غزة.. عندما تُجسد الفنون مأساة النزوح والتشرد في 'الشجاعية'
خضر الزعنون
بمجسمات فنية يدوية، جّسد فنان غزّي مأساة النزوح والتشرد للمواطنين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الذين فقدوا بيوتهم في العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
الفنان التشكيلي المحاضر في جامعة الأقصى إياد صباح يقول:' جاءتني الفكرة لحظة ما رأيته من ذهول وصدمة للمواطنين الذين شردوا من بيوتهم في الحرب الأخيرة على غزة، وكوني أحد المواطنين الذين خرجوا من بيوتهم أثناء العدوان'.
ويضيف في حديث لـ'وفا':' مشاهد الناس المغبرة بفعل تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها وحالة الخوف والهلع شكلت لديّ إحساس لأوصل رسالة عبر هذا الفن للعالم، وهي رسالة نابعة من القلب تخرج إلى العالم، ليرى حجم المأساة في غزة خلال العدوان والحروب التي شنتها إسرائيل على الأبرياء في القطاع'.
ويجسد صباح من خلال عرضه تماثيل تركيبية مصنوعة من مادة 'الفيبرغلاس' فوق ركام منازل مدمرة في الشجاعية، مأساة شعب شُرِّد عنوة على يد محتل ظالم، آملاً أن تمثل هذه المنحوتات رسالة قوية للعالم، حيث عرض تماثيل تجريدية لشبان ورجال كبار في السن ونساء وأطفال كانوا قد فرّوا تحت وقع القصف الجوي والبري الإسرائيلي في العدوان الأخير، الذي استمر خمسين يوماً قبالة المنازل المدمّرة، والتي أصبحت أثراً بعد عين في الحي.
ويؤكد أنه صنع هذه التماثيل في ورشة متواضعة في منزل العائلة من مادة فيبرغلاس، وتم طلاؤها بطين الفخار، وفكرة التماثيل جديدة لتجسيد مأساة غزة بالحرب العدوانية الإسرائيلية.
وأضاف:' تفاجأت بإقبال شديد من المواطنين في غزة المحافظة على هذه الفكرة، بعد أن كان يخشى من رفضها باعتبار القطاع محافظ، حيث حظيت هذه التجربة الفنية بتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي'.
المواطنون من جهتهم، في حي الشجاعية تجمعوا بالعشرات صغارا وكبارا ممن أجبروا على الخروج من منازلهم حول التماثيل والمجسمات الفنية، معربين عن دهشتهم لما تمثله من واقع عايشوه في الحرب.
وقالت الطفلة أمل جندية في الصف السادس الابتدائي في مدرسة 'بيت دجن' التي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن مكان وضع التماثيل لـ'وفا': 'هذه تماثيل ناس شردوا في الحرب'، فيما قاطعتها قريبتها المواطنة سعاد (40عاماً) بأن هذه التماثيل 'تجسد مأساتنا في العدوان لحظة هروبنا من بيوتنا في الشجاعية'.
وأكد الفنان صباح أن 'هذه الفكرة تحاكي نزوح أهالي الشجاعية من بيوتهم، أثناء الحرب الإسرائيلية لفضح الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق المواطنين العزل، حيث أن المجسمات التي تم اختيارها تمثل مختلف الفئات العمرية في المجتمع: من رجل مسن، وامرأة مسنة، وشاب، وفتاة، وطفل صغير.
وتبقى هذه فكرة جديدة على المجتمع، ومنهم من يتقبلها وآخرون يرفضونها، لكنها تعبر عن مرارة اللجوء والتشرد التي عاشها ويعيشها أبناء شعبنا في مختلف أماكن تواجدهم.