مشاهِدٌ حزينة - عطا الله شاهين
لا يُمكنكَ أنْ تنسى مشاهداً لأطفالٍ وهم يلعبون على رُكامِ منازلِهم ، على الرغم من البرد القارص الذي يلفحهم بهوائه .. وحين تنظرُ لتلك الصّور الحيّة أمامكَ فلحظتها تدمعُ عينيكَ لهذه المشاهِد المُؤلمة والحزينة وتتساءلُ ما ذنبُ هؤلاء الأطفالُ لكيْ يمكثوا في العراءِ تَحْتَ المطرِ ؟ وحين تراهم يرتجفون مِنْ شدّةِ البرْدِ لكنّهم يصرّون على البقاءِ تَحْتَ السّماءِ المُمطرة بملابسهم الخفيفة ، ولكنّكَ تُشاهِدُ في عُيونهم إرادة قوية للحياة.. فالأطفالُ بالرّغمِ من الجوّ البارد إلا أنّهم يرفضون الابتعادَ عنْ منازلهم المُدمّرة .. فالخيام هناك لا تقيهم رياحاً مجنونة تأتي مِنْ بحرٍ يحبُّ ساحلهم الجميل .. فحين تراهم يلعبون في بردٍ لافحٍ فتشفقُ على حالهم لكنّك تدركُ بأنّهم يعشقون مكاناً ينتمون إليه .. فهُم ولدوا هنا وحُبُّهم لوطنهم جعلهم في التصاقٍ حميمٍ لمنازلٍ دُمرتْ وتنتظرُ الإعمارَ..فحين تُشاهِدُ أطفالاً على رمالٍ مُبللة ويقومون بقتلِ البرْدِ بأجسادهم العارية وغير آبهين للموتِ فعندئذ تدركُ عِشقَ المكان.. وحين تسألهم أتشعرون بالبرْدِ فيردُّون بارتعاشٍ قاتلٍ بأنّهم لا يشعرون ولكنّهم يرغبون في العيشِ بأمنٍ وأمانٍ في منازلهم التي تنتظرُ رحمةَ الاعمار.. فهؤلاء الأطفالُ يريدون مِنْ دُولِ العالم أنْ ترى الصّورة الحزينة لهم ويريدون فقطْ العيشَ تَحْتَ سقوفِ منازلهم ليس أكثر.. ورغم ارتجافهم مِنْ قسوةِ الشّتاءِ إلا أنّهم يُحبّون الحياة بكُلّ تفاصيلها ويقومون باللعبِ في رمالِ وطنهم الحزين رغم تذمُّرهم مِنْ وضعهم الصّعب.. فحين تُشاهِدُهم تَحْتَ البرْدِ ينامون تحزنُ عليهم وتصرخُ كفى! هؤلاء الأطفال يستحقّون الحياة .. فهذه المشاهِدُ الحزينة لأطفالٍ ما زالوا يرتعشون مِنَ البرْدِ تجعلُكَ في كرْبٍ دائمٍ وتتمنّى لهم حياةً آمنة بلا قصف ودمار..