'الشموع'... تطفئ نور الطفلين الهبيل بغزة
(زكريا المدهون)
في دول العالم تستخدم الشموع للأفراح والمناسبات السعيدة وصناعة عرائس الأطفال، لكن الوضع في غزة معاكس تماما بعدما تحولت هذه الشموع إلى 'وسائل' لجلب المآسي والأحزان.
من الآن فصاعدا ستغيب ضحكات الطفلين الشقيقين عمرو وخالد الهبيل إلى الأبد، بعدما حولتهما شمعة كان يفترض أن تنير لهما ظلمات منزلهما إلى جثتين هامدتين.
اعتقد محمد الهبيل والد الطفلين الذي يرقد في مستشفى الشفاء في مدينة غزة لتلقي العلاج من الحروق التي أصيب بها، أن إيقاد 'شمعة' سيجلب النور لطفليه الوحيدين عمرو (4 أعوام) وخالد (6 أعوام)، لكن أحلامه ذهبت أدراج الرياح وتحولت إلى ظلام.
وعن تفاصيل المأساة الجديدة، قال 'أبو العبد' أحد أفراد عائلة الهبيل لـ'وفا': 'نتيجة انقطاع التيار الكهرباء عن المخيم لساعات طويلة، أضاء والد الطفلين 'محمد' الشمع لإنارة منزله، خاصة لطفليه الصغيرين وذهبت والدتهما الى الطابق السفلي'.
وأضاف، 'في حين ذهب الأب للاستحمام وخلال ذلك اندلعت النيران فخرج مسرعا لإطفاء الحريق في غرفة طفليه اللذين كانا يغصان في النوم فلم يقدر فهرع إخوانه وجيرانه لمساعدته'.
وبعد محاولات عديدة تمكن الجيران من انتشال الطفلين اللذين توفيا اختناقا من كثافة الدخان قال 'أبو العبد'، مشيرا إلى احتراق جميع محتويات المنزل.
وتابع: 'لولا عناية الله لكانت الكارثة أكبر بكثير من ذلك، حيث وقع الحريق في عمارة سكنية تتكون من أربعة طوابق'.
وعمّ الحزن أرجاء مخيم الشاطئ بعد هذه المأساة، مطالبين بوضع حد لمعاناتهم ومنها مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.
ومنذ بداية أزمة الكهرباء في 2006 توفي نتيجة الحرائق الناتجة عن إشعال المواطنين لبدائل عن الكهرباء ما يقارب 20 مواطنا معظمهم من الأطفال.
بدورها قالت حركة الجهاد الإسلامي: 'إن الحادث المرير الذي أودى بحياة طفلين من عائلة الهبيل ينكأ جرح الحصار المفتوح الذي تسبب بمعاناة مستدامة لشعبنا وأهلنا، ويُحتم على دوائر الاختصاص المختلفة، النهوض بمسؤولياتها وواجباتها لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي المفجعة؛ لا سيما وأننا في بداية موسم الشتاء'.
وأضافت الحركة في بيان تلقت 'وفا' نسخة منه: 'إن الجهات المسؤولة والمتنفذين ليسوا بمعزل عن هذه المسؤولية، ولا ينبغي التذرع بأي حجج يمكن أن يسوقها البعض لتكون مبررا لإزهاق أرواح الناس، الأمر الذي يحتم عليهم اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرار هذه الحادثة الأليمة'.
ورأت 'أن تقليص ساعات وصل الكهرباء مؤخرا في قطاع غزة، لا يعدو كونه سياسة لإدامة الحصار، يدفع ثمنه يوميا مواطنون أبرياء'.
وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، عن تشغيل مولد واحد فقط بمحطة التوليد اليوم الأحد، لتدعيم برنامج التوزيع الحالي بواقع (6 ساعات وصل)، والذي يتضرر كثيرا وتتقلص ساعاته مع الأجواء الشتوية الباردة هذه الأيام.
وتقول سلطة الطاقة إن ما تمّ توريده هو كمية محدودة لا تكفي إلا لتشغيل يوم واحد فقط، وأنها تعتزم الاستفادة من هذه الكمية المحدودة بشكل مقنّن بما يضمن الاستفادة القصوى منها في تشغيل المحطة'.
وتضيف، أنها تبذل قصارى جهدها لتوفير ما يمكن توفيره من وقود لتشغيل محطة توليد كهرباء غزة، في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها القطاع والانخفاض الحادّ في نِسب التحصيل.
لكن السؤال الذي يبقى أكثر إلحاحا في الشارع الغزي، هل ستكون مأساة عائلة الهبيل هي الأخيرة؟