حركة حماس والوحدة الوطنية- عبد الرحيم الشوبكي
تتناول هذه الدراسة "دراسة تحليلة موجزة" لمفهوم الوحدة الوطنية لدى حركة حماس, والتي ترتكز على المحاور التالية:
1. ميثاق حركة حماس والوحدة الوطنية.
2. خطواتها لتحقيق الوحدة الوطنية.
3. العراقيل التي واجهتها وتواجهها عند تطبيق الوحدة الوطنية.
ميثاق حركة حماس ومفهوم الوحدة الوطنية
ميثاق حركة حماس هو المعيار الاساسي الذي يسهل علينا فهم هذه الحركة ودراستها، ويوضح معالمها ويعكس الصورة التي نستطيع من خلالها فهم هذه الحركة ونظرتها للوحدة الوطنية ومتطلبات تحقيقها. لو أمعنا النظر في الميثاق الحمساوي الذي يتكون من اثنين وثلاثين مادة، سنجد:-
أ- في الباب الرابع (ب) في المادة الخامسة والعشرين موقفها من الحركات الوطنية على الساحة الفلسطينية فهي "تبادلها الاحترام، وتقدر ظروفها، والعوامل المحيطة بها، والمؤثرة فيها، وتشد على يدها ما دامت لا تعطي ولاءها للشرق الشيوعي أو الغرب الصليبي.
بعد الإمعان بالنظر في هذه المادة، نجد هناك شروط لدى حماس للوحده والتوافق مع التنظيمات الأخرى. فهي تحترم وتقدر وتشد على هذه الأيدي، وتسمو بالفصائل ما دامت لا تعطي ولاءها لأي من كان.
ويجدر بنا القول ان حقيقة الولاء ينبع اما عن طريق الانسجام في الجدليه الفكرية كما هو الحال بين الأنظمة الشيوعية والتنظيمات الفلسطينية اليسارية، او عن طريق الدعم المالي واللوجستي بأشكاله المتعددة.
وهنا ألم تسأل حماس نفسها بأن هناك تنظيمات يسارية تاريخها من تاريخ الثوره الفلسطينية، جدليتها ودعمها المالي من الدول وأنظمه وحركات شيوعية؟ وهل الارتباطات والدعم اللوجستي والامتداد لحركة حماس مع قوى اقليمية وحركات عالمية يخضع لنفس الشروط المحددة في الميثاق؟
ب- في الباب الرابع (ب) في المادة السادسة والعشرين " حركة المقاومة الإسلامية وهي تنظر إلى الحركات الوطنية الفلسطينية - التي لا تعطي ولاءها للشرق أو للغرب - هذه النظرة الإيجابية، فإن ذلك لا يمنعها من مناقشة المستجدات على الساحة المحلية والدولية، حول القضية الفلسطينية مناقشة موضوعية تكشف عن مدى انسجامها أو اختلافها مع المصلحة الوطنية على ضوء الرؤية الإسلامية، ففي هذه المادة حددت حماس اجراء المناقشة والحوار مع التنظيمات الفلسطينية على أساس الرؤية الإسلامية، متجاهله بذلك الجدلية العلمانية والاشتراكية على أساس المغالبة وليست الشراكة، وغفلت الموروث النضالي للحركات اليسارية والوطنية ودور المسيحين والسامرين الفلسطينين، التي ولدت مع ولادة القضية وفلستنطتها.
ت- نلاحظ ايضا غياب تعابير رئيسية في الميثاق لها علاقة بفهوم الوحدة الوطنية مثل: "الديمقراطية"، "الانتخابات"، "التعددية"، "حرية التعبير"، "المواطن"، " المساواة بين المواطنين"، "حقوق الأقليات"، "حقوق المرأة"، "الوطن"، "الأهداف الوطنية"، "الحقوق الوطنية"، "القومية"، الحقوق القومية"، "العروبة"، "الدولة"، "الهوية"، " التراث"، "القانـون"!.
ث- هناك عامل رئيسي ومهم غائب عن ميثاق حماس وهو وصف الدولة وهيكلتها ونظامها سياسي وطبيعة الحكم وعلاقته بالمواطن وبالوطن، وهذا الوصف يتضمن بين ثنياه الوحدة الوطنية.
ج- ميثاق حماس لا يعترف بالسلطة ولا بفلسفة منظمة التحرير.
خطواتها لتحقيق الوحدة الوطنية
1. تأسيس التجمع الفصائلي العشرة الرافضة لاتفاقيات السلام والحلول السلمية, ومن ثم تطويرها عام 1996م إلى تحالف القوى الفلسطينية (جبهة الاستقلال الوطني الفلسطيني)، وبذلك نجحت حماس بدخول المعترك السياسي الفصائلي وإقامة اتصالات مصبوغة بالصبغة الرسمية مع معظم التنظيمات الفلسطينية الرافضة للعملية السلمية.
