لهذا قتلوا الشهيد محمد الكسبة .. - د.مازن صافي
محمد الكسبة ابن الـ17 عاما حدد مساره الطبيعي حيث المسجد الأقصى، واختراق عنجهية الاحتلال وتسلق جدار الفصل العنصري، ويعلن أن الوصول إلى الأقصى ليس سهلاً وبالتالي فإن (إسرائيل) ستدفع بالمزيد من القتل والدماء والدمار من أجل منع الوصول إليه، وهذا ما حدث صباح اليوم.
الشهيد محمد انضم لشقيقيه الشهيدين ياسر وسامر، اللذين استشهدا في مخيم قلنديا في شهر أيار من العام 2002، وبهذا لم يعد وجود أكثر من شهيدين في أسرة فلسطينية واحدة، أمراً استثنائيا، بل أن المئات من الأسر أصبح فيها أكثر من شهيدين، سواء في الضفة الفلسطينية أو قطاع غزة، ولهذا معاني كثيرة ودلالات وإشارات أن الطريق إلى الأقصى لن تغلقه رصاصات الحقد الصهيوني أو عصابات التطرف التي تقودها حكومة نتنياهو وجنرالات عسكرية لم يردعها بعد التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية وبالتالي يجب أن تستمر الطريق إلى الجنايات الدولية وبكل قوة وأن تكس كنهج نضالي فلسطيني لا تراجع عنه .
يذكرنا الشاب الشهيد محمد الكسبة بالطفل الشهيد محمد خضير، وان اختلفت طريقة القتل ولكن الدم البارد هو العامل المشترك في طريقة القتل وترك الضحية ينزف حتى الموت، وبالتالي لا أخلاق هنا ولا إنسانية بل عقلية احتلال لم تتغير منذ عشرات السنوات، وستبقى دماء الشهداء لعنة تطارد الصهاينة في كل مكان وزمان، وما يتم لا يمكن أن يصف بالدفاع عن النفس أو ضبط المواقف، بل هو تأجيج المشاعر وتأزيم الوضع، وإشعال التطرف الإسرائيلي في وجه الحق الفلسطيني، وهذا يدلل على أن (إسرائيل) بدأت بالفعل بالدخول في أزمة داخلية وأيضا مؤشر أن حكومة التطرف التي يقودها نتنياهو قد بدأت تنهار، ومن الواضح أن صيف 2015 لا يحمل بشائر الهدوء بالرغم من كل التسهيلات "الزائفة" التي يعلن عنها الاحتلال في الضفة الغربية، والهدوء الحذر جدا تجاه قطاع غزة.
قتل الشهيد محمد الكسبة يراد به صناعة واقع مختلف، تغرق فيه المنطقة بمتفرقات كثيرة، لن تتمكن (إسرائيل) بتجميعها، وبالتالي سوف تتحول كل متفرقة إلى منهج خاص وأسلوب يُدخل المنطقة في الفراغ، وهذه سياسة إسرائيلية تم قراءتها حتى قبل أن تعلنها بداية العام الحالي، حين توقعت مصادر إسرائيلية أنه في نيسان سوف تشتعل "الفوضى".
وواصفاً بأن الاقتراح الفلسطيني بالمتطرف قال أفيغدور ليبرمان في صفحته على الفيسبوك "مشروع القرار الذي يقدمه الفلسطينيون لمجلس حقوق الإنسان يُلزم إسرائيل باتخاذ إجراءات مهمة ضد الفلسطينيين، وفي حال وتم قبول الاقتراح فإن الأمر واجب أيضاً ضد مجلس حقوق الإنسان".
وكما تطرق وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت "الفلسطينيون ليسوا شركاءً للسلام بل شركاء للإرهاب"
إن استمرار عمليات القتل الإسرائيلي في الضفة الغربية، يراد به أن ينفجر برميل البارود، مما يقود الى مؤشرات عنيفة على عدم الاستقرار وعدم الهدوء، وتقويض كل المساعي والمبادرات من أجل التقدم نحو سلام واقعي ومستقر.