الفلسطيني.. من الخيام إلى الخيام
- أسيل الأخرس
بيوت مدمرة وأحزان الفقدان بدأت تلقي بظلالها على حياة الغزيين، وكحال صاحب أرض ضربتها النيران، خرج أهالي قطاع غزة بعد اتفاق الهدنة يحصون خسائرهم ويتفقدون بيوتهم.
غيرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مسار حياة الآلاف من سكان القطاع خلال العدوان الأخير على القطاع، فعاد من كان لاجئا إلى الخيام والملاجئ، ومن لم يجرب اللجوء سابقا، كان له في الحرب نصيب منها لتنصب له خيمته الجديدة.
جيش الاحتلال الإسرائيلي أعاد خلال عدوانه الأخير عقارب الزمن 66 عاما للوراء، عبر إعادته المواطنين إلى عهد الخيام مرة أخرى.
المواطن شاهر حمدية من سكان حي الشجاعية شرق غزة والذي يعيش بالقرب من متنزه القبة قال لـ'وفا'، 'في 22 من شهر تموز الماضي استهدفت قوات الاحتلال حي الشجاعية، ودمرت منزل العائلة المكون من 3 طوابق والذي يؤوي 17 فردا، ما اضطرنا للإقامة عند أحد الأقارب في شمال غزة'.
وأشار إلى أنه وبعد التدمير الكامل للمنزل أقام خيمة وتناوب وإخوته على حماية ما تبقى من أنقاضه، مشيرا إلى أن أسرته لم تتلق أي مساعدات غذائية غير الأغطية التي تلقتها من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ولم تقم الجهات المعنية بتسجيل اسم عائلته في كشوفات من دمرت منازلهم.
وأكد أنه لم يعد يثق بأحد، وأن عدم إعمار غزة بعد حربي 2009 و2012 هز ثقة الناس بالمسؤولين .
واعتبر أن طرح موضوع 'الكرفانات' والخيام تزيد من معاناة الأسر خاصة أن الشتاء على الأبواب، وأعرب عن أمله بأن توزع الشقق السكنية على الأسر كبيرة الأعداد، وأن توزع في إطار الاستحقاق وليس بالمحسوبية، كما تم توزيع المساعدات المالية والغذائية التي انتفع منها العديد من الأسر التي لم تتعرض لأي دمار في حين لم تستفد منها العديد من الأسر المنكوبة.
من جانبه قال وزير الشؤون الاجتماعية شوقي العيسة 'إن نحو 18 إلى 20 ألف أسرة يعيشون في المدارس وهناك الآلاف ممن يعيشون عند أقاربهم وليس في مراكز الإيواء، خاصة أنهم فقدوا بيوتهم بشكل كامل أو جزئي، ولم يعد يمكنهم العيش بها بسبب حجم الدمار الكبير الذي تقدر تكلفة إعماره بنحو 6 مليارات دولار'.
وأشار إلى أن الحكومة أصدرت قرارا باستئجار مساكن للعائلات التي فقدت منازلها وأن وجود ما يقارب من 800 شقة سكنية فقط غير قادر على استيعاب الآلاف من المواطنين الذين دمرت منازلهم، الأمر الذي حذا بالحكومة أن تفكر في توفير 'كرفانات' مؤقتة إلى حين إعادة إعمار المنازل المدمرة.
وعن 'الكرفانات' قال العيسة، 'الحكومة تحتاج إلى توفير 10 آلاف كرفان، حيث تبلغ تكلفة الكرفان الواحد 7 آلاف دولار أميركي، وقد تبرعت تركيا بألف كرفان فقط ويستغرق وصول الكرفانات إلى قطاع غزة مدة زمنية'، مضيفا أن الحكومة طرحت توفير خيام لأهالي غزة المدمرة بيوتهم إلى حين توفير ووصول الكرفانات ومستلزماتها من مواد بناء لتثبيتها، وشبكها بشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء .
وقال، إن المواطنين وعدد من المسؤولين رفضوا فكرة الخيام، ولكن لم يعد أمامنا خيار لأن وصول الكرفانات سيستغرق وقتا طويلا للنقل من دولة المنشأ إلى مصر ومن ثم إلى غزة عبر معبر رفح، مشيرا إلى ضرورة توفر هامش من الثقة بين الحكومة والشعب لتنفيذ مهامها خاصة أن حكومة الوفاق حكومة مؤقتة وغير حزبية.
وأكد أن 'حكومة الوفاق سعت منذ بداية الأزمة إلى مساندة أهالي قطاع غزة وتوفير حاجاتهم الأساسية والمواد الغذائية، كما أرسلت 15 مليون شيقل للوزراء في غزة لتوزيع 300 شيقل على كل أسرة، مؤكدا استمرار حملات المساعدات وتوفير الوجبات للنازحين في دور الإيواء والمدارس'.
وأعرب عن أمله بأن يوفر مؤتمر إعمار غزة المنوي عقده في أكتوبر المقبل، الدعم المالي اللازم لإعادة الإعمار وإيجاد حلول لأزمة المعابر، حيث لم يعد أمام المجتمع الدولي فرصة للتهرب من التزامه أمام أهالي القطاع بحجة حكم حماس والتي انتهت بتكليف حكومة الوفاق وبداية عملها منذ أشهر.
وأضاف ' في الأيام الأولى من العدوان أعطت الحكومة 10 ملايين دولار أميركي لبرنامج الغذاء العالمي لتوفير احتياجات أهالي القطاع، ومع استمرار العدوان ارتأت الحكومة أيضا تشكيل غرفة طوارئ مركزية لإغاثة المواطنين في قطاع غزة بقيادة وزارة الشؤون الاجتماعية ومندوبين عن الوزارات والمؤسسات المدنية والدولية لتقديم الدعم الرسمي وغير الرسمي لقطاع غزة، وأنه خلال عمل الغرفة المركزية عبرت أكثر من 90 شاحنة قاطرة ومقطورة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.'
وأكد أنه لم تكن رقابة على الشاحنات بعد عبورها معبر كرم أبو سالم بسبب خضوعها لسيطرة حماس، وأن حكومة الوفاق ليس لديها أي سلطة على الأرض، حيث رفضت حماس تزويد الوزارة والجهات المعنية بتفاصيل توزيع المساعدات على أهالي القطاع، مشيرا إلى أن الرقابة بعد انتهاء العدوان أصبحت أسهل، مؤكدا أن عملية استئجار الشقق وتوزيع المساعدات سيشرف عليها وزراء حكومة الوفاق في قطاع غزة.