قروض ظاهرها نسوي..
ميساء بشارات
بعد أن ضاق الحال بزوجها وأسرتها لجأت الشابة 'أم أيهم' من إحدى قرى محافظة جنين، إلى إحدى مؤسسات الإقراض العاملة في المحافظة لتوفير مبلغ من المال ومساعدة زوجها في إقامة مشروع إنتاجي.
وهذه المرة الأولى التي تحصل فيها أم أيهم على قرض نسوي بقيمة سبعة آلاف شيقل، لمساعدة زوجها.
'لا استطيع الوقوف متفرجة على حالنا المادي والمعيشي السيئ، وأنا استطيع فعل شيء ولا أقدمه. هذه عائلتي وعلي واجب تجاهها كما على زوجي واجب' تقول أم أيهم.
وتضيف: 'لم أتردد أبدا عند اقتراح زوجي عليّ أن استفسر من جاراتي عن كيفية التقدم لطلب قرض مالي'.
وبعد السؤال ومعرفة كيفية التقديم اتجهت أم أيهم إلى إحدى مؤسسات الإقراض لتقديم الطلب، وبعد دراسة الطلب من قبل المؤسسة تمت الموافقة على الحصول على قرض بقيمة خمسة آلاف دينار.
وتتابع أم أيهم لقد سجل القرض على الأوراق الرسمية باسمي، لكن المستفيد هو زوجي وهذا شيء يسعدني لأنني استطعت الوقوف إلى جانبه ومساندته على مصاعب الحياة التي تواجهنا حيث لا عمل ولا وظيفة.
وستعيد أم أيهم المبلغ المقترض كاملا مع زيادة عليه، موزع على مدار أشهر السنة والنصف القادمة.
وتوفر مؤسسات الإقراض المتخصصة العاملة في فلسطين خدمات مالية قسم خاص منها للنساء، مقابل ضمانات وشروط ائتمان ميسرة لتتوافق مع المقدرة الاقتصادية للنساء، وتصنف مؤسسات الإقراض على أنها مؤسسات مالية معظمها غير ربحية، تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وضمان مشاركتها الفاعلة، والمساهمة في الحد من الفقر والبطالة في المجتمع الفلسطيني.
وأم أيهم ليست المرأة الوحيدة التي تحصل على قرض باسمها للوقوف مع زوجها في محنته ومساندته في مشروعه الإنتاجي.
فالشابة مرام عمر من مدينة طوباس، هي أيضا حصلت على قرض بقيمة خمسة آلاف دينار من مؤسسة إقراض أخرى لمساعدة زوجها في مشروعه الخاص.
وتقول مرام إنها أرادت مساندة زوجها في مشروعه، من أجل تحسين الحالة المادية للأسرة، إذ لم ترغب أن يقترض زوجها مالا من أي شخص، وفضلت الاقتراض من مؤسسة إقراض عوضا عن الدين من قبل الأقارب والأصدقاء.
وسيتم تسديد المبلغ المقترض على مدار سنتين، وذلك بعد أن دفعت لمؤسسة الإقراض عند استلام القرض حوالي 200 دولار، مرابحة على المبلغ المقترض حسب نظام مؤسسة الإقراض.
ويوجد في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي ثماني مؤسسات إقراض، لها فروع في مختلف أنحاء الضفة وغزة، وكل منها له شروط يجب أن تتوافر في المرأة المقترضة.
وبالنسبة لأم عدنان، فقد كان هدف القرض مختلفا، عندما أصرّ ابنها على الزواج وعدم تأجيل ذلك للعام القادم، فما كان منها إلا اقترضت مبلغا من المال باسمها، مساعدة لابنها المقبل على الزواج.
تقول أم عدنان: أردت مساعدة ابني بعد أن أصرّ على الزواج خلال هذا العام، في ظل عدم مقدرتنا على تحمل نفقات الزواج كلها، فلجأت للحصول على قرض، لكنني لم أفصح عن كيفية صرف القرض الحقيقية، وقلت أنني أود عمل مشروع إنتاجي.
وتقوم بعض المؤسسات الإقراضية بمتابعة المشاريع الإنتاجية التي تود النساء إنشاءها، والتأكد من صدق المشروع ومدى نجاحه وخبرة المرأة صاحبة المشروع.
وتتابع أم عدنان: 'عندما أرادت المؤسسة الاقراضية التحقق من المشروع قمت وزوجي بإطلاعها على مصدر رزق العائلة وهو بيت بلاستيكي لزراعة الخضار، كنا قد استأجرناه من مالكه مقابل حصة معينة من الأرباح'. ويشكل لهم مصدر رزقهم الأساسي والوحيد.
