الحصار يبدد أحلام الخريجين في غزة
زكريا المدهون
لم يجد علاء (اسم مستعار)، سوى بيع المشروبات الساخنة، وسيلة للتغلب على ظروفه الاقتصادية الصعبة التي يمر بها منذ تخرجه من الجامعة قبل أربعة أعوام.
على أحد المفترقات الرئيسية في مدينة غزة، وقف علاء (26 عاما) خلف بسطة خشبية محاطة بالزجاج، يصب القهوة لأحد الزبائن مقابل شيقل واحد (حوالي ربع دولار أميركي).
وكان عشرات الخريجين نظموا قبل يومين وقفة احتجاجية لعدم حصولهم على فرص عمل، قاموا خلالها ببيع المشروبات الساخنة تعبيرا عن رفضهم وسخطهم على الظروف التي يمرون بها.
وقال علاء: 'تخرجت قبل أربع سنوات من كلية التربية في جامعة الأزهر، ولم أحصل على فرصة عمل دائمة، فاضطررت الى بيع المشروبات الساخنة لتوفير مصروفي الشخصي ومساعدة أسرتي'.
واسترسل: 'ظروفنا الاقتصادية صعبة جدا.. والدي من دون عمل منذ سنوات ولي إخوة صغار وفي المدارس، وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة'.
ويشهد قطاع غزة أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية منذ فرض الحصار عليه قبل ثمانية أعوام، لكنها تدهورت بشكل ملحوظ بعد العدوان الاخير الذي استمر أكثر من خمسين يوما.
وأشار اقتصاديون إلى أن نسبة الفقر زادت بعد عدوان الصيف الماضي الى أكثر من 60%، فيما بلغت نسبة البطالة أكثر من 40%.
وفي هذا الصدد، أكدت مديرة 'المؤسسة المصرفية' و'صندوق التنمية الفلسطيني' في قطاع غزة نبراس بسيسو، أن القطاع يعاني من أعلى نسبة فقر وبطالة منذ عام 2006.
وقالت بسيسو في دراسة حديثة: 'وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة 40.8%، يضاف اليها أعداد العاطلين جرّاء العدوان الاخير وتدمير المنشآت الصناعية، وارتفاع نسبة الفقر الى 60%، حيث تعطل ما يقارب 12000 عامل نتيجة تدمير المنشآت الصناعية'.
وأكد الخريج علاء أنه طرق جميع الأبواب للحصول على وظيفة ولو بشكل مؤقت دون جدوى، مشيرا الى أنه يكسب في اليوم الواحد أكثر من عشرة شواقل (حوالي دولارين ونصف)، وهي غير كافية لإخراج عائلته من فقرهم المدقع.
وكشفت بسيسو، أن 110 آلاف خريج بلا عمل، في حين تخرج مؤسسات التعليم العالي سنويا حوالي 30000 ألف طالب وطالبة ينضمون لجيش العاطلين عن العمل.
وأرجعت بسيسو، أسباب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانيه قطاع غزة الى الحصار الاسرائيلي واغلاق المعابر، منوهة الى ان اي عائلة لا يزيد دخلها عن 1500 شيقل شهريا تعتبر تحت خط الفقر، جرّاء ارتفاع غلاء المعيشة.
وتعتمد 80% من أسر قطاع غزة على المساعدات التموينية والاغاثية المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، وجمعيات ومؤسسات خيرية عربية ودولية.
ومنذ التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قبل أكثر من ثلاثة أشهر في القاهرة، لم ترفع قوات الاحتلال الاسرائيلي الحصار الذي تفرضه منذ سنوات.
وتفاءل الخريجون والعاطلون كثيرا على اتفاق 'التهدئة' لتحسين أوضاعهم الاقتصادية مع بدء دوران عجلة الاعمار، لكن 'أحلامهم ذهبت أدراج الرياح'.