من يداوي وجع سكان غزة ؟!
نفوذ البكري - عملية انتشال الجثث من تحت الأنقاض متواصلة والبحث عن محتويات البيت من تحت الركام تتواصل وعلى استحياء وتردد وخجل تضطر العائلات المشردة والنازحة الحديث عن معاناتها والوجع الذي أصابها سيما أولئك الذين ما زالوا يتواجدون في مراكز الإيواء وفي الخيام وساحات المستشفيات ويحتاجون لأبسط مقومات الحياة.
والبعض تمكن من العودة إلى بيته المدمر في محاولة لجلب ما تبقي ولكن المفاجأة كانت أن كل شيء تحطم مثلما الملابس التي احترقت وتمزقت بفعل القصف والنيران فيما لا تزال عملية نقل الأمتعة والأثاث متواصلة من تحت الركام لعلها تكفي لبعض الأفراد الذين يفترشون الأرض وبدأوا يشتكون من آلام المفاصل والظهر والغضروف والروماتزم.
وتزداد المعاناة والوجع الحقيقي لأولئك المشردين والنازحين والهاربين، أو حتى المتواجدين عند الأقارب والمعارف وشكواهم المتواصلة من اتباع أسلوب الواسطة والمحاباة والاستيلاء على المساعدات والإغاثية الطارئة التي تأتي من خلال السلطة الوطنية عبر معبر كرم أبو سالم، لتوزيعها عبر جهات مختصة إلى كافة المتضررين دون تميز ولكن يتم الاستيلاء عليها من جهات محددة لتوزيعها بطريقتها الخاصة والمعروفة وبالتالي فالبعض يحصل على وجبته الغذائية الطازجة والساخنة بصورة يومية مثلما جالونات المياه والأغطية والغالبية لا تحصل على ذلك إلا بالصدفة أو الطوشة أو التوسل وفي حال فشل ذلك يتم السكوت وكتم الوجع والاكتفاء لطلب الرحمة من السماء لأنه حسب رأيهم " لمن أشكيك يلي أبوك القاضي !"
ومن وسط الركام والدمار يتم يولد الأطفال والذين وصل عددهم إلى ضعفي عدد الشهداء ونصف الجرحي والبيوت المدمرة والعديد منهم يحملون أسماء لها علاقة بالمقاومة والحرب والوطن ولكن في نفس الوقت يضيفون الأعباء الجديدة على العائلات سيما وأنهم يحتاجون للحليب والفوط الصحية بصورة يومية.
فالمواطن سلمان حمام من سكان منطقة الشعف بحي الشجاعية أشار لـ "الحياة الجديدة" إلى أنه تمكن من النزوح من بيته المسقوف بألواح الزينكو في بداية الحرب وعندما عاد إليه فوجئ بدمار السقف وتحطم الزجاج وخزانات المياه وحاول الجلوس بلا كهرباء ومياه أو حتى غذاء ووسط كل ذلك جاء حفيده الجديد لغبنه عرفات الذي أطلق عليه اسم "مجاهد" ولهذا يواصل البحث بكل ما يستطيع لعله يحصل على أي شيء لحفيده الجديد واصغر أبنائه الطفلة "راما" ذات الثمانية شهور التى تعاني من الإعاقة وبحاجة إلى رعاية صحية خاصة.
المئات من العائلات ما زالت بلا مأوى وتعيش بالحد الأدني من الاحتياجات وغير قادرة للوصول إلى مراكز ولجان توزيع المساعدات لأنها تعتقد في داخل نفسها ومن وسط وجعها أن الكل يعرف ماساتها وأماكن نزوحها وهروبها وفي نفس الوقت قد لا تمتلك أجرة المواصلات وغير قادرة للسير على الإقدام لاستمرار البحث وتكفي بالتفتيش والنبش تحت الركام والأنقاض لعلها تجد جثة لأحد أفرادها أو ما تبقي من محتويات البيت المدمر.