الهجرة القاتلة..
آمال كبيرة يعلقها الشباب العربي على الهجرة للغرب حلما بالحياة المثالية والرفاهية.. يجلس الراغب في الهجرة ساعات يحلم بالعيش في دول مختلفة يحفظ شوارعها ومدنها ولا يجد أمامه للوصول إليها سوى الهجرة وحتى لو كانت قاتلة.
الشباب الفلسطيني إن لم يمت في العدوان على غزة مات بمغامرة الهجرة غير الشرعية، صورة أخرى لا تقل مأساوية عن صور العدوان الأخير على قطاع غزة، عصفت بمخيلة المجتمع الفلسطيني وشوهت الصورة الوردية للسفر تمثلت بغرق أحد القوارب والذي كان يحمل 500 مهاجر عربي غير شرعي منهم 300 فلسطيني قضى غالبيتهم في عرض البحر الأبيض المتوسط.
يقول الشاب م. ن ( 28 عاما) من سكان مخيم الشاطئ في مدينة غزة والذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه تخرج من كلية التجارة فرع محاسبة وهو عاطل عن العمل منذ أكثر من عامين.
وأضاف 'بالرغم من كل ما سمعت عن غرق القارب إلا أن رغبتي بالهجرة لا تزال قائمة وأنا مستعد للمخاطرة والهجرة غير الشرعية عبر القوارب، حيث إنها الطريقة الوحيدة المتوفرة، قائلا 'الهجرة بظروفها السيئة لن تكون أقسى من الحياة في قطاع غزة في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي'.
وقال إن الهجرة تجربة يطمح لتحقيقها غالبية الشباب الغزيين، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من الراغبين بالهجرة تراجعوا عن فكرة الهجرة غير شرعية بالقوارب خاصة بعد الهجوم الذي تعرض له القارب منذ أيام.
وأشار إلى أنه مستعد للحياة في أي دولة يستطيع الوصول لها، وأنه اتصل بأحد تجار هذه الهجرات واتفق معه على ترتيبات الهجرة بالقوارب من شواطئ مصر للدول الغربية.
وأكد أن الهجرة، وحتى القاتلة منها، كانت السبيل الوحيد أمام جيرانهم في المخيم من عائلة أبو بكر والتي اضطرت إلى مغادرة القطاع عشية الانقلاب عام 2007 متجهة إلى مصر وعاشت هناك دون إقامة مما اضطرها الى الهجرة بالقوارب حيث قضى 18 فردا منهم في غرق القارب.
تختلف الأهداف من وراء الهجرة ولكنها غالبا ما تكون لتحسين ظروف حياة الانسان، وفي غزة أجمع غالبية من تحدثنا اليهم خلال إعداد التقرير على أن الراغبين بالهجرة يفكرون بها لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة ومن أهمها التمتع باستخدام الكهرباء!!.
كذلك قال الشاب ط،ك (30 عاما) من سكان مدينة غزة والذي فضل عدم ذكر اسمه أيضا وهو يعمل في بيع كماليات السيارات وأب لطفل في عامه الأول 'أفكر بالهجرة لأي دولة تفتح أبوابها أمامي'، مضيفا 'لكن بعد ما حدث من غرق للقارب في البحر المتوسط وموت المئات لا أفكر بالهجرة غير الشرعية لأني لا أريد أن أفقد حياتي ويعيش ابني يتيما'.
ويصف استمرارية الحياة في غزة بالمستحيلة 'عدنا أزمة بكل شيء ما في فرص عمل والحروب المتعاقبة جعلت من كل شيء صعب وأزمة الكهرباء المتواصلة منذ سنوات أنهكت الناس' مشيرا الى أن مساعيه للهجرة مستمرة وإنه مستعد لبذل قصارى جهده من أجل توفير فرصة هجرة ولكن دون تعريض نفسه للخطر.
يجدر بالذكر أنه جاء في نتائج المسح لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2011 ان 6.7 % من الأسر الفلسطينية لديها مهاجر واحد على الأقل أغلبهم من الشباب ما دون الثلاثين عاما هاجر 50% منهم قبل عام 2000.
وأظهرت النتائج أيضا أن 34.4 % من المهاجرين الى الخارج كان لتلقي التعليم في الخارج وأن 14.6 من المهاجرين كان لتحسين مستوى معيشتهم، و 13.7 من المهاجرين كانوا بسبب عدم توفر فرص عمل في فلسطين، هاجر غالبيتهم للمملكة الأردنية ودول الخليج وأكثر من خُمس المهاجرين قصدوا الولايات المتحدة الأميركية.