الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

حول ظاهرة الفساد في إسرائيل... - د. عبد المجيد سويلم

ظاهرة الفساد هي كما تدل الأبحاث والدراسات والتقديرات، أيضاً، ظاهرة عالمية ولا تقتصر على دولة بعينها أو مجتمع معيّن. كما هو معروف فإن ظاهرة الفساد هي أيضاً ظاهرة قديمة قدم مؤسسة السلطة والدولة ومتلازمة معهما من الناحية التاريخية.
في دولة القانون والمؤسسات تنحسر ظاهرة الفساد خلافاً لهذه الظاهرة في البلدان التي تفتقد للمؤسساتية ـ من حيث الشكل على الأقل ـ أو للديمقراطية والحريات المختلفة.
لكن هذا الحكم حتى وإن كان صحيحاً فهو ليس دقيقاً على الإطلاق، بل ويمكن القول هنا إن ظاهرة الفساد في البلدان (الديمقراطية) هي ظاهرة أكثر عمقاً وتنظيماً بسبب «قدرتها» الهائلة على الالتفاف «القانوني» على القانون، وبسبب «معرفتها» بالوسائل والأساليب والمسارب والدهاليز التي «تمكنها» من الإفلات المدروس من المحاسبة والمساءلة.
ظاهرة الفساد في إسرائيل ربما تكون فريدة إلى حدٍ ما وذلك لأن الكثير من المظاهر الفسادية تنتمي إلى الطابع «العالم ثالثي» لهذه الظاهرة من جهة وإلى الطابع الفسادي في بلدان الديمقراطيات الغربية من جهةٍ أخرى.
بمعنى معين فإن ظاهرة الفساد في إسرائيل تكون فجّة ومكشوفة وعلنية ومرئية ـ كما هي ظواهر الفساد في البلدان النامية ـ وتكون مخفية وعميقة ومنظمة كما هي عليه هذه الظاهرة في البلدان المتقدمة.
ولكن عنصر الفرادة في إسرائيل لا يقتصر على هذا «الجمع» ما بين الطابعين وإنما يتعداه إلى «تركّزه» الغريب في السنوات الأخيرة تحديداً في الأوساط السياسية وفي تلابيب المجتمع السياسي في إسرائيل، حتى وصل إلى مستويات عسكرية وأمنية كانت حتى سنوات قليلة ماضية «تسوّق» على أنها فوق الشبهات.
من الظواهر اللافتة للانتباه في الآونة الأخيرة ما ذكر في بعض منشورات أحد مراكز الأبحاث في إسرائيل من أن بعض الأوساط في المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي أصبحت على استعداد أن تقوم بحروب محدودة ـ وربما غير محدودة ـ من أجل أن تتمكن من بيع أسلحة مجرّبة بما في ذلك الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
فعندما تصل الأمور إلى هذه الدرجة فإن المتاجرة بدماء الفلسطينيين قد تجد ما «يبرّرها» لكن أن تصل الأمور إلى مستوى «التضحية» بحياة الجنود الإسرائيليين لتحقيق أهداف تجارية فهذه ظاهرة حتى وقت قريب ـ إذا صحّت ـ كانت مستغربة وخارج المألوف الإسرائيلي العام.
أما ظاهرة الفساد المرتبطة بتجهيز الفضائح «المناسبة» لمستوى أزمة هذا الحزب أو ذاك أو هذا القائد أو ذاك فقد تحوّلت هي بدورها، أيضاً، إلى ما هو أبعد من اللافت للانتباه.
لماذا تنتشر التحقيقات في قضايا الفساد على أبواب الانتخابات؟، ولماذا تطال هذه القضايا شخصيات بعينها؟، ولماذا لا يتم الكشف عن قضايا الفساد إلاّ في مراحل سياسية مفصلية؟ فهذه كلها ما زالت أقرب إلى الأحجيات والألغاز منها إلى المرئي والمكشوف.
كأن هناك في الواقع السياسي في إسرائيل حلقات خفية هي من حيث القدرة ما هو فوق مستوى المجتمع السياسي في إسرائيل. وهي من حيث أدوات السيطرة والتحكم ما هو أقوى من الأساليب والأدوات المتعارف عليها في مثل هذه الحالات.
إذن، هناك في الواقع الإسرائيلي على ما يبدو من مظاهر الفساد ما هو أخطر بكثير من الرشى والتحرشات الجنسية.
وهناك على ما يبدو فساد «بنيوي» يتعلق بأدوات التحكم المالي والسياسي ووجهات القرار في إسرائيل.
هل يوجد في إسرائيل منظومات فوق رسمية أصبحت من القدرة والتحكم توجه الدفة الإسرائيلية على مختلف المستويات وبما يحدد السياسات في المجالات كافة؟
لا شك أن إسرائيل وفيما يتعلق بالجانب اليهودي منها هي دولة ديمقراطية، وفيها القدر الكافي من الحريات وآليات تداول السلطة، إلاّ أن الكثير من المظاهر الأخيرة باتت تلقي الكثير من الشكوك حول دقة هذا التقدير إذا لم نقل صحته أيضاً.
كما أن ما يوصف بأنه تراجعات كبيرة في مظاهر الديمقراطية الإسرائيلية لم يعد في بعض جوانبه يتعلق بالجانب الأمني أو على قاعدة «قومية»، بل إن هذه التراجعات أصبحت تنتقل شيئاً فشيئاً إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية وبما يمس حياة الهود أنفسهم.
الجانب الآخر من فرادة موضوع الفساد في إسرائيل يتعلق بأزمة إسرائيل العامة.
إسرائيل في الواقع لم يعد بمقدورها أن تظل ديمقراطية بنفس القدر والطريقة طالما هي تحاول أن تفرض يهوديتها، وإسرائيل عندما تعتقد أن المحيط كله سيتحول على شاكلتها (أي دويلات إثنية، عرقية، دينية، طائفية) فإنها في الواقع تفكر بمنطق فرض الهيمنة على الإقليم باستخدام كل الوسائل باستثناء الديمقراطية، وهو الأمر الذي سيدفع بها إلى مزيد من التدهور والسلطوية الداخلية ما يجعل من ظاهرة الفساد فيها ظاهرة تدفع بها إلى العنصرية والسلطوية، وقد يؤسس ذلك في المستقبل القريب إلى الاستغناء عن «الديمقراطية» من حيث الجوهر والإبقاء على شكليات وديكورات فارغة من المضمون.
أي ان الفساد في إسرائيل على المستويات التي أشرنا إليها ربما يكون إحدى الآليات الخفيّة للتحول إلى الدولة اليهودية والدولة الفاجرة والفاسدة والسافرة في استخدام القوة. 
المهم ان الفساد في إسرائيل ليس مجرد فساد عادي، إنه على ما يبدو جزء من التحولات الكبيرة في إسرائيل.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024