فيديو- صراع العناقيد
دعاء زاهدة
في ميدان الرئيس محمود عباس وسط مدينة الخليل، يفترش محمد الجعبري جزءاً من الطريق عارضاً فاكهة إسرائيلية المنشأ للبيع.
'ليس هناك منتج فلسطيني يسد حاجة المستهلك، والرقابة الرسمية التي تنظم دخول البضائع الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني غائبة'، بهذا يبرر الجعبري قيامه ببيع الفاكهة الإسرائيلية، ويقول: 'معظم البضاعة التي نبيعها إسرائيلية، فحاجة السوق الفلسطيني كبيرة والمنتج الفلسطيني لا يسد حاجة السوق. العنب فقط هو المنتج الوحيد الذي يكفي ويزيد عن حاجاتنا، وبرغم ذلك تجد العنب الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية وبسعر أعلى وعليه إقبال من المستهلك'.
الجعبري يُحمل المورد الفلسطيني في سوق الخضار المركزي؛ المسؤولية الكاملة عن البضائع التي تغزو السوق المحلي قائلاً: 'الخلل فينا. الخلل في المشتري والتاجر. إذا كان المنتج المحلي أرخص وأجود، فلماذا نلجأ الى البضائع الإسرائيلية؟'.
مع شروق الشمس، يستيقظ خليل أبو ريان ليبدأ رحلة من أرضه لقطف ثمار أشجارها، نحو 'حسبة حلحول' من أجل تسويق منتجه الزراعي.
طوال العام يعمل أبو ريان على رعاية دوالي العنب، يحرث الأرض التي تحتويها ويشذب أغصانها ويرش قطوفها بأدوية تقيها الآفات الزراعية. يزرع كل عام ما بين 1000 إلى 1500 شتلة عنب جديدة، يعمل عليها وستة عمال. مجهود كبير وتكاليف عالية تترتب على ذلك.
'كانت بضاعتنا تخسر بسبب المنافسة الشديدة مع العنب الإسرائليي. منذ ثلاث سنوات تم انشاء مجلس العنب والفواكه الفلسطيني من أجل حماية المنتج المحلي والعمل على الاستفادة من فائض الإنتاج، لهذا تم انشاء مصنع من أجل تحويل الفائض من العنب إلى عصير طبيعي وتسويقه كمنتج جديد في الأسواق الفلسطينية' يقول أبو ريان.
المهندس علي غياضة الوكيل المساعد في وزراة الزراعة الفلسطينية، يؤكد أن سياسة الوزارة تعمل على دعم المنتج المحلي الفلسطيني، ورفع مستواه من أجل ضمان مكانة له في المنافسة، ولهذا تعمل الوزارة على دعم المزارع بالمبيديات الحشرية.
ويضيف: 'طواقمنا تقوم بجولات دائمة من أجل التأكد من خلو الاسواق من المخالفات، وبرغم ذلك قد تجد العديد من التجار الذين يقومون بخلط المنتج الفلسطيني مع منافسه الإسرائيلي، مما يسبب إرباكا للمستهلك ولأجهزة الوزارة على حد سواء. نحن نعيش في دولة ديمقراطية لذلك ندعم توجه المجتمع المدني لإنشاء مؤسسات حماية المستهلك، بهدف نشر التوعية لضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية. الترويج للمنتج المحلّي يتطلب توعية وتثقيف المجتمع'.
تشير إحصائيات مديرية زراعة الخليل، إلى أن المساحة المزروعة بالعنب عام 1995 قاربت 52 ألف دونم في المحافظة، أي أن هناك تراجعا يعادل 30% إذا ما قورنت بالعام 2013، ويعود ذلك إلى الامتداد السكاني والزحف العمراني وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، إضافة إلى الآفات والأمراض التي تفتك بالمحصول.
تؤكد الوزارة أن دورها يتضمن الدفاع عن مزارعي العنب، وخاصة في الخليل، عن طريق منع إدخال العنب الإسرائيلي وعنب المستوطنات للأسواق في فترة إنتاج العنب المحلي، وردع كل من تسول له نفسه التهريب، بهدف الحفاظ على المنتج الفلسطيني واستقرار أسعاره في السوق المحلية.
عنب الخليل بأصنافه المختلفة، يمثل مصدر رزق لـ 5700 أسرة، تعتاش من مردوده سواء من بيع الورق أو الثمر أو التصنيع، كما أن عنب الخليل يحتل المركز الأول في العالم من حيث محتواه من السكر والفيتامينات والمضادات الحيوية والأحماض الأمينية وغيرها، ويأتي العنب بالمركز الثاني من حيث الأهمية والمساحة المزروعة بعد الزيتون في فلسطين، أما في الخليل فيحتل المركز الأول.
وحسب مديرية الزراعة، فإن أصناف العنب الخليلي (البلدي) هي: 'دابوقي وزيني وجندلي وحمداني، وهي أصناف عالية الجودة وتتحمل الجفاف ومقاومة للأمراض والآفات، وذات إنتاجية عالية.
ومنذ 30 عاماً بدأت تدخل إلى الخليل زراعة أصناف أخرى من العنب، والتي تعتبر أصناف مائدة مثل: الحلواني والشامي والبيروتي والبيتوني والبلوطي والفحيصي 'الشعراوي'، لتصل إلى 22 صنفا، وجودة هذه الأصناف عالية كما هي إنتاجيتها، رغم أنها بحاجة لعناية أكثر من تلك البلدية.
45% من منتوج 'عناقيد' العنب هو للاستهلاك المحلي في فلسطين، و25% لتصنيع منتجات العنب الشهيرة (الملبن والخبيصة والدبس والزبيب ومربى العنب المعروف بالعنبية أو العنطبيخ)، وجميعها تستهلك في فصل الشتاء، حيث تمد الأجسام بالطاقة لاحتوائها على كميات عالية من سكر الفواكه.