بيت حانون.. عندما تٌعدم الأحلام ويذهب شقاء العمر في ساعة!
زكريا المدهون
فقد المزارع محمد صالح وأسرته المكونة من عشرين فردا من بيت حانون شمال قطاع غزة مصدر دخل الوحيد ، بعدما حولت جرافات الاحتلال الاسرائيلي أرضه الخضراء الى صحراء قاحلة لا حياة فيها.
خلال الهدنة حاول صالح الاقتراب قدر المستطاع من أرضه التي تبعد حوالي كيلو متر ونصف عن حدود بيت حانون الشرقية، فذهل وصدم عندما لم ير أية شجرة أو غرسة رعاها لسنوات طويلة.
يقول صالح (60 عاما): 'إن أرضه تبلغ مساحتها عشرون دونما كانت مزروعة بجميع أنواع الأشجار فتجد فيها ما تشتهي نفسك إنها جنة الله على أرضه.'، مضيفا انها 'كانت مزروعة بجميع أصناف أشجار الحمضيات واللوز والتين والزيتون والخضار بأنواعها، ويتوسطها بئر للمياه.'
وأضاف صالح لـ 'وفا'، 'لم أشاهد أي غصن شجرة، يبدو أن قوات الاحتلال دفنتها بشكل متعمد في باطن الأرض كي لا نستفيد حتى من أخشابها'، مشيرا الى أن أولاده باعوا مصاغ زوجاتهم الذهبي للمساهمة في إعمار أرضهم وفلاحتها، لكن تعب العمر راح في ساعة.. أو ربما أقل!!
وشدد صالح على أن أرضه هي مصدر الدخل الوحيد له ولأبنائه الأربعة، مؤكدا أنه سيتحدى الاحتلال وسيعمر أرضه بعد توقف العدوان.
وتعمدت قوات الاحتلال خلال عدوانها استهداف الأراضي الزراعية في القطاع عبر تجريفها أو قصفها بالطائرات الحربية.
وقدّرت وزارة الزراعة، حجم الخسائر الأولية للقطاع الزراعي بحوالي 400 مليون دولار أمريكي وهي عبارة عن خسائر مباشرة وغير مباشرة.
من جانبه ضاع موسم البطيخ هذا العام على المزارع وسام المصري (37 عاماً)، لأن قوات الاحتلال أبادت ثلاثة دونمات كانت مزروعة بها.
وأضاف المصري، 'أعددت جيدا لهذا الموسم وكلفني الكثير من الأموال، لكن الاحتلال حرمني من خيرات أرضي التي ورثتها عن أجدادي'، موضحا أنه حصل على قرض مالي كبير من احدى المؤسسات لفلاحة أرضه وزراعتها. 'لقد أعدموا أحلامنا وأرضنا وممتلكاتنا' قال المصري، وتابع والحزن باد على ملامح وجهه، 'كان يعتاش من خيرات الأرض 15 شخصا وهي مصدر دخلنا الوحيد كمزارعين.'
وأعلن وكيل وزارة الزراعة عبد الله لحلوح في تصريح سابق لـ 'وفا'، أن القطاع الزراعي تكبد خسائر فادحة، قدرَت بشكل أولي وغير نهائي بحوالي 400 مليون دولار، كخسائر مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف لحلوح، 'المزارعون الذين هدمت مزارعهم ونفقت مواشيهم، فقدوا مصدر رزقهم وتحولوا من منتجين إلى مواطنين بحاجة لإغاثة ومساعدات'.
وأكد على أهمية التدخل لإنقاذ الوضع الزراعي والغذائي في قطاع غزة، منوها الى أن وزارة الزراعة تعمل وفق مسارين الأول وهو الإنعاش المبكر، والثاني التدخل السريع حتى نستطيع ضمان ديمومة الإنتاج، وأيضا إعادة الإعمار وإصلاح المنشآت.
بدوره، لم يعود أحمد الكفارنة الى عمله لبيع المياه للمزارعين شرق بيت حانون بعدما دمرت قوات الاحتلال 'بابور المياه' الذي يملكه.
وقال الكفارنة لـ 'وفا': 'كلفتني إقامة البابور 17 ألف دولار وهي عبارة عن ديون وقروض لم أسدد ثمنها بعد.'
وأوضح أنه كان يسقي 130 دونما لمزارعين مقابل الحصول على مبالغ مالية لإعالة أسرته المكونة من 15 فردا، مؤكدا أنه بذلك فقد مصدر رزقه الوحيد.
وتعقيبا على استهداف قوات الاحتلال للأراضي الزراعية في غزة، قال أستاذ علوم البيئة د.يوسف أبو صفية:'إن الاعتداءات الاسرائيلية المتتالية التي استهدفت قطاع غزة خلفت أرضا محروقة، مشيرا إلى عدم صلاحية معظم التربة في قطاع غزة للسكن والزراعة، وعدم إمكانية معالجتها نهائياً إلا بتغييرها، نتيجة التلوث الناتج عن الاعتداءات المتكررة.
وشدد أبو صفية، على ضرورة عمل تحاليل كيميائية وقياسات أشعة، للتأكد من مدى الضرر الذي لحق بالتربة، والخطر الذي قد يسببه هذا التلوث مستقبلاً على صحة البيئة والإنسان.