قصص من خيم الاعتصام في الوطن
عبلة سعدات : لن نتردد عن اعلان الاضراب المفتوح عن الطعام والقوى مطالبة بالتنافس بالفعاليات وليس بالبيانات
جنين –تقرير علي سمودي -" لن نتردد عن اعلان الاضراب المفتوح عن الطعام معهم ومثلما ضحوا بحياتهم وحريتهم في سبيل تحقيق احلامنا واهدافنا وحريتنا وصون كرامتنا سنكون شركاء معهم في معركة الكرامة حتى انتزاع حقوقهم العادلة والمشروعه " بهذه الكلمات استهلت المناضلة عبلة سعدات حديثها لمراسلنا وهي تواصل حراكها مع ناشطي حملة الدفاع عن المعزولين واللجان الشعبية وفي مقدمتها لجنة الاسير ومؤسسة الضمير لتنظيم اوسع حملة دعم ومؤازرة لمعركة الامعاء الخاوية التي يخوضها عدد كبير من الاسرى وفي مقدمتهم اسرى الجبهة الشعبية وعلى راسهم زوجها الامين العام احمد سعدات الذي لم تتمكن من رؤيته وزيارته منذ عامين بقرار من المحكمة العسكرية الاسرائيلية طال كذلك ابناءها .
12 يوما بالاضراب
ومع دخولهم اليوم الثاني عشر من الاضراب المفتوح عن الطعام ، تستشعر سعدات بخوف وقلق اكثر على صحة وحياة المضربين خاصة مع اتساع هجمة ادارة السجون بحقهم ، وتقول " نفخر بما يجسده الاسرى من صمود وتحدي باصرار على مواصلة المعركة التي لم يكن هناك خيار لتاجيلها لان ادارة السجون تجاوزت كل الحدود ولم يبقى سوى حرمانهم من التنفس او النوم او الطعام ، حولت كل لحظة في حياة المعزولين لموت بطيء ولم تبقي لهم ولباقي الاسرى ادنى حقوق، العزل موت تدريجي او تشريع بالاعدام البطيء "، واضافت سعدات " اصبحت المؤسسات الانسانية وخاصة الصليب الاحمر مطالبة بالتحرك سريعا لتوفير الحماية للمضربين ومنع ادارة السجون من الاستفراد بهم ، فهي ترفض مطالبهم وتمارس سياسات العزل والحصار بحقهم ، وهناك خطر كبير من جمعهم في سجن شطة ".
سعدات مصمم على المعركة
وبفخر واعتزاز ، وقفت ام غسان في خيمة الاعتصام الثابته على دوار الساعة تروي لمن توافدوا للمؤازرة او المحررين الذين اعلنوا الاضراب عن الطعام ايضا ، ان صحة الامين العام بخير ورغم حصاره معنوياته عاليه ، واضافت " ان ابو غسان اصر على خوض الاضراب مع رفاقه واخوانه الاسرى رغم وضعه الصحي ومرضه ، ومنذ اعلانه الاضراب تعرض لضغوط اكثر في عزله في زنازين سجن نفحة وحاولوا حصاره ومنع اخباره من خلال حظر زيارة المحامين له ولكن اثر ضغوط مكثفه تمكن محامي مؤسسة الضمير من زيارته "، واضافت " ان المحامي اكد ان ابو غسان ورفيق زنزانته الشيخ جمال ابو الهيجا بصحة جيدة ويتمتعان بمعنويات عالية جدا، ورغم حالة الاعياء البادية عليهما و فقدان كل منهما مايزيد من خمسة كيلو غرامات من وزنه الا انهما اعلنا اصرارهما على مواصلة الاضراب حتى تنفيذ مطالبهم العادلة، واضافت " ونحن سنبقى نناضل حتى تنتصر ارادة الاسرى التي تتطلب مواقف اكثر جراة وفاعلية في الشارع الفلسطيني ، فالقوى والفصائل كافة ما زالت مقصرة في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، اين القادة والمسؤولين وصناع القرار ،وكاهالي اسرى المنا شديد امام هذا التحدي الكبير ، من المؤسف ان التنافس في اصدار البيانات والتصريحات والشعارات اكبر بكثير من الفعاليات واليات الدعم والمؤازرة التي يستحقها الاسرى وتستجيب لبطولاتهم ".
