ناديا مصلح: حارسة في جامعة بيرزيت!
ألف- عبد الباسط خلف: تُشغل ناديا مصلح كل حواسها، وهي تؤدي مهام عملها باعتبارها إحدى امرأتين تزاولان مهنة الحراسة، وتعمل في جامعة بيرزيت؛ حيث تراقب عيناها حركة الداخلين والمغادرين لمباني الجامعة، وتركز سمعها لرد سريع حول استفسارات الطلبة والزوار التي لا تنتهي. أما حاستها السادسة، فصارت تُعينها في معرفة التوقعات الخاصة بالطلبة.
تقول، ويدها تتنقل بين متابعة جهاز الاتصال اللاسلكي، والرد على هاتفها النقال: أميز الطلبة من وجوههم، وأحفظهم بسرعة ، وأعرف من أول مرة سنواتهم الدراسية، وأكتشف من يدخل الجامعة كضيف أو صاحب حاجة. وأنا هنا منذ أربع سنوات، ولا يهمني أي تعليق يتصل بعملي، فثقتي بنفسي كبيرة.
وأبصرت مصلح النور في دمشق العام 1977، وعادت إلى رام الله بعد غياب 22 سنة، ولا زالت تحتفظ بذكريات الإعلان الذي قرأته في الصحف، والذي يُفتش عن تعبئة شاغر وظيفة حارسة في الجامعة لأول مرة.
تضيف بزيها الرسمي الذي يغلب عليه اللون الأزرق بتدرجه: لا أميز بين الطلبة والطالبات، وسمعت تعليقات من بعضهم حول مهنتي، وصرت أحفظ الجامعة بمبانيها وعامليها بعد وقت قصير من العمل.
وشاركت أكثر من مرة إلى جانب زملائي الـ38 وزميلتي رانيا عبد الله في فض النزاعات والمشاجرات التي كانت تحدث بين الطلبة، في أوقات الانتخابات وغيرها.
تحب مصلح مهنتها، وتتسمر في مكانها منذ السابعة والنصف وحتى الثالثة، وتفضل العمل في أيام الشتاء أكثر من الصيف، وترد في اليوم الواحد على مئات الأسئلة، ويستفزها تكرار الاستفسار عن موعد استراحة دوائر التسجيل والمالية من قبل الطلبة مع أن هناك يافطة تُحدد وقت الاستراحة الرسمي، ومع ذلك يعيدون السؤال غير مرة.
كما ويتكرر لديها أسئلة من طلبة يختلط عليهم التوقيت الشتوي والصيفي في بداياته.
تتابع: لا أنقل عملي إلى بيتي، ولا أتوقف عند أي تعليق أسمعه؛ لأن المجتمع لا يعجبه شيء، وعلاقتي بزملائي الحراس جيدة، كما أن طبيعة عملي التي تتميز بإعطاء تعليمات أو توضيحها أو الرد على الأسئلة تبقى في الجامعة، ولا أنقلها إلى أطفالي: محمد ونرمين ورنيم وزكي، الذين ينتظرون عودتي.
ومصلح، التي تحمل شهادة الثانوية العامة السورية توزع هذه الأيام اهتمامها على جبهتين كما تقول، حيث تتابع شؤون عملها نهاراً، وتراقب في الليل أحداث سوريا حيث ترعرعت، فتتصل بالهاتف، وتبحث في التلفاز، وتطالع الصحف خوفاً على الشام وأهلها.