وتمضي أم عدنان قائلة: 'بعد أن حصلت على القرض، والذي تترتب عليه فائدة، وبدأت بسداده كان قد ارتفع سعر صرف الدولار، وهذا شكل علي عبئا أكبر، فعوضا عن إعادة القرض فقط، سوف أدفع نقودا أكثر بسبب الزيادة التي طلبت على القرض أولا، والزيادة في سعر صرف الدولار ثانيا.
وتبدي أم عدنان قلقها على كيفية تسديد القرض حاليا، في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها العائلة، مشيرة إلى أنه في حال التزمت بتسديد القرض في موعده حسب الاتفاق مع مؤسسة الإقراض، سيسمح لها في هذه الحالة الحصول على قرض آخر بعد تسديد الأول على فترة 14 شهرا.
وتنوي أم عدنان في حال عدم تيسر الحياة مع عائلتها العودة مرة أخرى للحصول على قرض من أجل تسديد الديون التي تراكمت على عائلتها.
من جانبه، يقول منسق الشبكة الفلسطينية للإقراض الصغير ومتناهي الصغر (شراكة) محمد عليان: 'إن عدد القروض التي تم إعطائها للزبائن من خلال 7 مؤسسات إقراض حتى تاريخ 30/9 /2014 بلغت حوالي 30,000 قرض بقيمة تزيد على 68 مليون دولار، وبلغت نسبة النساء المقترضات حوالي 46%.
تقول نسرين سويلم مديرة إقليم الضفة الغربية لبرنامج قروض في شركة أصالة للإقراض والتنمية، إن هناك نسبة كبيرة من النساء اللواتي يقدمن على الحصول على قرض من أجل مساعدة أزواجهن وعائلاتهن في مشاريع إنتاجية.
وتضيف: نحن في المؤسسة لا نمانع ذلك، لكننا نحاول ضمان حق المرأة، بجعلها شريكة في المشروع الإنتاجي جنبا إلى جنب مع الرجل المستفيد، وجعلها جزءا من المشروع، لذلك نقوم بطلب عقد شراكة بينهما.
وتشير سويلم أن الطلب على القروض من قبل النساء في كل عام يزيد عن العام الذي سبقه.
وبلغ مجموع عدد القروض النشطة لأصالة لغاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 5490 قرضا نشطا في الضفة وغزة، بمحفظة حجمها 4246812 دولارا. وبلغ عدد القروض التي صرفت خلال عام 2014 بالضفة وغزة 2325 قرضا، بمحفظة 3426850 دولارا.
وتستهدف 'أصالة' النساء الفلسطينيات في جميع المحافظات وبالأخص النساء الأقل حظا ووصولا للمصادر المالية أو التي لهن علاقة ببناء القدرات في القرى والمخيمات واللواتي يجدن صعوبة في التنقل والحركة من أجل تأسيس وتطوير مشاريع إنتاجية لهن.
كما تستهدف بناء قدرات المرأة وكسب التأييد والحشد من أجل خلق وحماية الحقوق الاقتصادية لها، وذلك من خلال تقديم التدريبات والاستشارة لهن في أماكن سكنهن، كما تهدف إلى خلق امرأة ريادية قادرة ومؤثرة في المجتمع.
وحول عدم منح الرجال قروضا مباشرة، تقول سويلم: 'نريد تعزيز دور المرأة وتمكينها اقتصاديا، لذلك برامجنا تستهدف المرأة بالدرجة الأولى، والعائلة بالدرجة الثانية'.
وتضيف: 'من ضمن خطتنا القادمة استهداف الرجل، كما يوجد مشاريع عائلية تقوم أصالة بإعطائها للنساء بهدف تطوير العائلة، وبشرط أن يكون للمرأة دور وملكية في هذه المشاريع المنفذة'.
وتستهدف 'أصالة' جميع القطاعات (الزراعية والتجارية والخدماتية والإنتاجية) والمهم فكرة المشروع والدراسة الجيدة له والخبرة عند السيدة في المشروع المقدمة له.
وأوضحت سويلم أن معايير منح القروض في شركة أصالة تعتمد في المقام الأول على طبيعة المشروع، ومدى نجاحه واستمراريته، وخبرة المرأة.
وفي حال الشعور بعدم الخبرة الكافية للمرأة، تقوم أصالة بتوفير التدريب للمرأة لتمكينها من مواجهة الصعوبات التي ستواجهها لتحقيق النجاح في المشروع.
أما عن الإجراءات التي تقوم بها أصالة لمنح القروض، فتقول سويلم: 'إن الخطوة الأولى هي زيارة المرأة الراغبة بالقرض، والحصول على معلومات ذات علاقة بالمشروع، وفكرته، وأهدافه، ومعرفة خبرة المرأة بالمشروع التي تريد تنفيذه، ومدى نجاحه واستدامته'.
ومعظم القروض التي تحصل عليها المرأة من قبل مختلف مؤسسات الإقراض الهادفة إلى تمكين المرأة اقتصاديا، نسوية في ظاهرها، لكنها تذهب مساعدة ومساندة للرجل.