أبو عين فارس المقاومة الشعبية ترجل وفضح المحتل وخلق دافع التحدي لرفاق دربه
(علاء حنتش)
وقف المئات من المواطنين يتقدمهم عدد من القادة السياسيين اليوم الجمعة، في أراض مهددة بالمصادرة بسبب الاستيطان الداهم على مقربة من بلدة ترمسعيا شمال شرق محافظة رام الله والبيرة يستذكرون لحظات اغتيال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان زياد أبو عين، التي حدثت في المكان ذاته في العاشر من الشهر الجاري.
بدت محار ابنة الشهيد متماسكة متحدية، وهي تشارك في زراعة شجرة زيتون 'رومية' في المكان الذي ارتقى فيه والدها، إلى جانب كهول ونساء ورجال وأطفال، عرفوا الراحل عن قرب، وأحبوه.
حتى لو لم يعلن غالبية المشاركين عما يجول بخاطرهم كان يبدو بأنهم يتحركون متأثرين بصدى الكلمات التي أطلقها الشهيد زياد قبيل استشهاده: 'هذا جيش الإرهاب يمارس القمع والإرهاب بحق الشعب الفلسطيني'.
إن قادة من حركة فتح وممثلين للقوى الشعبية والرسمية وناشطين في مقاومة الاستيطان وجدار الضم والتوسع العنصري كانوا بعد صلاة الجمعة، على موعد مع مواجهة متجددة مع المحتل، مثلت برمزيتها امتدادا طبيعيا ليوم العاشر من هذا الشهر.
بلدة ترمسعيا لم تكن وحدها، بل أمها حشد من مختلف محافظات الضفة الغربية تكريما لذكرى أبو عين، وكانت تجمعهم أمانة حملهم إياها المناضل الراحل ومن سبقوه من الشهداء، إذ كان لسان حالهم يقول ' واصلوا المسيرة وتصدوا للمحتل بغرسكم أشتال الزيتون، ورابطوا على أرضكم، فهي تعرفكم وتعرفونها، أمكم التي تحنوا عليكم'.
لم يكن هذا المشهد مريحا للمحتل الذي تدخل وألقى رصاصه المعدني والغاز السام في محاولة لمنع الجماهير من الزحف شرق ترمسعيا، لإقامة النصب التذكاري للشهيد أبو عين وزراعة اشتال الزيتون.
عائلة الشهيد وأعضاء من اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح وممثلون عن القوى السياسية، ورؤساء بلديات وهيئات محلية ونساء وأطفال ونشطاء سلام أجانب، ساروا جنبا إلى جنب، تجسيدا لمقولة 'كلنا سواسية أمام بندقية المحتل، وحماية الأرض مسؤوليتنا جميعا'.
ابنة الشهيد محار كانت تنظر إلى المشاركين وكان لسان حالها يقول:' تابعوا المسيرة، ولنكمل زراعة زيتون بلادنا الأخضر، ليفرح والدي بأن من خلفه اكملوا غراس مالم يستطع غرسه بسبب جريمة المحتل'، لتقابل محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام الموقف باحتضان هذه الفتاة وتقبيل وجنتيها، تقديرا لمواقفها وصمودها.
وعلى الرغم من تفاعل الجميع مع الحدث وانشغالهم بالمواجهات مع الاحتلال إلا أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول كان يبدو بأنه في معركة من نوع خاص كونه عاش ظروف استشهاد أبو عين.
ففي الوقت الذي ظهر فيه الحزن على وجه العالول، بدا أيضا التحدي والغضب على الاحتلال الذي طالما ارتبط اسمه بالقتل والدمار والتوسع والخراب.
في المقابل، أبى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي إلا وأن يعبر عن مشاعره بالقول:' زياد محظوظ، أحبه الله فاختاره تكريما له ولدوره النضالي في حياته، نتذكره كلما التقينا بشخص ملهوف على الوطن، جسد نفسه رمزا في ذاكرة كل الاحرار'.
من جهته شدد رئيس بلدية رام الله موسى حديد على أن تواجد المواطنين هذا اليوم في الأراضي المهددة بالمصادرة هي رسالة تحدي جديدة للمحتل.
وأضاف: الشهيد زياد لا زال في قلوب وضمائر الفلسطينيين وترك ارثأ للنضال مطلوب أن نواصل مشواره وأن نغير التفكير في آليات النضال، وإن زياد أعطى درسا للجميع بأن المواجهة الشعبية مع الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية تفضح ممارسات هذا الغاصب وتعريه أمام العالم'.
تسعة ايام مضت على رحيل الشهيد أبو عين، الذي ظن الاحتلال بقتله قد يطفئ نهج المقاومة الشعبية الا ان رفاق دربه كانوا حاضرين في الميدان، واصبحوا أكثر إصرارا على مواصلة مقاومتهم الشعبية حتى زوال الاحتلال، الامر الذي عبر عنه الناطق باسم حركة فتح أحمد عساف بقوله: اسرائيل أعدمت الشهيد أبو عين بقرار مسبق، وهذا دليل على جديتها في قتل هذه المقاومة الشعبية، ولكنها لن تنجح في تحقيق هذا الهدف أبدا؛ لأننا جميعا مخلصون للهدف الذي ضحى من أجله زياد.
كما أعاد المواطن معتز راغب التأكيد على أن الجماهير زادت صلابة بعد استشهاد أبو عين، مشددا على أن بلدة ترمسعيا والقرى المجاورة ستسعى جادة للحفاظ على الأراضي التي استشهد فيها أبو عين مهما بلغت التضحيات.
وحول الهدف من فعالية هذا اليوم ذكر أمين سر حركة فتح إقليم رام الله والبيرة موفق سحويل باعتبار أن الإقليم هو القائم على هذه الفعالية بأنها جاءت 'وفاء للشهيد وللتأكيد على أن شعبنا وفي لنهج الشهيد زياد في مواصلة التصدي لجيش الاحتلال ومستوطنيه'.
وأردف: هذا النضال على الأرض يأتي داعما لجهود الرئيس محمود عباس في كافة المحافل الدولية بما فيها التوجه لمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن جدول زمني محدد.