مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

الكتاب الذي أوصى محمود درويش بترجمته

 (خالد جمعة)

'اختراع الشعب اليهودي' لشلومو ساند، ليس مجرد كتاب ينتقد إسرائيل، إنه كتاب يفضح التاريخ اليهودي برمته، وقد أوصى الشاعر محمود درويش بترجمته قبل وفاته.

الأهلية للنشر والتوزيع نشرت الكتاب في عمان عام 2011 بالاشتراك مع مدار 'المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية'، وترجمه سعدي عياش، ودققه أسعد زعبي، وكتب مقدمته الصحفي الفلسطيني أنطوان شلحت، ويقع في 416 صفحة من الحجم الكبير.

يعتقد شلومو ساند أنه لم يكن في أي زمن مضى شعب يهودي واحد لذلك اضطرت الصهيونية إلى تأميم الديانة اليهودية وتحويل تاريخ الجماعات اليهودية إلى سيرة شعب 'إثني'، وأن إعادة كتابة الماضي [اليهودي] قد تمت على يد كتّاب أكفاء عكفوا على تجميع شظايا ذاكرة يهودية - مسيحية واستعانوا بخيالهم المجنح كي يختلقوا بواسطتها شجرة أنساب متسلسلة لـ'الشعب اليهودي'.

ويحدد 'ساند' سبب رفضه لفكرة الشعب اليهودي في عدم وجود أي شيء مشترك في مكونات الثقافة الإثنوغرافية ليهودي في كييف ويهودي في المغرب غير الاعتقاد الديني وبعض الممارسات الدينية. ويعلل اختيار مصطلح (إسرائيليون)، الذي أخذ ألمان وفرنسيون من 'أبناء دين موسى' يطلقونه على أنفسهم، بأنه جاء من باب جعل وقعه مقبولاً وتفادياً لاستخدام مصطلح 'يهود' الذي كان مشحوناً بدلالات سلبية للغاية. وجزم ساند بأن التاريخ اليهودي لا يبدأ بقصة اعتناق إبراهيم لليهودية ولا بنزول التوراة في سيناء وإنما بالعودة إلى صهيون من بابل.

يقول يتسحاك باعر: يتعين على كل يهودي حيثما كان في شتان المنفى أن يعرف أن ثمة قوة تضع الشعب اليهودي فوق كل علاقة تاريخية ـ سببية.

في السنوات الأولى لقيام دولة إسرائيل، نمَّت سائر النخب الفكرية والثقافية عبادة الثالوث المقدس 'السفر ـ الشعب ـ الأرض'، وأضحى التناخ أيقونة مركزية في تصميم وهندسة الوطنية 'المتجددة'، وأُرغم موظفو الدولة على عبرنة أسمائهم، اعتماداً على مستودع الأسماء التناخي بصورة عامة.

يذهب شلومو ساند إلى أن التوراة فيها تزوير واضح، فكيف يمكن الادعاء بأن التوراة كتبت في عهد موسى وهي تذكر أقواما جاؤوا بعد موسى بأربعة قرون؟ لقد رغب مؤلفو التوراة المتأخرون في توكيد الأصل المختلف وغير المحلي لـ'آبائهم' المتخيلين، فهؤلاء لم يشبهوا قط الوطنيين العصريين المتجذرين في أرض الأمة والواثقين بأنهم نبتوا مباشرة من ترابها. وكانت أرض كنعان خاضعة في زمن 'خروج مصر' المقدر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد لسيطرة الفراعنة الذين كانوا أقوياء في ذلك الوقت، معنى ذلك أن موسى قاد العبيد المحررين من مصر إلى مصر مما يخالف المنطق التاريخي والجغرافي. ويوضح استحالة أن يكون التناخ قد كتب قبل نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، وأن معظم القصص الواردة فيه تفتقر إلى أي سند أو أساس واقعي.

في نقطة من أخطر النقاط التي أتى عليها ساند، وضح أن الرومانيين لم يقوموا قط بنفي 'شعوب'، والآشوريين والبابليين لم يلجأوا في تاريخهم أبداً إلى إبعاد السكان الخاضعين لاحتلالهم قاطبة، إذ لم يكن مجدياً اقتلاع 'شعب البلاد' الكبير المنتج للمحصول الزراعي ودافع الضرائب، وبذلك ينفي جملة وتفصيلا حادثة السبي البابلي. ففي التوثيق الروماني الغني لم توجد ولو إشارة واحدة إلى حدوث أي عملية نفي من أرض يهودا.

رسالة الدكتوراه التي كتبها أوريئيل رايبورت في العام 1965، والتي لم تنشر مع الأسف الشديد رغم من أن كاتبها أضحى مؤرخاً معروفاً لحقبة الهيكل الثاني، تعد من المؤلفات النادرة التي شذت عن الخطاب الهستوريوغرافي السائد وحاولت دون جدوى توجيه أنظار الباحثين في إسرائيل إلى حركة التهويد الواسعة، فعلى عكس سائر المؤرخين الإثنيين ـ القوميين، لم يخش رايبورت الجزم في خلاصة أطروحته اللامعة بأن 'تعاظم اليهودية في العالم القديم لا يمكن تفسيره ـ بسبب حجمه الهائل ـ بواسطة النمو السكاني الطبيعي، عن طريق الهجرة من أرض الوطن أو من خلال أي تفسير آخر لا يأخذ في الحسبان حركة الالتحاق بها من الخارج'.

فضلاً عن القمع والقيود التقليدية التي فرضها الحكم القيصري والملكي الروماني، فقد زعزعت موجة المذابح الشعبية في ثمانينيات القرن التاسع عشر، والتي حملت في حينه بعض ملامح القومية، ملايين اليهود وشكلت عامل حفز أضافي لهجرتهم الكبرى صوب الغرب، فبين الأعوام 1880 و1914 تدفق قرابة مليونين ونصف المليون من يهود لغة الييدش عبر ألمانيا باتجاه بلدان استيعاب في الغرب، وانتهى المآل بقسم أقل منهم بالوصول إلى شواطئ الأمان في القارة الأمريكية [أقل من 3 بالمائة منهم اختاروا الهجرة إلى فلسطين العثمانية إلا أن غالبيتهم الساحقة عادت ورحلت عنها فيما بعد].

ويختتم ساند كتابه بالتساؤل التالي: السؤال الإجمالي وربما الأصعب: ما هو مدى استعداد المجتمع اليهودي ـ الإسرائيلي المتخلص من الصورة العميقة التي تنسبه إلى 'شعب مختار'، الكف، سواء باسم تاريخ زائف أو بواسطة بيولوجيا خطيرة، عن تفخيم الذات وإقصاء الآخرين من داخله؟

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024