عمر ومُنية شاهين.. 13 عاما من الوجد ولوعة والفقدان
أسيل الأخرس
قبل أكثر من 13 عاما بقليل، لم يكن الفتى عمر شاهين يعرف انه سيبصر النور على غياب والده الذي 'ابتلعته' السجون السوداء، قبل أن يكمل سنة زواجه الأولى.
الأب والأسير أحمد ترك خلفه 'عروسا' وزوجة ملتاعة، كانت تحلم أن 'تناغي' بكرها بينما يطبع والده قبلته المتدفقة بحنو الأبوة الأولى على جبين الوليد الطري.. بيد أن بساطير العسكر والبنادق المشرعة في ليلة معتمة بددت أحلام الأم البهيجة التي لا تزال تنتظر على خيط انتظار منذ 14 عاما.
'صوتك وصورتك أراها كل يوم كغيري من الأطفال.. أشعر بأنك جانبي ولكن اشتاق إليك' قال عمر الذي ترعرع وأصبح فتى (13 عاما) مخاطبا والده الأسير أحمد شاهين، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة قبل أن يخفف إلى 22 عاما.
في خيمة الاعتصام الأسبوعي أمام الصليب الأحمر بمدينة البيرة، ظهر عمر وأمام حشد من أهالي الأسرى والمتضامنين.. ظهر يافعا وشجاعا، غير أن الدموع غالبته وهو يضيف: '.. والدي، لقد حال السجان ومرضي أن أراك، غير أنني أشتاقك ولا أتمنى من الحياة إلا أن تعود لنا سالما وان ينتهي مرضي كغيري من الأطفال'.
هنا في فلسطين.. في خيام الاعتصام الاحتجاجية، عندما تتحدث الضحايا يلوذ المتضامنون بصمت لا يكسره سوى هنهنات البكاء وأنين المكلومين.
أم عمر، مُنية (32 عاما) وزوجة الأسير احمد شاهين، كانت ترقب ولدها وهو يقرا رسالته لوالده بعينين أثقلهما الحزن والتعب.. شعرت أن قلبها انخلع، وقالت: 'تزوجت عام 1999 واعتقل زوجي عام 2000 وكنت حاملا بابني عمر، حكم الاحتلال الإسرائيلي عليه بالسجن مدى الحياة وبعد الاستئناف خفف الحكم إلى 22 عاما قضى منها 14 عاما فقط'.
وأضافت 'منذ أن أنجبت عمر تحملت أعباء الأمومة وعشت الوحدة القاتلة التي زادها مرض ابني عمر ووحيدي الذي أصيب به منذ ما يزيد عن عشر سنوات واضطراره إلى تناول الأدوية المختلفة ومنها الكيماوي، حيث حالت صحته ومرضه دون تمكنه من زيارة والده'
وتابعت: 'إن اعتقال زوجي أحمد وحرماننا من العيش معا أثّر على الحالة النفسية لولدي وضاعف من مرضه ولم يتمكن الأطباء حتى الآن من السيطرة على المرض وفتكه بصحته'.
'كل ما أتمناه أن تتضمن أي قوائم لأسرى منوي الإفراج عنهم اسم زوجي ليتمكن من ضم ابنه ربما يخفف ذلك من أوجاعه'، هكذا اختتمت مُنيه حديثها، وفيما كانت تُجهش بالبكاء وتغرق في الدموع، صدح صوت سيدة بين المعتصمين، 'التحية للأسرى.. عاش الشهداء، عاش الشهداء' بينما ردد طلبة مدرسة ذكور المستقبل في البيرة، الذين شاركوا في الاعتصام الأسبوعي في هتاف موحد: ' يحيا الوطن، يحيا الوطن.. عاشت الثورة، عاشت الدولة'، مطالبين بضرورة مساندة الأسرى في ظل الأوضاع السيئة التي تفرضها إدارة السجون الإسرائيلية.
رئيس هيئة شؤون الأسرى عيسى قراقع، قال: 'إن التضامن مع المعتقلين القضية الكبرى وتمثل قضية الحرية وإنهاء الاحتلال ومعاناة الآلاف من أبناء شعبنا في السجون الإسرائيلية، ونحن مقبلون على فعاليات اكبر بسبب ازدياد الهجمة الإسرائيلية على حقوق أسرانا أكثر من أي وقت مضى'.
وأضاف مدير مركز حريات للدفاع عن حقوق الأسرى حلمي الأعرج 'أن الأسرى يتعرضون لعقوبات وانتهاكات للقانون والمواثيق الدولية'، مشيرا إلى أن الوقفات التضامنية مع الأسرى تأتي في لحظة انغلاق الأفق في ظل التعنت الإسرائيلي ومواصلتها الاعتقال الإداري وإعادة اعتقال الأسرى المحررين'.