'هدى'.. دلالات الاسماء إذا عصفت بلاد الشام
(جميل ضبابات)
إذا كان اسمك 'هدى' فأنت محظوظة لأمور عدة، فهو اسم مرن من ثلاثة حروف ليست فيها علامة شدة، ذو دلالة لغوية تحمل دلالة الخشوع واليقين، وهو اسم كبير دخل عالم الاخبار مثل اي اسم لأي متميز او قائد سياسي.
كثيرون لا يعرفون من هو الكيميائي السويدي الفرد نوبل، لكن قليلين هذا الصباح، لا يعرفون من هي 'هدى'؟
اذا كان اسم فتاة 'هدى'، وفكرت بدلالاته، وهذا ما يحصل عند معظم البشر الذين يسردون ملابسات تسميتهم، فإنها من الان فصاعدا لن تعتمد على رواية العائلة.
أصبح 'هدى' اسم كبير في عالم اخبار الشرق الاوسط، يتصدر الاخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، وبات منذ اطلق ليلة امس حديث المغردين على الاقل في فلسطين والاردن.
هو اسم عربي شائع، له دلالاته الانثوية الدافئة، فغير فتاة في البلاد الاسلامية التي تستخدم العربية كلغة محكية او رسمية او دينية تحمل هذا الاسم.
يقول معجم المعاني، في سرد قائمة طويلة تحت الاسم هدى بضم الهاء: هو اسم من الفعل هدى بفتح الهاء، ومستعينا بسلسلة امثال تتعلق باستخدامات الفعل يشير الى بعض منها، وتشير كلها الى ان الهدى هو طريق الحق والفائدة، وثم يعرج القاموس على آيات قرآنية كريمة تضمنت الفعل ودلالاته الكبيرة.
فوق تلك الدلالات استخدم بعض الراصدين الجويين هذا الاسم، لإطلاقه على عاصفة ثلجية محتملة قد تضرب بلاد الشام منتصف الاسبوع، قيل الكثير عن المنخفض العاصف، لكن اي ارتفاعات قد تسقط فوقها الثلوج ما زالت غير محددة.
حتى الساعات الاولى من ليل امس، لم يكن اسم 'هدى' معروفا في عالم الرصد الجوي الشرق أوسطى، فجأة بث خبر على صفحة أحد الراصدين الجويين الذي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي يدعى قصى الحلايقة يشير الى الاسم.
الحلايقة: إن 'عدة مواقع طقس، وفضائيات فلسطينية واخرى اردنية، ومجموعة من الراصدين الجويين والاعلاميين في الاردن وفلسطين وبعض اجزاء بلاد الشام، اتفقوا على اطلاق اسم هدى على هذه العاصفة الشتوية، استكمالا لما تم بدء العمل به منذ العام الماضي بتسمية العواصف الشتوية بأسماء عربية'.
وقال مطلقو الاسم على العاصفة المحتملة، إنهم اختاروا الاسم لدلالته الروحانية الدينية، اذ أن الهدى هي كلمة قرآنية ارتبطت باسم النبي محمد. ويبدو أن ثمة رابط بين الاسم وبين ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف اليوم.
بدأت اسماء المنخفضات الجوية وتطورت بعيدا عن المؤسسة الرسمية التي تأخذ جانب الحذر في التعامل مع التنبؤات الجوية البعيدة، فمواقع الكترونية يديرها راصدون يعملون بشكل فردي، بدأوا منذ عامين في فلسطين بإطلاق اسماء ذات دلالات مكانية على بعض المنخفضات التي تصل المنطقة، مثل اطلاقهم اسماء بلدات ومواقع مهمة في فلسطين التاريخية. لكن حتى الامس لم يكن اسم العاصفة المتوقعة واردا في ذهن احد.
كلمينت راج، عالم ارصاد جوي استرالي، يعتبر 'أبو علم' في اطلاق الاسماء على العواصف والاعاصير، وكان هدفه في ذلك الحين، احراج البرلمانيين الاستراليين الذين كانوا يرفضون التصويت على توفير منح لأبحاث الارصاد الجوية.
ويقال ايضا، إنه كان يطلق اسماء الاعاصير المدمرة على نساء كان يكرههن، وبالتأكيد ليس هذا الهدف من اطلاق اسم 'هدى' على عاصفة اذا وصلت ستخلف الكثير من الاضرار في دول شرق اوسطية تعاني من هشاشة البنية التحتية وضعف الامكانات لمواجهة عاصفة باردة عاتية.
في السنوات التي سبقت نظام راج، فقد اطلق على العواصف والاعاصير اسماء قديسين وقساوسة، او حتى يطلق عليها اسم رقم السنة. وهذا امر شائع في فلسطين، فهناك ثلجة التسعينات والخمسينات، وكلاهما كانت عاصفة سقطت فيها الثلوج على معظم الارتفاعات حتى لامست الساحل الفلسطيني.
اما 'هدى'، فلا احد يعرف كيف ستكون؟ اذا سارت على هداها حسب ما تشير الخرائط الجوية، فإنها ستكون عنيفة، اما اذا انحرفت عن مسارها، فإن دول المنطقة ستتجنب الكثير من المشاكل التي قد تحدث.
وقد تخيب آمال الراصدين الجويين الذين يعملون وراء اجهزة الحاسوب في مراقبة الخرائط الجوية، ونشر ارقام علمية حول كميات الرطوبة لا يفهمها الكثيرون.
خلال الايام الفائتة في خضم الحديث عن العاصفة المحتملة، تعددت الاسماء وكثرت، وأصبح كل موقع غير رسمي يطلق اسما مختلفا، لكن اي منها لم يعلق بمجتمع الاخبار المحلية مثل 'هدى'.
ليس معروفا بعد اذا كان مجتمع الاخبار الاقليمي والدولي سيشير الى هذا الاسم كحقيقة اخبارية واقعة، او يتجاوزه، ويبقى الحديث عن العاصفة كحدث طبيعي في منطقة كل شيء فيها يتقلب من السياسة مرورا بالاقتصاد حتى دلالات الاسماء.
اذا كان اسمك 'هدى' وفرحت لهذه الاخبار، فإن اخبار اخرى في جريدة النهار اللبنانية افرحت كل فتاة اسمها 'زينة'، الرديف اللبناني لـ'هدى' الفلسطينية والاردنية.