الحنينُ إلى الوطنِ.. يُمزّقُني كُلّ يومٍ - عطا الله شاهين
كُلُّ يومٍ يمرُّ مِنْ عُمري أجدُ نفسي فيه أتعذّبُ واحترق ، لأنّ الحنينَ إلى وطني المسلوب لا يتركني أبداً.. ويحثُّني باستمرارٍ لاعتلاءِ تلةٍ قريبة مِنْ مهجعي ، لكيْ أنظرَ بشغفٍ إلى وطني المُمدد على السّاحل الحزين .. المُغتصب مِنْ مُهاجرين أتوا وطردونا منه بقوّةِ السّلاح .. أتذكّرُ قريتي المُلاصقة لشاطئِ البحر .. أنظرُ كُلَّ يومٍ إلى وطني وأبكي بحرقةٍ وألمٍ ، لأنّني أشتاقُ لذاكَ السّاحل المجنون برمله الذّهبي .. الحنينُ إليه يُقطّعني ويقتُلني كُلّ مساءٍ ، حينما أرنو إلى وطني عاشق البحر.. وطني عاشق الأنبياء .. أتوقُ لتلك الرّياحِ ألتي طالما هبّتْ وحركتْ ستائر نوافذ منزلي المطل بشرفاته على بحرِ الجُنون .. اشتاقُ لصوتِ الموج الذي يُمزّقُني حُبّاً في وطنٍ عشقته مُنذُ تمرُّغي برملِ السّاحل الجميل .. لنْ أنسى لعبي بالرّملِ حينما كُنتُ طفلاً صغيراً .. أتذكّرُ ذاكَ الجُندي البريطاني حينما أتى وطردني مِنْ على الشّاطئ .. وقال لي : منعُ تجوُّل .. فحينها لم أفهم ماذا يريد مِنّي .. فأنا طفلٌ لا أريدُ سوى الاستمتاع برملِ قريتي وأردت اللعب ولكنه زجرني ورفعَ بُندقيته بوجهي وصاحَ عليّ سأطلقُ النّار، فهربتُ لمنزلي مُرتعباً .. حنيني إلى وطني يجتاحُ كُلّ تفكيري .. لا أريدُ سوى العودة إلى وطني المسلوب .. أريدُ العودةَ إلى قريتي لأشمّ نسيم البحر .. لأتذكّر طُفولتي الجميلة .. حنيني إلى وطني يأكُلني كُلّ مساءٍ ، حينما أنظرُ إليه مِنْ على تلةٍ لأرى ساحلي المُغتصب مِنْ بعيد.. أرى البحرَ والسّفنَ فيه تُبحر.. الحنينُ إلى وطني شغفٌ يُمزّقُني كُلّ يومٍ ، واشتاقُ بلهفٍ لأزور البحرَ ذات يومٍ لأسبح في مياهه .. لنْ يموتَ الحنينُ بداخلي لأنّني لنْ أنسى وطناً أُخذَ منّا بالقوة .. الحنينُ إلى وطني سيبقى هاجسي حتى أعودُ إليه ذات يوم .. حتى أمسك رملَ ساحلي ، وأقولُ ها لقدْ عُدتُ يا وطني.