ناشطو فتح في غزة يعيشون ليالي طويلة من الوجع والألم
يرقد ابو جهاد، وهو من حركة فتح وقدم من غزة للعلاج في أحد مستشفيات الضفة الغربية بعد اصابته بساقيه، في سرير في المستشفى مؤكدا "لن أنسى في حياتي ان مسلحي حركة حماس اطلقوا تسع رصاصات عن كثب على ساقي خلال الحرب فقط لأنني من حركة فتح".
ويروي ابو جهاد (27 عاما) من كوادر حرس الرئاسة في غزة بإعياء كامل لوكالة فرانس برس "في بداية الحرب، قدم مسلحون ملثمون ومقنعون من حركة حماس وقاموا بابلاغي اني تحت الاقامة الجبرية. وطلبوا مني عدم مغادرة البيت تحت اي ظرف"، مشيرا الى انهم "فرضوا الاقامة الجبرية على نحو 300 عضو من الحركة".
وتتهم حركة فتح، حركة حماس بفرض الاقامة الجبرية على 300 من نشطائها في قطاع غزة خلال الحرب الاسرائيلية الاخيرة، بالاضافة الى التسبب باصابة العشرات منهم.
واضاف "بعد حوالي شهر خرجت من بيتي الى الشارع لأتمشى قليلا وفجأة ظهرت سيارة خصوصية خرج منها ثلاثة مقنعين يرتدون الاسود، توقفوا وسألوني عن اسمي، ثم أمروني بالوقوف على الحائط واطلقوا النار علي من مسافة صفر، واصابوني بتسع رصاصات في ساقي". وقال ايضا "الناس خرجت من بيوتها على صوت الرصاص وطلبوا لي الاسعاف"، مؤكدا انه تلقى العلاج في مستشفى الشفاء في غزة في البداية ثم تم تحويله بناء على طلب من الرئاسة الفلسطينية الى الضفة الغربية.
واكد ابو جهاد، وهو اسم مستعار، "سأعود الى غزة ولا أريد ان يقوموا بايذاء عائلتي.لا تتخيلون مدى الاذى الذي يمكن ان تقوم حماس بالحاقه بعائلاتنا". وتابع "لم اعتقد في حياتي ولو للحظة واحدة ان اصابتي ستكون من حماس لانني من تنظيم فتح".
ويئن شاب آخر يرقد في المستشفى يدعى ابو احمد (23 عاما) وهو عضو ايضا في حركة فتح، من شدة الالم بسبب تهشم عظام الساقين بعد اطلاق النار عليه من قبل مسلحين ملثمين. وقال لوكالة فرانس برس وهو يتحدث بصعوبة بالغة "كنت اقف بجانب بيتي عندما قدمت سيارة خاصة نزل منها ملثمون يرتدون الاسود اوقفوني على الحائط ورشوا ساقي بتسع عشرة رصاصة وقالوا هذه هدية لفتح". وتابع "لم أشعر بساقي ووقعت ارضا، نزلت كل عائلتي عند سماع الرصاص من البيت وعندما نزلت عائلتي فر المسلحون من المكان".
لكن عمه ابو اياد الذي كان يرافقه قال "انه لم ينم طوال الليل من الوجع والألم". واكد ابو اياد "كل عائلتنا في غزة مع حركة فتح وأعداد كبيرة من فتح تحولوا الى تنظيم الجهاد الاسلامي حتى يحموا انفسهم من حركة حماس التي جردت فتح من اسلحتها ولان الجهاد يتمتع بسمعة طيبة وقوي وتخشى حماس الاحتكاك معه".
وفي قطاع غزة، يخاف اعضاء حركة فتح من الحديث مع الصحفيين وطلب جميعهم التحدث باسماء مستعارة خشية انتقام حركة حماس منهم. ويروي ابراهيم الذي يعمل مع الشبيبة الفتحاوية انه في اليوم الثاني من الحرب "جاء أربعة مسلحين ملثمين من حركة حماس ودخلوا بالقوة الى منزلنا بطريقة عنيفة". واضاف "حتى ابنتي التي تبلغ من العمر اثني عشر عاما بولت على نفسها من الرعب، وقاموا بتسليمي ورقة مختومة بختم القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) وحظروا علي الخروج من البيت طوال فترة الحرب".
لكنه اشار بعدما أظهر أمر الاقامة الجبرية انه كان يخرج الى الشارع رغم امر المنع "فعائلتي كبيرة وتشكل حماية لي". واوضح ان ابناء حركة فتح في القطاع "لا يشعرون بدعم من حركة فتح في الضفة وحتى القيادة في احسن الاحوال ترسل لنا تبريكاتها. ولا يجرؤ احد على مواجهة حماس".
واتهمت حركة فتح حماس بالتسبب بمقتل أحد كوادرها الذي كان يخضع للاقامة الجبرية فترة الحرب.
من ناحيته، ندد المتحدث باسم حركة فتح احمد عساف "بأعمال حماس الاجرامية باطلاق النار على ارجل ابناء فتح". وأكد عساف لوكالة فرانس برس "في ظل هذه الجرائم التي لا يقبلها عقل، ستقوم لجنة خاصة شكلت خصيصا للتحدث مع حماس بشأن مستقبل المصالحة".
ويقول ابو جهاد الذي سيعود الى غزة بعد الشفاء "لو ان حماس تشك فينا اصلا، فلماذا لم تقم باعدامنا مثلا مثلما اعدمت 18 شخصا قالت انهم عملاء؟ لماذا لا تقدمنا الى محاكم لمحاكمتنا؟ انهم يعيدون تجربة العام 2007 عندما قاموا بالانقلاب واطلقوا الرصاص على ارجل المئات من ابناء فتح لتركهم مع اعاقات، دون قوة تقف في وجههم يوما ما".
وتزايدت الهجمات والاتهامات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس اللتين وقعتا اتفاق مصالحة في نيسان الماضي، ما أثار مخاوف من انهيار المصالحة الفلسطينية.