذي لعبنا وتربينا فيه « مشاهد الحيرة والتردد بدت واضحة عليه وهو طفل لم يبلغ الحادية عشرة وكأنه يقول :» غزة اليوم ليست كغزة قبل العدوان».
فهنا في المنطقة الشرقية لدير البلح كل شي مدمر, بيوت انهارت وأخرى تم نسفها من قواعدها, مئات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون واللوز والخضراوات تم تجريفها, عشرات مزارع الدواجن تم قصفها وابادة ما فيها, حيوانات نفقت على أطراف الشوارع المدمرة والمجرفة لغياب أصحابها عنها أو أصيبت بقذيفة دبابة أو رصاصة قناص.
«انها ليست منطقتنا التي عرفناها, كل شيء انتهى, أحاول أن أبحث عن منزلي منذ ساعات الصباح, ولكن لا أعرف أين ذهب, لقد اختفى, انها كارثة, كان هنا منزلي الذي أسكن فيه مع عائلتي, ولكن كما ترى فقد تم تجريف كل الأراضي المحيطة بنا, وصنعت الجرافات كثبانا رملية عالية, ولعل منزلي داخل أحد هذه الكثبان, حسبي الله ونعم الوكيل».
الحاج أبو سعيد السعايدة يصف ما حدث معه حين عاد لتفقد منزله بعد أكثر من أسبوعين من النزوح عن منزله والاقامة في احدى مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وسط قطاع غزة.
«الحياة الجديدة» رصدت عودة المئات من العائلات الى منازلهم التي هجروا منها خلال العدوان في المناطق الحدودية شرق قطاع غزة, حيث قدرت احصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين عدد المهجرين خلال الحرب بحوالي نصف مليون مواطن.
الشاب سليم السيد (24 عاما) من شرق مخيم المغازي يقيم الآن في احدى مدارس وكالة الغوث, رفض العودة الى منزله قائلا :» لقد فقدت عائلتي في القصف الاسرائيلي, ودمر منزلنا بالكامل وجرفت أرضنا الزراعية التي كنا نعتاش عليها, فلماذا العودة ولمن أعود, ها أنا جالس حتى تنتهي الحرب بشكل كامل لأننا لا نثق في اسرائيل التي تقصف المدنيين ولا تمييز بين البشر والحجر».
حال المواطن السيد تعيشه مئات العائلات في قطاع غزة والتي دمرت منازلها واستشهد أبناؤها وما تزال تخشى العودة وان فكرت في العودة فلا منزل يأويها وقد دمر الاحتلال كل شي.
المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية د. اشرف القدرة قال ان عدد الشهداء الفلسطينين جراء العدوان الاسرائيلي بلغ 1867 بينهم نحو 426 طفلا, و245 امرأة و79 مسنا, فيما بلغ عدد الجرحى 9563 بينهم 2877 طفلا و1853 امرأة و374 مسنا.