صفاء الربيعي : الاحتلال هدم سنين من عمرنا بتدميره منزلنا
عماد عبد الرحمن - ما زال مواطنو قطاع غزة يعيشون تحت تأثيرات العدوان الاسراذيلي الاخير، مسكونين بالوجع الذي خلفته الحرب داخل كل منهم. فما حدث في غزة جريمة تشهد عليها الأرض والسماء، مازالت بصمات مرتكبيها ظاهرة للعيان ولكن الجاني مازال حرا طليقا.
رسالة قصيرة على صفحتها على «الفيسبوك» عبرت صفاء الربيعي عن حالة كثير من الغزيين، حيث تقول فيها « الى كل ما أضناه تعب الاتصال بي ليسأل عني ولم يجد جوابا, أقول لكم أنا لست بخير», لم يكفوا عن قول «المال معوض» وأنا أقول المال يعادل الروح، اليوم ما عاد لي ولا لزوجي ولا لأبنائي وطن، فقدت وطني فقدت أمسي ويومي وغدي، ما عاد لي وطن استكين إليه وأولادي دون أن نزعج احداً، ما عاد لنا وطن نمتنع عن استقبال من يزعجنا فيه، ما عاد لنا وطن نمارس فيه طقوس حياتنا التي لا تشبه حياة احد فلم يكن أحد يشبهنا ولم نكن نشبه أحد».
صفاء الربيعي أحد سكان برج المجمع الإيطالي فقدت بيتها في القصف الذي تعرض له المجمع, لم تقو حتى الآن على تحمل فكرة أنها أصبحت بلا بيت, فالبيت عندها وطن, والوطن لا يعوض.
تقول الربيعي زوجي المهندس يوسف البرعي أحد أفراد طواقم المهندسين بالشركة الإيطالية التي أشرفت على بناء البرج الإيطالي عام 1996، الذي استغرق بناؤه ثلاث سنوات، وهو من أول المالكين في البرج وكل ركن في بيتنا يحمل ذكريات سنوات، وفقداننا له بمثابة فقداننا لسنوات عمرنا وذكرياتنا، مشيرة الى أن المعضلة عندها ليست في إيجاد بيت جديد أو تعويض من هنا أو هناك، ولكن في انتمائها وارتباطها بهذا المكان وفي تلك البقعة من الأرض، ومجرد فكرة ابعدها عن هذا المكان يفقدها صوابها وأن ما فقدته في قصف بيتها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعوض، وإن تم تعويضه فلن يكون بأي حال مثل ما كان.
وتضيف الربيعي أنها تعتبر نفسها محظوظة لعدم وجودها لحظة قصف البرج لأنها لو كانت موجودة لحظة قصف البرج للقيت هي واطفالها الثلاثة حتفهم، مشيرة الى أنها اضطرت للذهاب لبيت أهلها في يوم القصف وسمعت بالنبأ في ساعات الليل المتأخرة، ومع ساعات الصباح الأولى ذهبت للبرج ولم تكن وقتها الحرب انتهت وكان على أمل بأن تجد البرج بحال أفضل مما رأته عليه، وما كان منها إلا أن أصرت على الصعود لبيتها في الطابق الـ 12 ولم تفلح محاولات منعها، وبالفعل استطاعت الصعود بصعوبة بالغة ودخول بيتها, ولكن بمجرد دخولها أدركت تماما أن الأمور لن تعود كما كانت عليه، لأن بيتها هدمت أغلب أجزاؤه.
لم تستسلم الربيعي وما زالت تحاول التماسك على أمل أن يجد عباقرة الهندسة في العالم ما يعيد هذا البناء الذي تحدى طائرات الاحتلال ومازال واقفا الى ما كان عليه، وأن تفلح الشركة الإيطالية بمقاضاة الجناة وعدم الإفلات بفعلتهم.