2. مع انطلاقة انتفاضة الاقصى، شاركت حماس بـ( لجنة التنسيق العليا للفصائل الفلسطينية)، وهذه اللجنه تضم التنظيمات المؤيدة والمعارضة للعملية السلمية، وهدفها ادارة الشؤون الميدانية للانتفاضة.
3. ولم تغفل حماس في فترة الانتفاضة الأقصى الدور العسكري في تحقيق الوحدة الوطنية، فــــبين عملية عسكرية تعلن مسؤوليتها عنها، وعلمية أخرى كانت تعلن باشتراكها مع أجنحة عسكرية أخرى بتنفيذها.
4. ابرام اتفاقية مكة وتشكيل أول حكومة وحدة وطنية.
العراقيل التي واجهتها و تواجهها عند تطبيق الوحدة الوطنية
1. لعل ما يدور حول مفهوم الوحدة الوطنية في الميثاق الحمساوي، كفيل وحده ليكون احد أهم العراقيل التي واجهت حركة حماس في تحقيق الهدف المنشود واتصالها مع التنظيمات الفلسطينية، فهي تضع لنفسها حق التصنيف التنظيمات لوطنيتها ولعدم وطنيتها ولاءها من عدم ولاءها، حيث تكمن نظرتها الفوقيه النرجسية في ميثاقها في اجراء المناقشة والحوار مع التنظيمات الفلسطينية على أساس الرؤية الإسلامية، متجاهله بذلك جميع الأيدلوجيات والأديان الأخرى في ساحة العمل السياسي الفلسطيني.
2. انهيار جبهة الاستقلال الوطني الفلسطيني، وبذلك ضربت الخطوه الحمساوية الأهم التي من خلالها اتصلت مع التنظيمات الاخرى وبنت معها جسور من الثقة والوحدة والتوافق.
3. انهيار لجنة التنسيق العليا للفصائل الفلسطينية, في إحداث غزة قبل اتفاقية مكة، كانت هناك اشتباكات بين أنصار حركتي فتح وحماس، ولتطويقها لابد من اللجنة العليا أن تجتمع للحل والخروج ببيان عند النهاية يحث التطرفين ويجبرهم بالتوقف عن الاشتباكات, حتى أننا أعتدنا يوميا بان يكون هناك بيان صادر عن اللجنة يدعوا الى الوحدة، وفي نهاية المطاف لم يعد لهذه اللجنة أي أهمية ولا أي سلطة، وهنا ايضا ضربت احد أهم الخطوات التي قامتها حماس لتحقيق الوحدة الوطنية.
4. حماس كغيرها من التنظيمات الفلسطينية، التي تجمع من بين قادتها اصحاب الفكر الواقعي و الفكر البراغماتي و الفكر الداعي إلى المقاومة إلى ابعد الحدود، الفكر المتشدد الذي يلقي التهم دائما على نظيره من قادة العمل التنظيمي، والتي هي متمسكة بزمام الأمور وتقود الحركة, فهذا النوع من القيادة الاتهامية ذات العقلية المتشددة صاحبة القرار والنفوذ في الحركة بمثابة أصعب العراقيل التي تحيل حركة حماس من تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
5. قيام حماس بعد نجاحها بالانتخابات التشريعية الثانية بتشكيل أول حكومة لها نقية من بين أعضائها، ضرب معالم ابرز وأهم جسور الوحدة مع حماس، وأدخلها في أزمة أخرى بفعل التحديات الكبيرة التي اعترضت سبيلها، فلا خبرة كافية لدى أعضاء الحكومة ولا تحالفات داخلية لديها.
6. انهيار حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت على اساس اتفاق مكة, بفعل الانقلاب والسيطرة العسكرية لحركة حماس على قطاع غزة.
7. السلوك الاعلامي للاعلام حركة حماس في العداون الاسرائيلي على قطاع غزة :
اقتصار مفهوم المقاومة وحصرها على كتائب القسام واقصاء دور وتضحيات الاجنحة العسكرية الأخرى.
تبني مصطلح وفد حماس في القاهرة وصلابته ومواقفة, والتجاهل على وجود وفد فلسطيني يمثل الكل الفلسطيني.
اتسام الناطقين الاعلاميين للحركة بمفردات ومصطلحات التجريح والتخوين واتهام بعض الاطراف الفلسطينية بالعار.
8. السلوك الالكتروني لمعظم أبناء قاعدة حماس, والتي لا تخرج كلماتهم عن سياق التجريح والتخوين والتكفير واقصاء الاخر. والانتقال للعمل على أرض الواقع بناء على دعوات الالكترونية مثل هجوم على وزير الصحه الفلسطيني في حكومة التوافق الحالية خلال زيارته لقطاع غزة.