شهود على شهداء .. روايات عديدة والقاتل واحد
حسن دوحان - دفعته نخوة الرجال لتلبية نداء سيدة عجوز لانقاذ ابنتها المريضة لا تقوى على حملها، فذهب مسرعا اليها ولكن صواريخ الاحتلال لم تمهله وباغتته ليرتقي شهيدا لم تتمكن طواقم الاسعاف من انتشاله الا بعد يومين.
وتبدأ الحكاية عندما كان الشاب يوسف جلال بركات 21 عاماً يتبرع بدمه للجرحى في مستشفى ابو يوسف النجار يوم الجمعة الاول من اب الجاري في فترة تهدئة الامم المتحدة، واذ بقذائف المدفعية والدبابات الاسرائيلية تنهال على احياء رفح الشرقية..
اندفع بركات الى حي التنور للمساعدة في اسعاف الجرحى ونقل النازحين، ولدى وصوله دوار البلبيسي اذ بسيدة عجوز تصرخ وتبكي ابنتها التي تركتها جريحة تنزف ولم تقو على حملها، فما كان منه الا ان ذهب مسرعاً لانقاذها.
ويقول شقيقه الزميل الصحفي احمد بركات «منذ ثلاثة ايام وافتقدنا يوسف وشرعنا في البحث عنه الى ان وجدته طواقم الاسعاف شهيدا تحت انقاض احد المنازل في حي التنور بينما كان يحاول انقاذ فتاة جريحة واسعافها، وعثر على جثمانه في فترة التهدئة التي استمرت سبع ساعات.
موسى. . ودع والديه في المعبر
قصص وحكايات الشهداء تتشابه في الشكل وتختلف في مضامينها، فلكل شهيد قصة بطولة او وداع او شهامة او مأساة ستبقى غزة ترويها ويتناقلها الاطفال ويحفظونها في ذاكرتهم عنوانا لاستمرار الصراع.
فهذا الشاب موسى دهليز (19 عاماً) لم يكن يعلم ان توديعه لوالديه في معبر رفح اثناء توجههم لأداء مناسك العمرة سيكون الوداع الاخير، فقد كانت نظراته العميقة لوالديه وابتسامته التي لم تفارق شفتاه اخر ايامه تعكس شيئا لم يكن احد يعلمه..
وكانت الطائرات الحربية قصفت سيارة مدنية شرقي محافظة رفح، ما أدى الى استشهاد موسى سعدي دهليز (19عاما) واصابة أخيه.
وارتمى موسى في حضن والديه، وكانه لا يريد ان يتركهما، مبتسما تظهر على وجهه نظرة الوداع.
سجى .. صاروخ ابقاها وحيدة
وتتواصل قصص الشهداء والناجين الذين فقدوا كامل عائلاتهم، مثل الطفلة سجى زعرب (9أعوام) التي فقدت اسرتها ولم يبق منها احد سواها في القصف الاسرائيلي الذي استهدف المنزل الذي لجأت اليه مع عائلتها بعد رحيلها من منزلها في مواصي رفح خوفا من قصف الزوارق الحربية المتواصل.
وفي الحي السعودي الجديد والمعروف بمباني الـ UNDB السكنية الحكومية غربي رفح، كانت الفاجعة فقد نجت سجى من تحت الركام بينما باقي افراد اسرتها قضوا شهداء.
وكانت الطائرات الحربية قصفت بصاروخين منزل المواطن رأفت زعرب (40 عاما) ما أدى لارتقاء ثلاثة عشر من أفراد العائلة وهم : أسيل شعبان غيث (3 اعوام)، سفيان فاروق غيث (35 عاما)، فاروق غيث (65 عاما)، أحلام نعمان زعرب (30 عاما), أمير رافت زعرب (18 عاما)، صبحية زعرب (55 عاما)، روان نشأت صيام (12 عاما), عدي رافت زعرب (7 اعوام)، سعاد نعمان زعرب (34 عاما)، شهد رأفت زعرب (10 اعوام)، خالد رافت زعرب (8 اعوام).
وبينما كانت سجى تجلس برفقة ابناء عمها في احدى الغرف سمعت صوت انفجار قوي للغاية ما ادى الى فقدانها الوعي ولم تفق الا في المشفى الكويتي.
وتشير الى انها شاهدت بريق ضوء كبير وسمعت صوت انفجار هائل وبعدها لم تشعر بنفسها، فهذا الانفجار احدث تغييرا دراميا كبيرا في حياة الطفلة سجى التي وجدت نفسها بدون عائلتها.
وتواصل سجى اسئلتها البريئة عن والدها ووالدتها وعمها واخوتها دون ان يتمكن احد من اجابتها حتى تتماثل للشفاء من الحروق والجروح التي اصابت معظم اجزاء جسمها..
تربيا في تل السلطان. . واستشهدا في حي عامر
وفي حي مشروع عامر شرق رفح، لم تمهل قذائف المدفعية الاسرائيلية عائلة ابو محسن لتخلي منزلها، ما ادى الى استشهاد ثلاثة أفراد منها وهم « ساهر طلال ابو محسن « و»شريف موسى ابو محسن «والشهيدة الفتاة « اسيل صالح ابو محسن».
فهذان الشبابان ساهر وشريف ابو محسن اللذان ارتقيا شهداء فداء للوطن ولدا وترعرعا في حي تل السلطان غرب رفح، وشاء القدر ان يرحلا الى مسكنهما الجديد في حي عامر شرق رفح لينالا الشهادة، ويقول جارهم سامي برهوم: الشابان ساهر وشريف ابو محسن عرفتهما صغارا لأسرتين من حينها وشارعنا الذي نسكن فيه، كبرا امام أعيننا منذ كانا طفلين. وانطلق بهما قطار العمر حتى اصبحا شابين يافعين انضم شريف لكتائب شهداء الاقصى وعمل مع رفاقه منذ سنوات عدة، اما ساهر فعمل في اطار تنظيم حركة فتح مع اخوته واحبته، ويشي الى انهما عشقا الفتح منذ صغرهما ورحلا عنا اثر قصف غادر يوم الجمعة الماضية من طائرات الاحتلال رحل شريف وترك خلفه طفليه اللذين لم يتجاوزا الثلاث سنوات, واما ساهر فكان ينوي الزواج قريباً.
ويقول اما جارتي الشهيدة الفتاة « اسيل صالح ابو محسن « والتي تبلغ من العمر (18 عاما) رحلت صبيحة الجمعة الماضية اثر قصف صاروخي من طائرات الاحتلال في منطقة المشروع حيث كانت في طريقها لاخلاء المنزل برفقة ابوها واخوتها حيث عاجلتها وقذائف الغدر والحقد.