ندوة في رام الله تؤكد ضبابية المشهد الانتخابي في إسرائيل
أكد باحثان متخصصان في الشأن الإسرائيلي، ضبابية المشهد الانتخابي في إسرائيل، رغم ما تعكسه المؤشرات من تقدّم لكتلة اليمين في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وعزا الباحثان برهوم جرايسي، ومدير المركز العربي للحقوق والسياسات يوسف تيسير جبارين، ذلك بسبب الحراك المتسارع الذي تشهده الساحة السياسية وتقلبات السياسيين بين الكتل والأحزاب، على نحو يكشف تهميش الاعتبارات الأيديولوجية نسبيا لصالح اعتبارات وحسابات شخصية ومنفعية، ماعكسه انضواء تسيبي ليفني في كتلة واحدة مع العمل، إلى جانب احتمال انضمام شاؤول موفاز للكتلة ذاتها.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان 'في ظل قانون القومية: الانتخابات الإسرائيلية ما بين الصراعات الداخلية والتوترات الأيديولوجية'، نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية 'مدار' في مقره برام الله، اليوم الاثنين، وأدارتها هنيدة غانم.
وتطرق الباحثان إلى السيناريوهات الانتخابية وموقع الأحزاب العربية منها، وقدرة الناخب العربي على إحداث تأثير كبير في حال رفع الناخبون العرب نسبة مشاركتهم إلى نسبة مساوية لنسبة مشاركة الناخبين اليهود.
وقدّم جبارين، مداخلة بعنوان 'قانون القومية اليهودية وإسقاطاته السياسية والحقوقية'، مشيرا إلى وجود ترابط عضوي بين قانون القومية وتقديم موعد الانتخابات في إسرائيل.
وأوضح أن سن قانون القومية لم يأت بمحض الصدفة، بل في إطار سياق تاريخي يميز الدولة العبرية، مضيفا: 'جاء القانون في سياق رزمة من القوانين العنصرية التي تمس مبادئ الديمقراطية، بالتالي فهو ينسجم مع قوانين أخرى'.
وبين أن طرح هذه القوانين تم من قبل معهد معروف بتوجهاته العنصرية، هو معهد 'الاستراتيجية الإسرائيلية'، مبينا أنه يحاول تسويق هذه القوانين من خلال عدد من أعضاء الكنيست.
ولفت جبارين إلى أن رؤية المعهد نجحت في فرض نفسها ليس على صعيد القوانين فحسب، بل وفي الجانب التربوي، حيث تم دمج مناهج وإدخال مضامين تتفق مع المواقف القانونية التي يتبناها المعهد.
وأضاف: 'يتم النظر إلى العرب داخل الخط الأخضر وكأنهم ليسوا مجموعة قومية أصلية، بل كمهاجرين، بمعنى أن النظرة إلى الفلسطينيين أنهم ليسوا مجموعة موحدة بل طوائف، وبالتالي فلا حقوق جماعية لهم'.
واستدرك: 'هذه الأفكار وغيرها نجدها في القانون الجديد، وإذا لم نجدها فيه نراها في قوانين أخرى أقرت خلال السنوات الماضية، مثل قانون لجان القبول، والمقاطعة وغيرهما'.
ولفت جبارين إلى أن 'الطروحات والمواقف التي يقدمها القانون الإسرائيلي الجديد تتناقض مع الخطاب الدولي، الذي يقوم على الاعتراف بحقوق المجموعات القومية الأصلية، والأقليات، ومنحهم حقوقا مختلفة'.
ونوه إلى دور القانون في تكريس الخطاب اليميني المتطرف، مضيفا: 'القانون يقوم على أن هناك قومية واحدة معترف بها على كامل أرض فلسطين التاريخية، بينما البقية شاءت الأقدار أن يتواجدوا على هذه الأرض'.
وأوضح أن القانون 'محصن' بمعنى أنه لا يمكن إلغاءه، إلا بموافقة غالبية أعضاء الكنيست، مضيفا: 'هذا القانون يقول إنه لا توجد مواطنة متساوية'.
وقال: 'الشرعية الدولية لا تسمح بأي تمييز على أساس عرقي أو قومي، أو ثقافي، أو ديني، بالتالي فإن القانون يتعارض مع أحد توجهات المجتمع الدولي'، مضيفا أنه 'حتى في الدول غير الديمقراطية لا يوجد مثل هذا القانون، الذي لا يعترف بأي حقوق لأصحاب البلاد الأصليين'.
من جانبه، قدم جرايسي مداخلة بعنوان 'الصراعات الداخلية وإسقاطاتها الانتخابية'، أشار فيها إلى أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة تذكر بتلك التي شهدتها الدولة العبرية عام 2003، خاصة لجهة بروز تحالفات غير متوقعة على الصعيد الحزبي.
واعتبر جرايسي أن اقتراح قانون القومية قد 'أخرج الدبابير من أعشاشها'، وأن الموضوع يتعلق بالدرجة الأولى بالعلاقة مع الفلسطينيين، ولكنه يثير صراعات داخل المجتمع اليهودي، ولهذا ساهم اقتراح القانون في تفجير الائتلاف الحكومي، مرجعا ذلك إلى 'مخاوف العلمانيين من الطغيان الديني المستقبلي على الدولة ومؤسساتها، خاصة في ضوء ما يشير إليه بعض الأبحاث من احتمالية ارتفاع نسبة الحريديم على نحو كبير جدا خلال العقدين المقبلين'.
وخلص جرايسي إلى أن ارتفاع نسبة تصويت الناخبين العرب إلى نسبة مساوية لنسبة تصويت اليهود (69%)، بإمكانه إحداث فوارق كبيرة في المشهد السياسي، إذ أن مثل هذه المشاركة كانت سترفع حصة مقاعد الأحزاب العربية في الانتخابات السابقة إلى 15 مقعدا، ما يعني الانتقاص من وزن كتلة اليمين، وربما تخسيره الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة.