سكان الشجاعية يحرقون الاطارات للتغلب على رائحة الموت والحشرات
عماد عبد الرحمن- ينتاب الزائر لحي الشجاعية ليلا حالة من العجب ليس لحجم الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي والذي حول الحي الى أكوام من الركام فحسب وإنما من حجم الدخان المتصاعد في الحي نتيجة إحراق اطارات مطاطية من قبل من بقي من سكان الحي على قيد الحياة ولاذ الى ما تبقى من مسكنه وسيلة لطرد الروائح الكريهة الناجمة عن الحيوانات والطيور النافقة وبقايا الجثث التي تم انتشال بعضها حديثا من تحت الركام وكذلك روائح المياه العادمة ووسيلة لطرد الحشرات وخاصة حشرة البعوض.
المشهد الليلي لحي الشجاعية من ظلام دامس وأكوام الركام وبعض الخيام التي ضربت في أماكن متفرقة على أنقاض المنازل المهدمة ورائحة الموت والدخان وألسنة النيران المتفرقة وسط مساحة كبيرة مدمرة تعيد للذهن حقبة من العصور الوسطى وكأن الحضارة لم تصل لتلك البقعة من الأرض.
يقول أبو شادي أحد الذين اضطروا للرجوع لحي الشجاعية من أحد مراكز الإيواء بعد الحرب والتجأ لما تبقى من منزله أنه عاد به الزمن للوراء مئات السنين حيث لا يوجد كهرباء ولا ماء ولا شبكات صرف صحي ناهيك عن تلك الروائح الكريهة المنبعثة من المكان نتيجة تدمير العديد من مزارع الحيوانات والطيور على ما فيها، ووجود بقايا جثث تحت الركام حتى ان هناك جثثا تم انتشالها حديثا بعد الحرب، مشيرا الى أنه اضطر للتواجد في المكان للحفاظ على ما تبقى من منزله ولكنه يعاني معاناة شديدة نتيجة تدمير البنية التحتية للحي مما يضطره بمجرد حلول الليل الى إشعال عجلات الكاوشوك أمام بقايا منزله حتى يتخلص من الروائح الكريهة والأهم طرد الحشرات خصوصا البعوض الذي انتشر بكثافة شديدة جدا في المكان الأمر الذي لا يستطيع فيه من يتواجد في المكان النوم وكذلك توفير بعض الإضاءة في المكان بدلا من أعمدة الكهرباء التي لم تعد متواجدة.
وأضاف أبو حليمة أن هناك العديد من المشاكل التي تزيد من معاناة حي الشجاعية المنكوب مثل تراكم أكوام النفايات بجانب أكوام الركام وهذا يزيد الأمر صعوبة حيث لا تستطيع سيارات البلدية والسيارات المخصصة لنقل المخلفات الدخول للمكان نتيجة تدمير الشوارع وانسدادها بأكوام الحجارة ما يضطر أبناء الحي إلى التخلص منها بالحرق أيضا وهذا بدوره يضيف كارثة بيئية أكبر للمكان، مؤكدا تخوفه من انتشار الأمراض خصوصا الجلدية منها التي بدأت تظهر أعراضها على الأطفال خصوصا، حتى أن المستوصف الوحيد في المكان تم تدميره في الحرب أيضا.
من جانبه قال رزق سكر أنه اضطر للتواجد في بقايا غرفة شبه مدمرة في شارع النزاز بالحي هي كل ما تبقى له من منزله. عائلته التي التجأت جميعها لأحد مراكز الإيواء بعد أن دمر جيش الاحتلال ثلاثين منزلا تدميرا كليا وسبعين منزلا جزئيا لعائلته، مشيرا الى أنه آثر التواجد في وحشة هذا المكان بدلا من مراكز الإيواء حيث قامت وكالة الغوث في إطار استعداداتها لبدء الموسم الدراسي بإخلاء المدارس ممن التجأوا إليها وتجميع العائلات المتبقية في مدارس محددة الأمر الي أدى الى تجميع أكثر من خمسين شخصاً في فصل دراسي واحد وهذا أمر لا يطاق.
وأضاف سكر أن لم يكن يحلم أن يعيش هكذا تجربة وحيدا وسط أكوام من الحجارة والركام ورائحة الموت المنبعثة من المكان، وكأنه وجد نفسه في العصر الحجري ، فالحرب دمرت البنية الاجتماعية لسكان الحي وشردتهم بجانب تدمير الأبنية والبنية التحتية، متمنيا أن تنتهي تلك الأزمة بأسرع وقت ممكن ويعاد لم شمل العائلة من جديد وتدب الحياة في المكان من جديد.