صاحب 'حياة معلقة': حياتنا معلقة بين موتين
خلا مقعد الكاتب والروائي الدكتور عاطف أبو سيف، في ندوات المعرض الدولي للكتاب والنشر في الدار البيضاء بالمملكة المغربية، والذي أعلنت، الجمعة الماضية، خلاله لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية 'البوكر'، عبر رئيسها الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، القائمة القصير للجائزة لعام 2015، ومن بينها رواية 'حياة معلقة' للروائي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، د. عاطف أبو سيف.
وتأهل أبو سيف، الذي منعته أجهزة 'حماس'، من حضور الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة عن روايته 'حياة معلقة'، إلى هذه القائمة، برفقة اللبنانية جنى الحسن عن روايتها 'طابق 99'، والسورية لينا هويان الحسن عن روايتها 'ألماس ونساء'، والسوداني حمور زيادة عن روايته 'شوق الدرويش'، والتونسي شكري المبخوت عن روايته 'الطلياني'، والمغربي أحمد المديني عن روايته 'ممر الصفصفاف'.
ويقول أبو سيف، الذي تألم وحزن لعدم مشاركته في المعرض: إن حياتنا معلقة بين موتين. نحن نولد في الحرب ونموت فيها. وإن ما ترمي إليه روايته هو رصد التحولات الكبيرة التي ضربت غزة خلال العقود الثلاثة الماضية تحديدا مع مسحة سريعة إلى مجمل التحولات التي هزت المكان خلال مسيرة العقود الأخيرة.
ويضيف أبو سيف، إن هذه تحولات تنكشف بوضوح من خلال تفاعل سكان الحارة في المخيم مع التطورات التي تطرأ عليهم. فغزة حاضرة بقوة في الراوية بشوارعها ومقاهيها وناسها، كما هي حاضرة في تفاصيل حياة هؤلاء الناس.
ويؤكد أن مجمل التحولات السياسية تجد أثرها في علاقات القوة في المجتمع والعلاقات الاقتصادية والثقافية وصراع الهوية والبحث عن البطولة.
وحسب أبو سيف، فإن 'حياة معلقة' تتحدث عن موت نعيم، صاحب المطبعة الوحيدة في المخيم، برصاصة الجيش. نعيم الذي اعتاد أن يقوم بطباعة بوسترات الشهداء في المخيم، يرفض ابنه أن يتم طباعة بوستر له، في نقاش عميق حول مفهوم البطولة والجدل حول الاشتباك مع الحياة أو نفيها. لكن هذا الموت العادي يغير الكثير من تفاصيل الحياة في الحارة الهادئة الواقعة على تخوم المخيم، حيث ترقد التلة التي ابتنى نعيم عليها بيتا. موت يقلب حياة الناس وتفاصيلهم. فالحكومة تريد أن تستغل التلة وتبني عليها مخفرا للشرطة ومسجدا. وحيث أن التلة تحظي بمكانة خاصة في وعي الناس، فهي ليست تلة كما يقول المختار بل هي جبل، فعليها حطت خيام سكان المخيم مباشرة بعد النكبة ومن فوقها قتل أول جندي حين احتلت إسرائيل المخيم، عارض سكان المخيم المشروع وقاومه حتى وصل الأمر للصدام مع الشرطة. وكما بدأت الرواية بجنازة نعيم تنتهي بجنازة الحاج الذي يفيق من الموت ثم يعود إليه في حصر للحياة بين موتين يهزان المخيم.
وعبر فصول متنوعة في مستويات السرد وتقنياته تنكشف امام القارئ الكثير من تفاصيل الحياة في غزة كما نعرفها ويعرفها الكاتب، كما يتم استدعاء يافا موطن اللاجئين عبر استرجاعات زمنية ومفارقات سردية وحكايات متداخلة ترسم بصورة مفصلة عالما مدهشا تتفاعل شخوصه وتتجادل وتصارع في إعادة تركيب لمفهوم الهوية والبطولة والحياة.
تبدأ الرواية بجملة مثيرة تلخص كل الرواية تقول، ولد نعيم في الحرب ومات في الحرب أيضا ليس في ذلك من صدفة. كما يقول ابو سيف فإن حياتنا معلقة بين موتين. نحن نولد في الحرب ونموت فيها. ما ترمي إليه الرواية هو رصد التحولات الكبيرة التي ضربت غزة خلال العقود الثلاثة الماضية تحديدا مع مسحة سريعة إلى مجمل التحولات التي هزت المكان خلال مسيرة العقود الأخيرة، وهي تحولات تنكشف بوضوح من خلال تفاعل سكان الحارة في المخيم مع التطورات التي تطرأ عليهم.
ويضيف: غزة حاضرة بقوة في الراوية بشوارعها ومقاهيها وناسها كما هي حاضرة في تفاصيل حياة هؤلاء الناس، كما أن مجمل التحولات السياسية تجد أثرها في علاقات القوة في المجتمع والعلاقات الاقتصادية والثقافية وصراع الهوية والبحث عن البطولة.
أبو سيف لا يمتلك نسخة من روايته 'حياة معلقة'، التي طبعت في الأردن، منتصف العام الماضي، فبسبب الحرب والحصار، المفروض على قطاع غزة، لم تصل نسخة من الرواية إلى القطاع.
أبو سيف مولود في مخيم جباليا عام 1973 لعائلة هاجرت من مدينة يافا. وحصل على بكالوريوس من جامعة بيرزيت وماجستير من جامعة 'برادفورد' بإنجلترا ودكتوراه من جامعة 'فلورنسا' بإيطاليا. يعمل أستاذا للعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ويرأس تحرير مجلة سياسات الصادرة عن معهد السياسات العامة في رام الله.
صدر لأبو سيف مجموعة من الروايات: ظلال في الذاكرة (الأمل للطباعة والنشر، غزة. 1997)، وحكاية ليلة سامر (الأمل للطباعة والنشر، غزة. 1999)، وكرة الثلج (اتحاد الكتاب الفلسطينيين. القدس 2000)، وحصرم الجنة (المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي، رام الله 2003. شرقات، القاهرة 2006). إلى جانب ذلك، صدرت له مجموعتان قصصيتان: الأشياء عادية جدا (اورغاريت، رام الله 2004)، وحياة ميتة: قصص من زمن غزة (الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2013).
وكتب أبو سيف ثلاث مسرحيات: السيد بيرفكيت (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج حسين الأسمر)، وفي شي عم بيصير (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج إبراهيم المزين)، وكل شيء تمام (من إنتاج مؤسسة فكرة وإخراج حسين الأسمر).