ندوة لـ'ماس' تدعو الى تحويل مقاطعة منتجات الاحتلال الى رافعة للاقتصاد الوطني
اجمع متحدثون في ندوة دعا اليها معهد ابحاث السياسات الاقتصادية 'ماس'، في مقره برام الله اليوم الثلاثاء، على ان الحملة الشعبية لمقاطعة منتجات الاحتلال حققت نجاحا كبيرا، مؤكدين ضرورة استغلال هذا الزخم لتحويل المقاطعة الى رافعة للاقتصاد الوطني.
وقال مدير البحوث في 'ماس' سمير عبد الله إن حملة المقاطعة هذه المرة 'مختلفة عن سابقاتها، سواء من حيث حجم المشاركة الواسعة، او من حيث تقدم المنتجات المحلية بشكل كبير في مجال الجودة، ما يبشر بان فرص نجاح مقاطعة منتجات الاحتلال مؤكدة'.
واضاف 'آن الاوان لاستغلال هذه الحملة في ترسيخ ثقافة جوهرها تفضيل المنتج المحلي، وتغيير نمط الاستهلاك، بما في ذلك الاستغناء عن قائمة مهمة من السلع في سلة انفاق المواطن الفلسطيني'.
وفي هذا السياق، دعا عبد الله الى تخصيص حصة اسبوعية في المدارس للتوعية بأهمية مقاطعة منتجات الاحتلال ودعم المنتجات المحلية'.
وقدم الخبير في التجارة الدولية، محمود الجعفري، ورقة ناقشت علميا اهمية مقاطعة منتجات الاحتلال لإنجاح خطط طالما فشلت حتى الآن في اعادة هيكلة الاقتصاد الفلسطيني وفكفكة تبعيته للاقتصاد الاسرائيلي وتنويع شراكاته مع العلام الخارجي.
وقال 'حتى وقت قريب، كنا نتحدث عن اعادة هيكلة للاقتصاد الفلسطيني، واعادة صياغة العلاقة الاقتصادية مع اسرائيل، وثبت ان الاداة الافضل لذلك هي المقاطعة، حيث تؤدي الى زيادة الطلب، وهذا بدوره يؤدي الى زيادة الانتاج، وما يتطلبه من استثمار، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة والحد من مشكلة البطالة'.
ولفت الجعفر الى ان دراسة قائمة السلع التي نستوردها من اسرائيل بينت امكانية خفض حجم الواردات منها الى 50% من حجمها الحالي، لكن شدد على ان تطبيق ذلك يتطلب سياسات واجراءات على المستوى الرسمي الكلي وكذلك الجزئي (القطاع الخاص والمستهلك).
فعلى المستوى الكلي، دعا الجعفري الى تبني سياسات عامة داعمة للمنتج المحلي، وخفض الاعتماد على المقاصة، والقيام بحملة واسعة في الخارج لتبيان ان هدف الحملة بناء اقتصاد وطني، فيما دعا على المستوى الجزئي الى وضع برامج واجراءات للمستهلكين والمنتجين على حد سواء، لضمان استمرار المقاطعة.
من جهته، قال رئيس اتحاد الصناعات الغذائية بسام ولويل ان المقاطعة بزخمها الحملة الحالي تأخرت، 'وما كان علينا ان ننتظر قتل الاطفال وهدم البيوت في غزة'، داعيا الى مأسسة هذه المقاطعة لتصبح جزءا لا يتجزأ من المقاومة الشعبية للاحتلال'.
وشدد ولويل على اهمية تعزيز قطاع الصناعة لبناء اقتصاد وطني مستقل، وخصوصا الصناعات الغذائية، الذي يستأثر بنحو 25% من حجم الصناعة المحلية.
وقال: تبلغ الاستثمارات في قطاع الصناعة نحو 700 مليون دولار، فيما يصل حجم الصادرات الى حوالي 170 مليون دولار تتوزع على أسواق اميركا وأوروبا والعالمين العربي والاسلامي، فيما تغطي الصناعات الغذائية نسبة 80% من سلة المستهلك من الاغذية.
فيما لفت رئيس المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص، ابراهيم برهم، الى ان حملة المقاطعة الحالية 'تقاد لأول مرة من قبل المستهلك، في ظل جهد مشترك، رسمي وخاص، لتشجيع المنتج المحلي وتعزيز الصادرات، 'وهما مشهدان منسجمان، يشكلان بداية مشجعة ومثمرة'.
وقال 'اتساع حملة المقاطعة يتطلب دراسة متأنية حول توفر البدائل، بما يكفي من حيث حاجة السوق، وبجودة عالية'، محذرا من ان استمرار المقاطعة دون تعميق العلاقة مع الاسواق الخارجية يحمل في طياته مصاعب جمة.
وبحسب برهم، فان النجاح في تحويل المقاطعة الى رافعة للاقتصاد الوطني، يتطلب من الشركات العمل على توسيع الانتاج وتحسين الجودة، كما يتطلب من الحكومة تطوير البنى التحتية لتسجيع الاستثمار، واصدار قرار واضح بتفعيل اعتماد المنتج المحلي كأولوية في المشتريات العامة، وتحقيق العدالة الضريبية، وتوسيع الاستيراد من الخارج، وانشاء صناعات استراتيجية كالإسمنت.
واقر صلاح هنية، رئيس جمعية حماية المستهلك في رام الله، واحد ابرز الناشطين في الحملة الشعبية لمقاطعة منتجات الاحتلال، بأن الحكومة اكثر تفهما للمقاطعة هذه المرة، واكثر قبولا للمنتج الوطني، لكنه انتقد بشدة القطاع الخاص 'لعدم تجانسه' تجاه المقاطعة، متسائلا عن سبب غياب بعض القطاعات والمؤسسات عن هذا الجهد، كاتحاد صناعة الحجر، واتحاد شركات التكنولوجيا، ومستثمري العقارات، وصمت الغرف التجارية.
وقال: 'القطاع الخاص خسرنا عدة معارك في السابق'، مستذكرا الفشل في التعامل مع قضية الحليب الطازج من انتاج 'تنوفا'، وكذلك حليب 'متيرنا' قبل سنوات.
كما تساءل عن سبب تلكؤ السلطة الوطنية في حماية المنتج المحلي، في وقت سارعت الى حماية قطاع الاتصالات بقرارات حاسمة لمنع تسويق خدمات الشركات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية.
وأضاف 'لا يجوز تحميل المستهلك وحده مسؤولية نجاح مقاطعة منتجات الاحتلال. نجاح المقاطعة يتطلب دور مهم من القطاع الخاص، كما يتطلب استراتيجية واضحة من الحكومة'.