شاليت وصفقة تبادل الأسرى- سميح شبيب
فاجأ الإعلان عن اتفاق بشأن تبادل الأسرى، بين إسرائيل و"حماس"، الأوساط كافة. وجاء هذا الإعلان في أوج معركة الأمعاء الخاوية، التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية.
المفاجأة جاءت نتيجة عوامل عدة متداخلة، كان أبرزها عامل التوقيت والزمن. التوقيت جاء في حمأة الأزمة السياسية التي تعاني منها حكومة نتنياهو، بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما حظي به المطلب الفلسطيني، الاعتراف بفلسطين، كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. كشفت استطلاعات الرأي، تراجع شعبية نتنياهو، كما وأن نتنياهو نفسه، وجد ضعف حججه في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أن المفاجأة، جاءت نتيجة مواقف "حماس" السابقة، التي سبق أن أكدت أن عهد الإبعاد قد انتهى، وأنها لن تقبل بإبعاد أسرى إلى خارج فلسطين، كما سبق أن أكدت ضرورة وجود القائدين الوطنيين: مروان البرغوثي، وأحمد سعدات ضمن قائمة الأسرى المحرّرين.
تم الإعلان، إسرائيلياً، ومن ثم من "حماس"، على صفقة تتضمن عدداً غير قليل سيبعدون خارج فلسطين، وكذلك خلو قائمة الإفراج من اسمي مروان البرغوثي وأحمد سعدات.
لعلّ ما فاجأ الجميع، هو أن الجندي الإسرائيلي شاليت، ترتبت على أسره، حرب ضروس ضد قطاع غزة، ومرت خلالها آلاف البيوت، ودفع الفلسطينيون ما يزيد على ثلاثة آلاف من المواطنين، كان الثمن غالياً، بل غالياً كثيراً، في وقت أن حيثيات الصفقة، كانت أقل من عادية، مقارنة بعملية تبادل الأسرى "النورس" على سبيل المثال.
إضافة إلى ذلك، جرى ترتيب عملية التبادل، سراً ودون إشراك السلطة والفصائل الوطنية الفلسطينية الأخرى، لم تنسق "حماس" مع أحد بشأن هذه العملية.
لعلّ أخطر ما أسهم في المفاجأة، أنها جاءت في وقت يخوض فيه الأسرى معركة حقيقية ضد السلطات الإسرائيلية وإجراءات إدارة السجون. هنالك حرمان حقيقي يفرض على الأسرى، حرمان من العلاج ومن الدراسة، ومن أبسط حقوق الاختيار الذاتي من شراء أمور خاصة من "الكنتينا".
لم تتضمن صفقة تبادل الأسرى، ضرورة تحقيق أي مطلب من مطالب الأسرى، وبقيت معركتهم قائمة، رغماً عن هذه الصفقة.
لا أحد يقف ضد تحرير أسرى فلسطين، بل على النقيض من ذلك، فتحريرهم مطلب وطني من الطراز الأول، وواجب استقبالهم وتكريمهم، وتبجيلهم هو واجب وطني. لكن دراسة هذه الصفقة تحديداً، علينا أن ندرسها بدقة وشمولية، وعلى نحوٍ غير معزول عما أحاط بها من اعتبارات زمنية وسياسية. علينا دراستها بعمق بعيداً عن الاعتبارات العاطفية.
علينا مقارنتها بما سبق من عمليات تبادل، وأبرزها، عملية "النورس".
ما جرى، حقيقة، قام بتخفيض سقف التوقعات المعقودة عليها، وما جرى، لم يكن معزولاً عما أحاط بهذه العملية من اعتبارات سياسية واضحة!.