الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

أم محمد القنيبي: هكذا نعيش!

وفا- حمزة الحطاب

حجارة قديمة زاهية بلونٍ وردي وأقواس منمّقة جميلة، وأزقة تعبق برائحة التاريخ الممتدة طويلاً مع انتشار البيوت والمحال؛ تركيبةٌ "سريالية" لم تفلح في تحرير أهالي البلدة القديمة في مدينة الخليل من الارتهان لضنك العيش، فالأسواق تشكو قلة زائريها والبيوت تحن لساكنيها والمسبب غُزاة ادعوا لأنفسهم إرثا فيها.

أم محمد القنيبي التي تقطن منذ أكثر من ثلاثة عقود هيَ وزوجها وأربعة من أطفالها بأحد منازل البلدة؛ لم تخف أعجابها الشديد بروعة العيش هناك، رغم منغصات يفرضها وجود المستوطنين وحماتهم من قوى الجيش المحتل.

تروي أم محمد كيف أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 2008 بيتها لمدة ثمانية عشر يوما، ذاقت خلالها ألم الغياب رغم أنها اتخذت من فناء المنزل مكانا مؤقتا للسكنى.

وتقول:"حددت المحكمة الإسرائيلية يوما للبث في قضية بيتنا الذي أراد المستوطنون الاستيلاء عليه عنوة، وفي ذلك اليوم صدر الحكم بإعادة فتح المنزل وعودتنا إليه خلال ساعات. لم نطق الانتظار، فقررت أنا وزوجي أن نذهب إلى البيت وننتزع تلك السلالسل الحديدية التي حالت بيننا وبينه، قبل أن يبدأ سريان مفعول القرار القضائي".

منزل القنيبي هو أشبه بقبو كبير، فالنور النافذ من النوافذ المحمي زجاجها بعدة طبقات من "سياج" معدني سميك؛ يكاد يضيء المكان، والهواء الذي يتسلل إلى المنزل تتسابق الأنفاس لالتقاط ما فيه من حياة، والحلّ المتمثل بالسياج لا يشبه سوى أيادٍ تقبض على الخناق ولا تستقيم بدونها الحياة.

"الجنين في بطن أمه لم يسلم من الاعتداءات"، تقول أم محمد بغضب مستذكرة فقدان جنينها بعد أن استنشقت غازا ساما عبر إلى منزلها، وتزداد حنقا حين تروي كيف سقط أحد أبنائها أثناء قيامه بتوصيل الماء للخزانات بعدما بدأ أحد المستوطنين بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة عليه، وتردف: "نحن بحاجة إلى سياج جديد يغطي فناء المنزل الخارجي، ليدرء عني وأطفالي ما أمكن من أفعال المستوطنين، الهادفة لترحيلنا من المكان".

معاناة القنيبي لا تتوقف امام أنتهاكات المستوطنين وجيش الاحتلال المباشرة، فبيتهم تتحلل جدرانه وتتهاوى، وسقفه أضحى كقطعة خشب نخرة لكثرة ما فيه من أخاديد وشقوقٍ يرشح منها ماء الشتاء، والعث والعفن لا يفارقانه طوال السنة، ومجرد التفكير في الترميم والإصلاح أمر ممنوع.

تشير أم محمد بعد أن أذنت لنا بالتجوال في منزلها إلى رملٍ تراكم فوق أرض الحجرات وداخل أواني الطهي بفعلل تحلل الجدران، ثم ترفع رأسها لتلفت انتباهنا إلى خضرة احتلت السقف والزوايا بفعل عوامل التهوية والرطوبة، قبل أن تقول: "أنا أعيش معاناة لا يمكن لأحد آخر تحملها أو التعامل معها، حتى الطعام لا يمكنني إعداده في بيتي فكل ركن فيه يقطر رملا!".

تبلغ ذروة معاناة عائلة القنيبي في فصل الشتاء، خاصة حين تبدأ مياه الأمطار باتخاذ طريقها إلى البيت عبر تشققات السقف والجدران، وتذكر أم محمد أنها كانت تقوم بوضع قطع بلاستيكية فوق أغطية أبنائها تفاديا لتعرضهم للبلل.

وتتابع: "في معظم ليالي الشتاء لا أعرف النوم، وأقسم بالله أنني أسهر على متابعة أبنائي خشية من وصول الماء لهم وتعرضهم للبلل. هل يعقل أن يقوم أحد بوضع البلاستيك فوق الأغطية خشية من أمطار الشتاء داخل المنزل؟".
 

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024