جمعية الحق في الحياة .... بأي ذنب قصفت ؟؟
غزة - لا يزال الفلسطيني يكابد أحلك الظروف كي تواصل الحياة مسيرتها يوائم نفسه مع قساوة جميع الأحوال سيما التي يعايشها أهل غزة بعد الحرب الاخيرة التي استمرت (51 يوماً) والتي أكلت الخضر واليابس ولم تبق حجراً ولا شجراً ولم ترحم بشراً ، وأصبح الركام يزين طرقات غزة من الجانبين وأصبح الموت أحد عناوين الحياة الغزية.
تسير الحياة في غزة تلملم جراحاتها محاولة العودة إلى طبيعتها ، الحياة في جمعية الحق في الحياة جزء من حياة أهل غزة وهي التي اتخذت لنفسها هذه الشعار وكأن المراد هو إطلاقه في هذه المرحلة كي تكون عنوان للاصرار على مواصلة الدرب في مسيرتها في العمل الانساني والتأهيلي لذوي متلازمة داون وذوي التوحد ، تعود الروح لطلاب الجمعية من بيت طيات الموت ،إن صح الوصف، ومن فوق الركام ومن بين الانقاض ووسط تساقط الاشجار بين جنبات الجمعية وخطورة الزجاج المتناثر ينفض العاملين غبار الحرب والنهوض بهمة أكبر من ذي قبل وإصرار على الحياة وكأن لسان الحال " لن نسمح لأي عائق مهما كان أن يحول دون استمرار مسيرتها ورسالتها النبيلة تجاه ذوي متلازمة داون وذوي التوحد.
الحق في الحياة تبدأ عامها الدراسي وهي تقول :"بأي حال عدت يا عام"، وسط ظروق قاسية فرضتها الحرب على غزة بحكم موقعها الحدودي ، كي لا يلقى أطفالنا في الشارع شأن العديد من المؤسسات التي أغلقت أبوابها وأقامت في سبيل ذلك خيام مؤقتة في حديقة الجمعية تكون بمثابة فصول دراسية حتى يتم إصلاح ما تم تدميره خلال القصف كي لا يفوت على أطفالنا عامهم الدراسي
اصرار على الحياة
الطالب أحمد أبو بشارة،وهو من ذوي متلازمة داون ،بعد عودته وزملاؤه إلى الجمعية مع بداية العام الدراسي يتأمل الدمار الذي حل بالجمعية وكأنه يستذكر الجمعية قبل القصف بمبانيها الجميلة وحديقتها الخضراء الرائعة التي تزينها وكأنه يقول :" هذه جمعيتي التي ستبقى حية ما بقينا أحياء".
الطالب هاني أبو زبيدة والذي يقف أمام يافطة مكتوب عليها " بأي ذنب قصفت" ، مع زميله أحمد الطهراوي ،وهما من ذوي متلازمة داون من العاملين في الجمعية، يشيرا إلى مظلة حديقة الجمعية وما حل بها من تخريب بعد أن كانت مع الحديقة المحيطة بها ساحة اللعب الخاصة بالطلاب وهو يتساءل عن الدمار بعد أن كانت بالنسبة لهم جنتهم على الارض.
الطالبة هبا الشرفا وكأنها ناطقة باسم أطفال ذوي متلازمة داون وربما أكثر تعبيراً عما يجول في خاطر هؤلاء الأطفال ، فإن عجزت ألسنتهم عن الكلام فتقاسيم الوجه أكمل تعبير، الطالبة هبة إن أمكن ترتيب حروف كلماتها في أجمل تعبير تقول :" سأحضر إلى الجمعية وإن وجدته ركاماً سآتي إلى الخيمة التي تبنى في تصميم على الحياة وهو الشعار الذي أعتدنا عليه في جمعيتنا مهما كان الموت من حولنا.
الاتصال باخلاء المقر
في تفاصيل الدمار وما حل بالجمعية تسرد السيدة عدالة أبو ستة أبو مدين رئيس مجلس الإدارة، وقائع استهداف الجمعية قائلةً :" تلقيت يوم الاربعاء 16/7/2014 الساعة 11 ليلاً أثناء مرحلة القصف الجوي اتصالاً هاتفيا من ضابط الارتباط من الجانب الاسرائيلي يطالب باخلاء المقر تمهيداً لضرب المباني ، حيث أكدت له خلالها عدم وجود اي عنصر من المقاومة أو أية أنشطة عسكرية انطلاقاً من الجمعية ، وأشار الضابط عليها إلى وجود منصات صواريخ أعلى مركز التدريب والتنمية المجتمعية داخل الجمعية ووضحت له بأن ما يتحدث عنه هي ألواح للطاقة الشمسية للمركز.
وتستطرد ابو مدين : " ورغم ذلك تم الطلب من حارس الجمعية بالمغادرة حفاظاً على حياته ، حيث تم بعدها مباشرة باستهداف سطح المبنى بصاروه تحذيري ، ومع دخول الحرب مرحلتها البرية انقطعت الاخبار عن الوضع في الجمعية نظراً لخطورة الوضع في ذلك الوقت والقصف العشوائي الذي طال كل شيء، وخلال فترات التهدئة استطاعت ادارة الجمعية الوصول إلى المقر والاطلاع على حجم الدمار الذي لحق بمراكز الجمعية.
وبحسب السيدة أبو مدين فإن خسائر الجمعية بلغت تقديرياً (1.440.000 دولار) تشمل أضرار مباني والمرافق والمساحات الخارجية والداخلية والورش المهنية وباصات الجمعية وأضرار فرع الجمعية في الجنوب.
تصر الحق في الحياة على استمرار الحياة وتكافح من أجل منح الحق في الحياة لأهلها مهما كانت الظروق قاسية وهو ما واجهته الجمعية وما ستواجهه طوال مسيرتها المديدة منذ 22 عاماً .