لم يبقى سوى الكرامة
الزوجة عبلة التي نالت نصيبها من التحقيق والاعتقال ، اضافت بتاثر وغضب "في زنزانة العزل الانفرادية التي يتقاسهما منذ عامين سعدات وابو الهيجاء لم يتبقى سوى فرشة وبطانية واحدة فقط لكل منهما،فالادارة سحبت الملح والدخان وصادرت الادوات الكهربائية والمخدات ،عزل وحصارومرض وضغط لا يتوقف عليهما ،لكن في المقابل لانجد سوى ان الكثيرين يتسابون لاصدار البيانات بينما تتفنن ادارة السجون في اجراءاتها العقابية التي كان اخرها تثبيت قرار حرماني وابنائي من زيارة ابو غسان بذريعة انه من الممكن ان يقوم بنقل معلومات او تصريحات من خلال الزيارة ، تضاف لكل ما فرض بحق من سياسات منذ اختطافه من سجن اريحا"،واضافت" لم يبقى سوى الكرامة والارادة والعزيمة ولن نتنازل عنها جميعا، فلا عودة للوراء ولا خيار سوى وقف مسلسل الموت البطيء فورا ".
الرعيل الاول
وبين خيمة الاعتصام في رام الله ، ومشاركتها في المسيرات امام السجون نفحة وعسقلان تمر الذكريات في شريط حياة ام غسان لاكثر من عقدين من الزمن امضاها زوجها في الاسر بعدما كرس حياته لفلسطين والقضية منذ التحاقه في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد نكسة حزيران عام 1967 ، وتقول "ينحدر احمد من عائلة لاجئة من قرية دير طريف قرب اللد ، بعد النكبة لجات لرام الله وهناك ولد عام
1953 ، بعد الثانوية العامة تخرج من كلية المعلمين التابعة لوكالة الغوث ثم عمل مدرسا في مخيم عقبة جبر ، في ذروة الشباب والعطاء عقب صدمة النكسة لم يتردد في الالتحاق بصفوف الجبهة ليكون ضمن الرعيل الاول الذي يحمل راياتها ويناضل في سبيل تحقيق الحلم الفلسطيني ، وبين العطاء والنضال ونشر رسالة الحزب وبناء منظماته والقيام بالمهام المتعددة تعرض للاستهداف الاسرائيلي بين الملاحقة والمطاردة والاعتقال ".
عبلة سعدات التي ارتبطت برفيق دربها في عام 1981 ، ما زالت تحتفظ برسائل وما كان يبدعه ابو غسان في اسره ومطاردته ،ولكنه لم تتمكن من معرفة عدد المرات التي اعتقل بها تحديدا ، ولكنها تقول " في كل مناسبة كان الاحتلال يستهدفه ، واحيانا بين اعتقال واخر كان وهو في الاسر يصدرون قرارا بحبسه ، امام صموده وبطولاته وتضحياته وحبه وانتماءه للقضية والجبهة لم يبقى سجن الا واعتقل فيه ، علما ان جميعها اعتقالات ادارية دون تهمة او محاكمه فقد كان من اصحاب مدرسة الصمود في اقبية التحقيق والاعتراف خيانه ، فلم ينالوا منه رغم ان السجن نال من حياته اكثر من 22 عاما ".
في خدمة الوطن والحزب
امن سعدات بالجبهة الشعبية وفكرها طريقا لتحقيق احلامه بتحرير فلسطين ، وكرس حياته في سبيلها وتحمل الكثير من المسؤليات وتحدى المصاعب ، وتقول رفيقه دربه ام غسان " لم تنال منه سنوات العذاب والاعتقال ، ولم يتوقف يوما عن التفاني في ميادين الفداء والعطاء والجبهة منذ الانطلاقة وفي المحطات الصعبة وعبر الانتفاضتين ، وتقلد مسؤوليات متعددة ومتنوعة داخل السجون وخارجها ، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة للجبهة في المؤتمر الرابع ،وقد اصبح عضواً في لجنة فرع الجبهة الشعبية في الوطن المحتل ، وأصبح مسئولا لفرع الضفة الغربية منذ العام 1994 ، وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة ، والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني السادس العام 2000 "، وتضيف " جريمة اغتيال رفيقه القائد الشهيد ابو علي مصطفى 28-7-2001 كانت من اكثر المحطات صعوبة في تاريخ الجبهة التي قبلت التحدي وردت على الاحتلال بانتخاب ابو غسان امينا عام خلال اعتقاله اداريا في سجون الاحتلال في مطلع شهر تشرين الأول من العام نفسه .
