يوميات أسير : الأسير شاهر روحي الريماوي... الاعلام بوابتي النضالية الثانية
سراب عوض - الأسير الفلسطيني لم يكن مجرد اسم أو رقم، بل كان شابا له طموحاته وآماله، له ماض مشرف وأمامه حاضر مشرق، يفكر في مستقبله، له ما لكل شاب من حياة وطموحات وانتكاسات وخوف وحب وأمل.
وفي لحظة واحدة ينتقل من مكان لآخر، ومن وضع لآخر مخالف تماما، ويصبح مجرد رقم، شأنه شأن آلاف الأسرى.
الأسير شاهر روحي الريماوي (30 عاما)، أحد ناشطي كتائب شهداء الأقصى من قرية "بيت ريما" بمحافظة رام الله والبيرة، رحلته خلف القضبان حددها السجان بـ 9 أعوام، بقي على انتهائها عام واحد. يروي الريماوي قصته لـ "الحياة الجديدة" ويقول: "اعتقلت بعد مطاردة استمرت عامين، حيث أنهيت قبلها مرحلة الثانوية العامة والتحقت بجامعة القدس المفتوحة، وبعد سنة ونصف السنة تمت مطاردتي، ومن ثم اعتقالي، فلم أتمكن من مواصلة تعليمي الجامعي".
ويواصل:" عشت قصة حب جميلة مع فتاة تقدمت لخطبتها وحال السجن بيننا، أحببتها في الجامعة، وكنت أتمنى أن تتوج هذه القصة بزواج، لكن اعتقالي جعل أهل الفتاة يرفضون انتظار ابنتهم لي، فتزوجت بعد سنوات على اعتقالي. كان ذلك قبل 6 سنوات"
يصف الريماوي طبيعة الاعتقال، وكيف يتفنن السجان بابتكار اساليب القهر والاذلال، حيث يقول: "بعد اعتقالي مكثت في مركز التحقيق "المسكوبية" وتواصلت سياسة العزل والتعذيب والحرمان من الزيارات والنوم بحقي، وقضيت في ذلك شهرين متواصلين، كان انتقالي الى السجن بداية مسيرة نضالية أفتخر بها. خضت اضرابات ومواجهات مع بقية الأسرى، ورغم الألم الا أننا لم ولن نندم على ما قدمناه، بل نشمخ دوما برسالتنا ومبادئنا التي لن نحيد عنها".
لم ينته الحديث بعد، فالأسر حياة دون حياة، رحلة طويلة من العذابات والآلام، وفيض من الارادة والتحدي، ونفوس هي الأكثر علما بمعنى الشوق والحنين، فالأسير انسان من لحم ودم ولا شك أن رؤيته لوالدته بعد 7 سنوات من الغياب تنكأ الجراح وتؤجج المشاعر وتثير العاطفة. يقول الريماوي: حرمتني ادارة السجن من رؤية أهلي، وبعد 7 سنوات سمحت لوالدتي بالزيارة، حينها سجدت شاكرا لله وقبلت جبينها وضممتها، الا انني حتى الآن ما زلت محروما من رؤية والدي واخواني، لكن ما يخفف علي أن ادارة السجن تسمح بزيارة والدتي بين الفينة والاخرى، وهنا تبرز ارادة التحدي عند الأسير حيث التعالي على الجراح، وعلى الأحزان ولوعة الفراق.
ويتابع قائلاً: بعيدا عن مواقف التحدي وعدم الانكسار أمام الاحتلال، وبعيدا عن ضرورة أن يتمتع الأسير بروح معنوية عالية، فهناك من يعتبر يوم العيد اسوأ يوم في حياته كأسير وأنا منهم، فالعيد مناسبة لبث الأوجاع والآهات والشعور بالحرمان، وهذا ما عشته شخصيا مع عدد كبير من اخواني الأسرى، حيث تتدفق المشاعر في هذا اليوم وتتجدد الأحزان".
يخطط شاهر بأن يكمل تعليمه ويحقق طموحه في أن يصبح اعلاميا، ويعتبر أن الاعلام ساحته الثانية للنضال والمقاومة، ويعتبر أن الاعلام الوطني جزءا لا يتجزأ من المعركة مع العدو، بل يعتبره من أهم الأدوات التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على مسار المعركة ومدى تحقيق أهدافها وجني ثمارها.
ويختم حديثه قائلا: الأسير الذي سيطلق سراحه بعد سنة، هو الآن في سجنه يعد الأيام والساعات لأن يوم حريته اقترب، والفرحة بالعودة لأهله ومحبيه تملأ قلبه، لكنني أشعر بأن فرحتي منقوصة وحزين جدا لترك أخوة ورفقاء درب عشت معهم على تفاصيل الأمل والألم.