أُمنيّات لعاشقيّن يقتُلها السّياجُ الفاصِل - عطا الله شاهين
أُمنيّات لعاشقيّن يقتُلها السّياجُ الفاصِل عطا الله شاهين ما زلتُ انتظرُكِ على تلٍّ يطلُّ على ساحلٍ حزينٍ.. أقفُ قُربَ سياجٍ بشعٍ .. ذات السّياجُ الذي يفصلُ بين شجرات زيتوننا ، على تلٍّ يبكي مِنْ بشاعةِ ذاكَ السّياج الشّائك .. المحاصر لأرضنا .. أنظرُ إلى تلك الزيتوناتِ الواقعاتِ خلفَ السّياج ، ولا استطيعُ الوصولَ إليهن ، إلّا بتصريح عبرَ بوابةٍ الكترونية .. يفتحُها الجُندي بمزاجهِ وقت ما يشاء .. انتظرُكِ هُناك قُربَ سياجٍ يفصلُ بين الأهالي وبين الأحِبّة .. أنتِ تذكُرينَ ذاك المكان .. ففيه كانَ عِناقُنا الأوّل وحزنتِ حينما رأيتِ الطّبيعة تبكي مِنْ بشاعةِ السّياج القاتِل لسهولنا وتلالنا .. كانَ عناقُنا حزيناً.. وكُنتِ تنظُرينَ إلى البحرِ وعيناك تتُوقانِ بلهفٍ للعومِ في مياهه .. كُنتِ تُعانقينني وتتمنّينَ أنْ تزوري بلدتُكِ الباكية على السّاحل الحزين .. ما زلتُ أقفُ قُربَ السّياج وأهذي مِنْ بشاعته ، لأنّه يُبعدني عَنْ وطني .. يُبعدني عَنْ شجراتي .. يُبعدني عَنْ أهلي .. انتظرُكِ والحُزنُ يملأُ عينيّ ، ولكنْ بقدومكِ يتبدّدُ الحُزنُ ، لأنّني مُشتاقٌ لاحتضانكِ الرّائع .. ففي عِناقُكِ يموتُ الكرْب .. قُرب السّياجِ أقفُ لساعاتٍ انتظرُكِ لأنّني أُحِبُّ فيكِ حضوركِ البهي.. أُحِبُّ طلّتُكِ المجنونة .. أُحِبُّ سماعَ تنهّداتكِ القاتِلة ، وأنتِ تهمسينَ عَنْ حُبٍّ لا يقتُله سوى الرّصاص الآتي مِنْ جُنودٍ حاقدين .. انتظرُكِ وأنا أتألّمُ لمُشاهدةِ ذاك السياج بأسلاكه البشعة .. فقُربَ ذاك السّياج سأبقى انتظرُكِ ، لأنّ الحُبَّ هُناك يسكتُ مِنْ عِناقٍ جُنوني مع أن الحُزنَ يقتُله .. لنْ ابرحَ مكاني .. وسأظلُّ انتظرُكِ حتى أثملَ مِنْ جُنونِ شَغفكِ .. من جُنونِ حُضوركِ .. مِن جُنونِ عِناقُكِ .. سأظلُّ انتظرُكِ قُربَ سياجٍ يأكلُ أرضنا ويُبشّعُ سهولنا وجبالنا ، وأبكي هُناك على ضياعِ الوطن .. أنتِ تعلمين بأنّ حُضوركِ للمكانِ يُبهره جمالاً ، لكنّ الحُزنَ يبقى في عينيّ .. فالسّياجُ يجعلني حزيناً ، لأنّه لا يسمحُ لنا بالعبورِ سويةً كيْ نسبحَ معاً في بحرٍ يتُوقُ بلهفٍ لجَمالِ وانسيابِ جسدُكِ السّاحر.. سأظلُّ انتظرُكِ هناك على تلٍّ يقتله السّياج بجثومه السّمج .. فلنْ ابرحَ مكاني رغمَ بشاعة ووقاحة ذاك السّياج الفاصل بين وطننا، لأنّ عِناقُنا هُناك على التّلِّ يهدأُ ويحزنُ بجنونٍ على ضياعِ الأرض ، وحينما نتعانق سنتمنّى في احتضاننا المجنون أنْ نعودَ للوطنِ ذات يومٍ ، وسنعيشُ في وطنٍ ما زالَ ينزفُ دماً ، لكنّ الحُزنَ سيتلاشى حينما نَجِدُ وطننا المسلوب ..