الملاحقة والاعتقال
لم تتاخر الشعبية في تنفيذ تهديداتها لاسرائيل بالرد ، واعلنت كتائب شهداء ابو علي مصطفى عن قتل وزير السياحة الاسرائيلي "رحبعام زئيفي" ردا على اغتيال امينها العام السابق ابو علي مصطفى ، فسارعت لتوجيه اصابع الاتهام لسعدات وعاهد ابو غلمي ، وتقول ام غسان " بعد مسلسل الحصار الطويل والملاحقه والاستهداف لاحمد ورفاقه هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 14/3/2006 سجن أريحا الذي كان يخضع للرقابة الأمريكية والبريطانية والذي كان سعدات يتواجد فيه مع عدد من الأسرى ورفاقه من كتائب الشهيد ابو علي مصطفى واعتقلتهم "، واضافت " ورغم انكاره للتهم المنسوبة اليه ورفضه للمحكمة حوكم بالسجن الفعلي لمدة 30 عاما ،بحجة التحريض ضد إسرائيل ويعد شخصا خطيرا على دولتهم ولكنه حوكم من اجل مواقفه السياسيه ورفضه للاعتراف بالاحتلال وشرعية محكمته ، فهو لم يدان باي تهمة ولم يتمكنوا من اثبات أي قضية بحقه ، ورغم صموده في اقبية التحقيق وهو اعلى حكم بحق قائد سياسي في محاكم الاحتلال .
العقوبات مستمرة
في 16-3-2009 ، قررت سلطات الاحتلال عزل سعدات ،الذي اعلن رفضه الاجابة على تساؤلات لجان مصلحة السجون الاسرائيلية خلال جلساتها الخاصة لمناقشة مسالة وجوده في العزل ، واكد دوما انه غير معني بالتعاطي مع المحكمة ما دامت تستند الى الملف السري في تبرير قراراتها التي تعتبر جزء من سياسة اسرائيلية مبرمجة بحقه .واكد سعدات ان ما تقوم به سلطات الاحتلال من عقد للجلسات والمحاكم جزء من التضليل لاخفاء حقيقة كون قرار عزله سياسي بامتياز في محاولة من قبل المؤسسة الرسمية الاسرائيلية ،واضاف " لعقابي على قناعاتي ومواقفي السياسية التي تنحاز للدفاع عن حقوق شعبي بالحرية والاستقلال " ، في المقابل عانت زوجته وابناءه الاربعة جراء العزل والمنع من الزيارات ، وقالت كريمته يسار (20 عاما ) " منذ 5 سنوات ونحن نعاني بسبب استهداف والدي الذي عاش حياته مطلوبا او اسير ، ومنذ اختطافه الاخير اصبح الوضع اكثر ماساوية فاي قانون يجيز حرماننا حتى من زيارته رغم انها تجري وفق اجراءات ادارة السجون "، واضافت ام غسان "قرعنا كل الابواب ليتمكن ابنائي من زيارته لكن دون جدوى والقرار الاخير بما تضمه من نص اكثر خطورة على زوجي وحياته ".
معاناة المرض
في نفس الوقت ، يتعرض سعدات للاهمال الطبي كباقي الاسرى ، واشارت زوجته الى انه يعاني من عدة امراض تمنعه الراحة والنوم ومنها مرض "الربو "و التكلس في فقرات الرقبة ولا يتلقى أي علاج ، ومع دخوله الاضراب فان وضعه معرض لمضاعفات تستوجب ان تتكاثف الجهود لدعم نضالهم لتسريع انتصارهم وانقاذهم من مخططات ادارة السجون التي توعدته بانه لن يرى وجه الشمس ابدا ".
حكم فوق الحكم
بسبب اضرابه المستمرمنذ 27-9 مع الشيخ جمال ابو الهيجاء ، عقدت ادارة السجن محكمة خاصة لسعدات بتهمة الاضراب عن الطعام واضافت لحكمه احكام واجراءات جديدة ، غرامه 228 شيكل ومنع زيارة الاهب وزيادة مدة العزل ،وهي كما تراها الزوجة سعدات " تعبير عن الاستهتار الاسرائيلي بالاسرى ومحاولة تقزيم قضيتهم وافشال اضرابهم "، لذلك فهي تنهمك يوميا في التحضير لاشكال جديدة من فعاليات التضامن مع الاسرى لان المرحلة وصلت حد الخطر ، وتقول " لم يعد يغمض لنا جفن ونعيش القلق الحقيقي بعد هذه الفترة خاصة بعد العقوبات التي فرضتها ادارة السجون على المضربين وفي مقدمتهم احمد لذلك نؤكد اننا سنبقى في كل مكان نردد معهم صرخة الحرية ، حتى تحقيق مطالب الحركة الاسيرة بوقف العزل الانفرادي وصيانة مكاسبها وحقوقها المشروعة .