اعلامنا بين المهنية والارتجال- حسن سليم
ان تمتلك وسيلة اعلامية مرئية، مقروءة او مسموعة، بفضل مانح اغدق عليك ما لذ وطاب من العطايا دون رقابة، وبسبب غياب الرقابة المحلية على ما تضخ من "اخبار ومواد" لا يعطيك الحق ابداً ان تمارس الموبقات الاعلامية تحت عباءة حرية التعبير، استغلالا لفضاء الكتروني اصبح متاحا امام "من هب ودب".
تعلمنا ان للاعلام اهدافا محددة لما يبث، فاما ان يقدم معلومة جديدة، او ينفيها، او يؤكدها فيما يخص قضية او حدثا، وتطورا ليكون الاعلام صناعة بدل ان يكون دوره تاليا لحدث، ان يكون صانعا للحدث، دون ان يخرجه هذا التطور من دائرة الالتزام بالمهنية والمصداقية، وابجديات مهنية.
دواعي الكتابة هنا، هي خروج كثير من وسائل الاعلام المحلية عن مألوف العمل، ونطاق المقبول، في تجاوزها واهمالها للحدود الدنيا لادبيات المهنة، والامثلة الصارخة كثيرة ولا مجال لحصرها، وان كان من المهم استعراض بعضها، للتأشير عليها.
فسرقة النصوص من مواقع ومنشورات ومن ثم اخراجها باسماء سارقيها، او حتى اعادة صياغتها دون الاشارة لمن اعتصر ذهنه في كتابتها، ووضع عناوين صفراء لجذب القارئ دون اي علاقة بين العنوان ومتن الخبر، او الادعاء بحصرية النشر فيما هو متاح امام الجميع، وكذلك قائمة الاخطاء المطبعية واللغوية التي يندى لها الجبين، وتسجل كوصمة عار في جبين المهنة وابنائها، وطرح معلومات مغلوطة لا اساس لها ولا مصدرَ موثوقا، تعتبر كلها افعالا مشينة لا تتناسب ومهنة المتاعب، ولا بالمثقفين المكلفين باعلام الجمهور بما لا يعرفون.
بالطبع ليس المقصود هنا الحجر على وسائل الاعلام ولا المطلوب تقييد حريتها، بقدر ما هو دق لجدران الخزان بان للجمهور حقا بان يصله ما هو "محترم" من نصوص ومعلومات تليق بعقله ووعيه، ولا يستغبيه.
الصحيفة عندما تصدر وتصبح بين يدي الجمهور، يكون من الصعب استعادتها عند اكتشاف خطأ، لكن من حق الجمهور ان يقرأ في اليوم التالي اعتذارا يليق به عن خطأ تسلل لوعيه، بعد ان يكون اصحاب العلاقة قد قرأوا الصحيفة ودققوا ما ورد فيها للتحقق مما نشر، والموقع الالكتروني الذي ينشر اخبارا حبلى بالاخطاء والخطايا، من واجب من يديرها ان يقوم باصلاحها، وذلك اسهل من المطبوعات الورقية، لا ان تبقى محملة على محركات البحث تغزونا باخطاء مشينة، وتنتظر الاجيال القادمة ليتصفحوها، وكذلك الحال بالنسبة للمواد المرئية التي تستحق المشاهدة مسبقا لتدقيقها، وما يتم طرحه في البرامج يستوجب الاعداد الجيد الذي يليق، حتى لا تكون مدعاة لسخرية من يشاهدها، او تكون سببا في ترسيخ صور ومشاهد ومعلومات لا لزوم لها ولا صحة لاصلها.
كثيرة هي وسائل الاعلام التي كانت تمثل قنبلة لحجم اثرها، وقائمة الاعلاميين طويلة من اصحاب المكانة الكبيرة في مجتمعاتهم، لكن النسيان طواهم، لعدم مصداقيتهم، وهذا ما لا نريده لوسائل اعلامنا ولا لاعلاميينا.
hasan.media@yahoo.com