الصابون الكنعاني .. يصنع بآلاته القديمة في الخليل
أمل حرب
تشير مدخنة مصنع صابون النتشة في مدينة الخليل إلى أن هنالك مصنعا يعمل منذ عام 1945م، بذات الآلات القديمة التي أكل الصدأ منها حتى أصبحت شبه خردة.
ويحرص القائمون على المصنع على استخدام نفس المواد الخام، وطريقة تصنيعها التقليدية، للمحافظة على جوهر هذه الصناعة التراثية وأصالتها التاريخية.
وأكد مدير المصنع سلطان مصطفى عبد النبي النتشة، أن إدارة المصنع تجتهد في المحافظة على التراث الكنعاني الاصيل في صناعة الصابون، مشيرا الى ان المواد الخام التي تستخدم منذ آلاف السنين من زيت الزيتون الصناعي 'زيت الجفت' او ما يسمى بمخلفات العجمة زيت حار، تكون نسبة الحموضة فيه عالية من 20 الى 45 % والذي لا يستخدم للأكل ، بالإضافة الى هايدروكسيد الصوديوم، والملح الصناعي، والماء.
وشرح النتشة مراحل تصنيع الصابون الكنعاني الذي يمر بعدة مراحل، ففي المرحلة الاولى يتم وضع المكونات في قدر كبير على نار الحطب الحامية مع التحريك الالي حتى تتجانس العجينة لمدة اربعة ايام، ثم تصب في قوالب مربعة الشكل تترك حتى تبرد وتنشف لعدة ايام، ثم تزال القطع الزائدة من هذه المربعات ويتم تنظيم شكلها وملمسها، ثم تغلف بورق يحمل اسم المنتج والمصنع.
وأضاف النتشة أن ميزات الصابون الفلسطيني، انه لا تدخله الرغوات الصناعية، والألوان، والروائح للحفاظ على اصالة الصناعة، مبينا ان الصابون التقليدي قوي على الاوساخ، منظف فعال لإزالة البقع العنيدة، والقديمة، ولكنه يحافظ على البشرة لخلوه من المواد الكيماوية.
اما بالنسبة لتسويق المنتج اكد النتشة، ان محافظات الضفة الغربية تستوعب الكمية المنتجة الحالية، وان المصنع يعمل حسب كمية الطلب، مبينا ان حجم الطلب وكمية الانتاج قليلة بالنسبة الى الفترة السابقة، حيث لم تكن هنالك سلع مستوردة منافسة للسلع الفلسطينية، وإنما كان هنالك تنافس بين مصانع مدينتي نابلس، والخليل على انتاج الصابون والتسويق في الضفة الغربية، والأردن.
وأشار الى انه في الوقت الحالي يعمل في المصنع ستة عمال، في حين كان يعمل فيه بالماضي اثنا عشر عاملا ، وأصبح العمل على فترات وحسب الحاجة.
وأضاف النتشة، أن المصنع في الماضي كان يعمل فيه اكثر من خط انتاج، معصرة للزيتون، ومصنع لعصير البندورة، وكافة مستلزمات هذه الصناعة، معتبرا ان الصناعة المستوردة قضت على الصناعة الفلسطينية الاصيلة التي تتمتع بميزات صحية وفعالية اكثر من المستوردة بتغليفات وألوان وروائح تسر المستهلكين.
وأكد أن الاحتلال له دور كبير في اضعاف الاقتصاد الفلسطيني عن طريق اغراق الاسواق المحلية بأنواع متعددة من الصابون الاجنبي والإسرائيلي بأثمان رخيصة.
من جانبه، قال العامل مهند مرقة، انه يعمل في هذا المصنع منذ 13 عاما، في قسم التغليف والتعبئة، وأصبح عمله على فترات وحسب الطلب، نتيجة قلة الطلب على هذه السلعة ومنافسة البضائع المستورد لها، مؤكدا أهمية المحافظة على إصالة وتراث صناعة الصابون في فلسطين.
بدوره، اكد العامل عبد الله النتشة (17 عاما) انه يعمل مع عائلته في هذا المصنع منذ الطفولة، في اللصق والتعبئة، والتوزيع، متمنيا أن تبقى هذه الصناعة رائجة، وان يعرف الناس قيمتها وميزاتها، وان يجربوها في أعمال التنظيف المختلفة، لدعم المنتج المحلي، الذي يحمل عنوان الأصالة والتراث والتاريخ الفلسطيني العريق.