غزّيات يبدعن ويتبادلن الفن الفلسطيني التقليدي مع العالم
محمد أبو فياض
بخبرة تزيد عن 64 عاما يستعد 'مشروع سلافة للتطريز' للخروج من الحرب التي دامت 50 يوما، بإيجاد سوق جديدة لتوفير فرصة عمل لعدد أكبر من اللاجئات الفلسطينيات.
من خلال المشروع، أبدعت مجموعة نسوة فلسطينيات، استخدمن مواهبهن وإبداعاتهن لضمان الدخل اللازم لأسرهن، وفي نفس الوقت يشاركن الفن الفلسطيني التقليدي مع العالم.
أنشئ مشروع سلافه للتطريز عام 1950 كمشروع مدرّ للدخل تابع لبرنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين 'الأونروا'.
ينتج 'سلافة' بضائع من المطرزات لتسويقها محليا ودوليا، والحفاظ على جزء من الثقافة الفلسطينية الحرفية.
تتلقى عدة مئات من النسوة الطلبات عبر 'سلافة'، حيث يتم تزويدهن بالمواد اللازمة والتدريب المستمر من خلال المراكز المحلية قبل إتمام عملهن بالمنازل.
هذا العام، بدأ 'سلافة' عملية تطوير عمله التجاري لمواءمة عملياته بشكل أكبر مع اتجاهات المشاريع الاجتماعية السائدة. ومع تعيين مستشار للتصميم الدولي، بدأ 'سلافة' العمل على خط إنتاج جديد لمعرض نيويورك الدولي المرموق للهدايا، من 16 إلى 19 آب/ أغسطس.
قام مشروع سلافة بشراء مواد خاصة تم استيرادها خصيصا لهذا المعرض، لكن لم يكن بالاستطاعة إدخال هذه المواد لغزة في الوقت المناسب نظرا لـلحصار. وقبل الانتهاء من إنتاج العينات، تم تعليق عمليات 'سلافة' بسبب العدوان الإسرائيلي، وتحول متجر سلافة، الذي يقع ضمن مجمع المدارس في مدينة غزة، إلى أحد ملاجئ 'الأونروا' الطارئة.
بدعم من 'الأونروا'، كان من المفترض أن تغادر مشرفة مشروع سلافة للتطريز سمية أبو عودة التي تتمتع بعشرين عاما من الخبرة، قطاع غزة المغلق لحضور المعرض التجاري في نيويورك.
وبسبب التصعيد العسكري لم تستطع المغادرة، إذ أن المعبر الوحيد العامل مع إسرائيل أغلق في وجه القلة من 'المحظوظين' الذين حصلوا على تصاريح خاصة للسفر.
'أحزنني بشدة فقدان هذه الفرصة للذهاب إلى نيويورك والمشاركة في المعرض. عملنا بجد كبير للتحضير لهذا الحدث، وكنّا نأمل أن نقوم بتمثل النساء اللواتي عملن بلا كلل للترويج لمنتجات مشروع سلافة للتطريز'، قالت سمية.
وأضافت: 'بالنسبة لنا، وكوننا من غزة، فإن المشاركة في معرض في نيويورك تعتبر فرصة مميزة. قمنا بتكييف تصاميم منتجاتنا بحيث تعكس أصالتنا وتقاليدنا الفلسطينية، وفي نفس الوقت تلائم الزبائن في نيويورك'.
وتدخل أحد المانحين الصغار (صندوق تخفيف الفقر)، الذي يرتبط مع سلافة بعلاقة طويلة، لإنقاذ هذه الفرصة. وبالتحرك بسرعة خلال اتفاق لوقف إطلاق مؤقت، تسللت أبو عودة إلى المتجر وأحضرت كل العينات المتوفرة والتي كان من المقرر أن تسافر بها إلى نيويورك، وسلّمتها إلى موظفة دولية في 'الأونروا'.
وقالت أبو عودة: 'كنت مصرّة على تقديم الدعم الكامل لزميلتي التي سافرت بدلا مني، ورغم حزني لفقدان أحد أقاربي في الحرب، ذهبت إلى مقر 'سلافة' بمرافقة ابنتي البالغة من العمر 21 عاما لتساعدني بتجهيز الأغراض لإرسالها إلى نيويورك'.
وأضافت: حملت الموظفة الدولية ' المنتجات باليد إلى نيويورك حيث المعرض، وقامت شبكة من داعمينا بترتيب طريقة عرض بسيطة ومذهلة للمنتوجات في المعرض.
وفاقت استجابة السوق لعرض 'سلافة' كل التوقعات، وحصل مشروع سلافة على مبيعات تجارية، وطلبات إنتاج، والعديد من الاستفسارات عن إمكانية العمل في غزة ومزيد من العروض لمشاركة 'سلافة' في مناسبات وأحداث صناعية خلال الخريف.
وبخبرته الواسعة والطويلة يستعد مشروع سلافة للخروج من الصراع الحالي، وقد أوجد سوقا جديدة لتوفير فرص عمل لعدد أكبر من اللاجئات الفلسطينيات.
وختمت أبو عودة: 'أصلي للسلم والأمان والعيش الكريم لأهالي قطاع غزة، ولهؤلاء النسوة اللواتي عرضت منتجاتهن في نيويورك، والله وحده يعلم كم منهن هدم منزلها وشردت، وكم منهن جرح أو قتل'.