يوميات اسير .. الأسير محمد البرغوثي فقد والدته وخطب عروسه في سجون الاحتلال
الحياة الجديدة - سراب عوض - ليس صانعا او مروجا للموت .. إنسان راقٍ بكل ما تحمل الكلمة من معنى، المسألة ان محمد طاهر البرغوثي عرف كيف ينبغي أن تكون الحياة، وان كان لا بد.. فليكن موته طريقاً لحياة وعزة شعب.
أمضى محمد البرغوثي ابن الـ 37 عاما فترة اسره السابقة ينقل من سجن لآخر، وفيها خاض مع رفاقه إضرابات مطلبية عديدة عن الطعام لتحقيق مطالب الحركة الوطنية الأسيرة الإنسانية العادلة، ومورست بحقه صنوف التعذيب النفسي والجسدي.
من اسره بسجن نفحة الصحراوي يسرد البرغوثي قصته فيقول: "أنا محكوم 16 عاماً أمضيت منها 12 عاماً وتنقلت خلالها بين عدة سجون منها عسقلان وجلبوع والنقب ونفحة".
اعتقلت سلطات الاحتلال البرغوثي بعد مطاردة دامت 3 سنوات، بتهمة النشاط ضمن كتائب شهداء الأقصى في منطقة رام الله وكان يعمل قبل اعتقاله بالأجهزة الأمنية.
ويصف البرغوثي تجربة الأسر والتفاصيل اليومية فيقول: "تبدأ حياة الأسير بالتعرف على اخوة جدد وسرعان ما تنشأ علاقة تكاملية وتشاركية، طعام جديد، مكان جديد، يستقبله اخوته ويقدمون ما تيسر لديهم من لباس وفراش، ويرشدونه الى برشه الجديد "سريره".
ويضيف: "رحلة العذاب للأسير من تاريخ اعتقاله من منزله أو مكان وجوده، تكبل يداه، وتعصب عيناه، ويضرب ويشتم طوال الطريق الى المعتقل، وهناك تبدأ مرحلة أخرى من الألم, شبح وحرمان من النوم لأيام وأسابيع، وتهديد بالأهل والابعاد والقتل".
يبدأ اليوم بوجبة فطور تتكون غالبا من الفول، يحسنها الأسرى بإضافة الملح وزيت الزيتون ان توفر، ومخصص لكل أسير خمسة أرغفة يومياً.
وللانتصار على سيف الوقت القاتل يقول البرغوثي: "بدأت اشغل وقتي بالرياضة، أحضر البرنامج التنظيمي الذي كان يبدأ الساعة العاشرة صباحاً ويستمر الى الثانية عشرة ظهراً".
ويواصل: "بعد ذلك وضعت برنامجاً تثقيفياً يشمل قراءة ذاتية في الأدب والفكر والسياسة لعدة كتاب، وبقيت على هذا النهج حتى اليوم".
الأسرى عائلة
المسألة المؤلمة يقول البرغوثي: "الحياة خارج القضبان تستمر، والأسير غائب عن تفاصيلها، فيرحل من يرحل، لكن الفاجعة وقسوة المشهد التي لا توصف هي ان ترحل الوالدة دون أن تتمكن من القاء نظرة الوداع عليها".
توفيت والدة الأسير محمد البرغوثي قبل عامين، ولم تسمح له ادارة السجن بوداعها، ولم تكن تسمح لها بزيارته منذ مدة طويلة.
وأضاف: "عزائي وما خفف عني مشاهد التشارك والتآزر داخل المعتقل"، ويتابع "الأسرى كالعائلة الواحدة يتشاركون في الأتراح والأفراح فعندما يكون هناك حالة وفاة قريب لأحد الأسرى يقوم باقي الأسرى بتجهيز غرفة الأسير ويعدون القهوة السادة ويقف أقرباء الأسير وأبناء منطقته ليتلقوا التعازي مع باقي الأسرى. وفيما يبدو وكأنه اصرار على الحياة بتفاصيلها رغماً عن قضبان الأسر وزنازين العزل".
خطب في الاسر
الأسير البرغوثي خطب شقيقة صديقه الأسير ويقول كنت: "اراها تأتي لزيارة شقيقها، فطلبت يدها من أخيها واقترنت بها عن قناعة تامة. ويضيف "خطيبتي تخفف ظلمة السجن والم الاسر بزيارتها لي تشد من ازري".
التضامن مع الأسرى
يعتبر الأسير البرغوثي التضامن الشعبي والرسمي مع قضية الأسرى مسألة وطنية تنبع دوافعها من داخل كل فرد يشعر بهدر الكرامة مع استمرار الاحتلال وبقاء آلآف الأسرى داخل السجون، فالتقصير بحقنا موجود والشعب مقصر بعدم تفاعله بالشكل المطلوب ويتابع.. ولكن بالنهاية نحن دخلنا السجن لهدف نبيل، ولن يثنينا التقصير عن قناعاتنا ومؤمنون بأننا سننتصر باذن الله.
رسالة الى القائد
ونقل الأسير البرغوثي رسالة من الأسرى الى الرئيس محمود عباس، داعين اياه لمواصلة معاركه الدبلوماسية على الصعيد الاقليمي والدولي، مؤكداً أن الأسرى يبايعون الرئيس ويؤيدونه في كل خطواته وتحركاته لانهاء الاحتلال والافراج عن آلآف الأسرى القابعين في ظلمات الأسر.