صلصال يحاكي الحياة
بدوية السامري
بحركات متناسقة من كلتا اليدين مع ذوق فني وإتقان تشكل وتطوع السيدة عريب العزيزي ابنة نابلس من الصلصال آخر أعمالها، وهو تمثال مصغر للرئيس ياسر عرفات بمناسبة ذكرى استشهاده، لتضيفه إلى مجمل أعمالها الفنية التي تحاكي التراث الفلسطيني.
عريب التي درست آداب اللغة الانجليزية، لكنها اختارت الفن هواية تمارسها في منزلها وانقطعت عنها لسنوات لاعتنائها بأبنائها، عادت لتعد فناً يعكس ما تشتهر فيه المدينة التي ترعرعت فيها وتحبها.
من مواد خام من الصلصال والصبغات المختلفة ومادة لاصقة، تقضي العزيزي الساعات دون استخدام أي من الأدوات وتقوم بأصابعها بتطويع الصلصال ليصبح فناً.
وفي المنزل تظهر القطع المصنوعة من الصلصال، بائع العكوب وبائع السوس بحجم صغير ومصنوعان باتقان يبيعان على أطراف محل الكنافة النابلسية، وعلى طرفه الآخر صالون الاستقبال النابلسي، فواحدة تحمل الأرجيلة، والأخرى تدق على الطبلة، وثالثة تقدم الحلويات، وأخريات يجلسن يتحدثن.
ولم تنس العزيزي الطائفة السامرية التي اعتبرتها جزءا أصيلا في نابلس، فخصت عدة أيام لتحضير العرش السامري بحبات الفاكهة الصغيرة جداً قامت بتحضير كل واحدة على حدة، يقف أسفله كاهن يحمل كتاباً.
وتتحدث العزيزي عن عملها بفرحة وتباهي: بدأت بما يميز نابلس القديمة، أنا أعشق نابلس، وأحب كل ما يميزها، بدأت ببائع العكوب والسوس والكنافة، وسأستمر في عملي لأشمل كل ما يميزها. وتضيف: ما أقوم به لا يتلف ولا ينكسر، فأنا أقوم بخبزه بالفرن ليصبح صلباً، بعد أن أنتهي من تحضيره.
وتحلم العزيزي باليوم الذي ستنظم فيه معرضاً خاصاً بها تعرض فيه منتجاتها، ليتسنى لأكبر عدد من الأشخاص رؤيته عن قرب، ومع ذلك لا تمانع من أن يكون مصدر رزق لها.
وتشار إلى أنها وبعد الانتهاء من مدينة نابلس ستبدأ بما يميز المدن الفلسطينية الأخرى، مع إصرارها الابتعاد عن تشبيه البنايات والأشكال الهندسية، فهي تحب كل ما يخص الحياة اليومية لأبناء فلسطين.
ولم يقتصر فن عريب على تطويع الصلصال، بل أنها تقوم بالكثير من الأشياء منها زراعة الورود داخل 'القفف' بعد أن تلونها وتزينها لتصبح منظراً جميلاً.
وقال رفيق الحداد أحد ناشطي التواصل الاجتماعي 'الفيسبوك' على الصفحات الخاصة في مدينة نابلس أنه عندما شاهد مجسم بائع العكوب، وبائع الكنافة، أيقن أنه 'أمام موهبة غير عادية بتجسيد الأشكال والشخصيات والديكورات بمقاسات متناسبة ومنسجمة، حيث كانت تخلق بيئة طبيعية للمشهد الذي تصنعه، وتألق هذا في مشهد صالون الاستقبال النابلسي بكل تفاصيله'.
وأضاف أن العزيزي 'تفوقت على نفسها في تجسيد الشخصيات كشخصية الكاهن السامري تحت مظلة العرش، فهي ترقى للتفوق الفني'.
وأضاف أنها تحاكي الواقع من خلال تصغير الأجسام والشخصيات والأشياء.
وأشارت العزيزي إلى أن المجموعات الخاصة بمدينة نابلس والأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وتشجيع أعضائه كان حافزاً لها لانجاز المزيد من الأعمال الفنية خصوصاً ما يخص التراث.