الصمت المدوي..
بسام أبو الرب
كعادتها تخرج الطفلة هيا من مدينة طوباس، مع والدتها وجدتها، لزيارة والدها عامر ضبابات (27 عاما)، المعتقل لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي في سجن 'شطة'.
صبيحة ثالث أيام عيد الأضحى، اختلفت أحداث الزيارة التي اعتادت عليها الطفلة، ليس من حيث مرورها على حواجز الاحتلال والتفتيش أو عناء السفر ومشقاته، بل تحضيرا للقاء طال انتظاره بين أب وابنته بعيدا عن الحاجز الزجاجي الذي كان يمنعه من احتضانها.
وقال جميل ضبابات شقيق الأسير عامر: تقدم شقيقي عامر عدة مرات بطلب لرؤية ابنته الوحيدة واحتضانها داخل غرفة الزيارة، فوافقت إدارة السجون أخيرا على طلبه.
وأضاف: المشهد كان مختلفا وصعبا، فرغم فرحة الأسرى بوجود طفلة بينهم، إلا أن الصمت كان سيد الموقف، وبكى كل من كان متواجدا.
وتابع: مدة الزيارة كانت عشر دقائق، إلا أنها كانت انتصارا على القوانين الظالمة التي كانت تحرم الأسير من احتضان طفلته، وتحرمها من تحسس وجهه وتقبيله.
وقال ضبابات: إنها المرة الأولى التي يتمكن فيها شقيقه من احتضان طفلته، ففي كل الزيارات السابقة في معتقلي 'مجدو' و'شطة'، كان عامر وطفلته يريان بعضهما من خلال زجاج يفصلهما، ويتواصلان من خلال 'تلفون'.
لم يغب عن مخيلة ضبابات مشهد أحد الأسرى وهو يداعب توأمه من خلف الزجاج، ويحاول أن يلمسهم مباشرة، إلا أن الحاجز الزجاجي كان يحرمه من ذلك الشعور الإنساني.
وقال رئيس نادي الأسير قدوره فارس لـ'وفا'، إن اسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تنفرد بهذه الطريقة من الزيارات، بوضع حاجز زجاجي بين الأسرى وذويهم.
وأضاف إن إسرائيل تنتهج عدة سياسات لحرمان ذوي الأسرى من زيارة أبنائهم وأقاربهم، مشيرا إلى أنها تمنع الأطفال القُصَّر من زيارة أبائهم الأسرى إلا برفقة أمهاتهم، في حين أن هناك الكثير من الأمهات ممنوعات من الزيارة، ما يحرم الأسير من رؤية أطفاله حتى تبلغ أعمارهم العامين فما فوق.
وشدد فارس على ضرورة الضغط على إدارة مصلحة السجون لاتخاذ آليات خاصة تضمن تواصل الأسرى مع ذويهم خاصة الأطفال، أسوة بكل سجون العالم التي تسمح بالتواصل الإنساني بين الأسير وعائلته وتسمح لهم بالجلوس في غرفة واحدة وقت الزيارات.
وبيّن أن نادي الأسير طالب أكثر من مرة بإلغاء الحاجز الزجاجي الذي يفصل بين الأسير وذويه، وألغي لفترة وجيزة، ولكن كالعادة سرعان ما تتراجع إدارة السجون عن قراراتها.
يذكر أن عدد الأسرى داخل سجون الاحتلال بلغ نحو سبعة آلاف أسير موزعين على 16 معتقلا ومراكز توقيف.