عقلية أبو مازن خطر على الأمن الاسرائيلي - رمزي النجار
ليس غريبا بعد اخلاء الساحة العربية أمنيا وتهالك الجيوش العربية أمام اسرائيل ولم تعد تشكل خطرا على الأمن الاسرائيلي نظرا لانشغال العرب بخلافاتهم الداخلية، أن تنظر اسرائيل الى غزة والضفة نظرة أمنية بحته، فالأحداث الداخلية العربية الجارية والانقسام الفلسطيني يخدم الأمن الاسرائيلي لسنوات طويلة، فالهدوء مقابل الهدوء هو مطلب اسرائيلي ومقدمة لصناعة الهدنة طويلة الأمد للحفاظ على الهدوء التام دون صياغة أي اتفاقات نهائية ملزمة لإسرائيل، فالمصالح الاسرائيلية تصب اليوم نحو اللعب على الانقسام الداخلي الفلسطيني وافشال تحقيق المصالحة الداخلية بين الفلسطينيين وزيادة الخناق على غزة مقابل انفتاحا في الضفة وتحريضا على السلطة تحت عناوين مختلفة، فالحرب الأخيرة على غزة وما خلفته من دمار هائل تأتي ضمن خطة اسرائيلية لتقويض عملية السلام تدريجيا وخلط الأوراق وتعميق الاحتلال وتوسيع المستوطنات، ولما يميل المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف بدرجة كبيرة، ونسبة التصويت الكبيرة في الانتخابات الاخيرة داخل الجيش الاسرائيلي كانت للأحزاب المتطرفة وهو مؤشر خطير يجب اجاده قراءه ما بين السطور جيدا، فالقادم أخطر على المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
وليس بالصدفة أن يسارع مجددا المحللين والكتاب الإسرائيليين في مقالاتهم الى مهاجمة الرئيس محمود عباس في الصحافة الاسرائيلية تكرارا ومرارا وخاصة هذه الأيام بالذات بعد تشكيل نتنياهو حكومته المتطرفة على اعتبار أن أبو مازن يشكل خطرا على المصلحة الأمنية الاسرائيلية، وبدأ يدرك بعض المفكرين الاسرائيليين أن سياسة الرئيس أبو مازن في ادارة الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي تأتي ضمن فلسفة هادئة وحنكه سياسية بامتياز تهدف الى وضع اسرائيل في الزاوية ومحاصرتها اقليميا ودوليا، وهو ما ظهر جليا في طرق المحافل الدولية وسحب البساط من تحت اقدام رؤساء حكام اسرائيل وتعريتهم بأنهم ضد السلام جملة وتفصيلا، لذا خرجت بعص الأصوات الاسرائيلية للمطالبة بتضييق الخناق على الرئيس وزعزعه مكانته بين شعبه وفي المقابل تعزيز مكانه خصومة لما فيه مصلحة عليا للأمن الاسرائيلي، فإسرائيل يهمها أمنها بالدرجة الأولى ولديها الاستعداد الكامل من أجل الأمن التعامل مع المعطيات الواقعية التي تخدم مصلحتها القومية العليا.
باعتقادي أنه بعد اعلان نتنياهو حكومته المتطرفة سيكون على رأس سلم أولوياتها القضاء على الرئيس أبو مازن سياسيا والبحث عن البديل وان لم يكن تصفيته جسديا، فالانتقام الاسرائيلي من الرئيس ليس مجرد تخمينات بقدر أن الحقائق والوقائع على الأرض تفرض نفسها، والتصريحات الحالية والسابقة لم تكن من فراغ وهى تمهيدا للقادم لتصفيه الحسابات مع الرئيس نتيجة مواقفة الوطنية بالتمسك بالحقوق الفلسطينية وعدم التنازل عنها، فالرئيس أبو مازن يمتلك الحاسة السادسة كما الراحل ياسر عرفات ويريد تفويت الفرصة على الاسرائيليين من خلال تحقيق المصالحة وتوحيد شطري الوطن حتى لا نقع في الفخ الاسرائيلي وتمرير ما يخططون له عبر الوسطاء، فالرئيس قادر على تفكيك الأزمات ولكن هناك طرف فلسطيني لم يلتقط الرسالة جيدا ويكابر ويغامر على حساب معاناة الشعب، فالمطلوب من القوى الفلسطينية استيعاب الدروس واستخلاص العبر قبل فوات الأوان، وأنه حان الوقت للالتفاف حول الرئيس وبرنامجه السياسي والنضالي وتوفير سياج أمنى فلسطيني وحدوي لحماية انجازات شعبنا السياسية المكتسبة بجهود الرئيس وكسب المزيد من الدعم التأييد الدولي المتعاظم الذي أصبح يؤتى ثماره في أوروبا وحتى السياسية الامريكية متجهه نحو التغيير، فالفرصة ما زالت قائمة لإعادة قراءة الواقع جيدا وتوحيد البوصلة لتحقيق ما نصبو اليه، وافشال كافة المؤامرات الخارجية والداخلية التي تتساوق مع أهداف الاحتلال لعرقلة مساعينا الرامية لاستعادة كافة حقوق شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال، وليخسأ هؤلاء الماكرون الكائدون الحاقدون على الرئيس والشعب والنيل من صموده، ويحق لنا كفلسطينيين الافتخار بأن عقلية الرئيس محمود عباس تشكل خطرا على المصلحة الأمنية الاسرائيلية باعتراف الاسرائيليين أنفسهم، فحذاري على الرئيس من الخطر الإسرائيلي الداهم.