لماذا يرفض بعضهم الاعتراف بأن فتح اثبتت السيادة الوطنية في القدس؟!..- شيرين صندوقة
من يستطيع أن ينكر اليوم أن حركة فتح التي لطالما تغنينا بها منذ نعومة اظفارنا استطاعت فرض السيادة الوطنية الفلسطينية "العلنية" في مدينة القدس المحتلة، لاسيما في العام الأخير.
منذ توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993 استطاعت حكومة الاحتلال أن تغلق معظم أكبر المؤسسات الفلسطينية في المدينة المحتلة وبعضها الآخر انتقل طوعا الى "العاصمة السياسية" رام الله، ولم يبق الا بيت الشرق، ذلك البيت الذي استطاع ضم الاف المقدسيين تحت مظلته، الأمر الذي بات يشكل خطرا على حكومة المحتل فبدأت التهديدات الإسرائيلية بإغلاقه، ثم أخذ يشهد تظاهرات للمستوطنين الصهاينة تهدد بإحراقه لأنه يعطي ملمحا بسيطرة فلسطينية على شرقي القدس حسب زعمهم، الى ان تم اغلاقه في نهاية التسعينيات.
ومع حلول الانتفاضة الثانية في العام 2000 وما نتج عنها من قمع لهذه الانتفاضة وبدء تنفيذ جدار الفصل العنصري وعزل مدينة القدس، بدأنا نرى أن حركة المقاومة بدأت تتلاشى شيئا فشيئا ولكنها يوما لم تنطفئ.
الى ان جاء ذلك التاريخ الذي قلب الموازين جميعها استشهاد الفتى الطفل محمد ابو خضير – المسار الذي اعاد للمقاومة في القدس عنوانها وما أعقب الجريمة من حرب دامية ضد أهلنا في القطاع وانتفاض الضفة الغربية والقدس تلبية لنداء الدفاع عن كرامة الوطن.
كل ذلك كان ضمن دفاع غير مبرمج – اعتقد في حينها كان يشعر كل مواطن فلسطيني ان ما ينتهك هو عرضه ومن يستشهد هو قريبٌ له – كانت هنا الصحوة – واعادة لفت الانظار والبوصلة التي حاولت "اسرائيل" حرفها عن المسجد الأقصى.
18/10/2014 هذا التاريخ الذي اعاد صوت الفتح في القدس؛ فما لبث وان تم انتخاب اعضاء حركة فتح – اقليم القدس في مؤتمر حمل عنوان "القدس والاقصى" بحضور السيد الرئيس محمود عباس، الذي هوجم بالاعلام الصهيوني حتى نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" تهجم وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان على الرئيس عباس واتهامه باللاسامية، على خلفية تصريحه المتعلق بالاقصى في مؤتمر فتح.
وقال ليبرمان ان تصريح الرئيس الفلسطيني بشأن منع اليهود من دخول الحرم القدسي، ودعوته للجمهور الى "الدفاع عن المكان المقدس" يكشف ان رئيس السلطة يحاول اشعال الأوضاع من خلال استغلال اكثر الأماكن قدسية، وان السلطة الفلسطينية برئاسته تقف وراء اعمال الشغب الأخيرة في القدس الشرقية."
في حينها كانت الاقصى على سلم اولويات اقليم القدس، فرأينا فيهم السد المنيع لمواجهة اقتحام المستوطنين الذين كانوا يجولون ويمرحون ويعيثون بالاقصى وباحاته فسادا، وفي كل مرة كان يصاب اعضاء الاقليم وتم اعتقال العديد منهم واستدعاء اخرين من قبل جهاز المخابرات للتحقيق، وتهديدهم بعدم تنفيذ اي نشاط او تجمع يرفع فيه العلم الفلسطيني في اي جزء من مدينة القدس المحتلة.
في حينها كانت ما زالت موجة الغضب ثائرة في القدس وارتقاء الشهيد تلو شهيد اما على ايدي قطعان المستوطنين او بنيران قوات الاحتلال- وكانت حركة فتح وفي مقدمتهم اقليم القدس أول المتواجدين في جنازة الشهيد، الى ان ارتقى يوسف الريموني بتاريخ 18/11/2014 شهيدا – وهنا اعتقل امين سر اقليم القدس وتم الحكم عليه 5 شهور اداري، بتهمة التحريض على القتل. الى ذلك تابع اعضاء الاقليم نشاطهم وكانو طلائع في العمل الاجتماعي كما كانوا دائما طلائع في العمل الثوري، وما يثبت صحة ذلك انه بذكرى الانطلاقة ومرور 50 عاما، وباحتفال مركزي ضم اكثر من 2500 كادر من كوادر الحركة في منطقة القدس العدد الذي صدم ايضا حكومة الاحتلال – حيث نشر الاعلام العبري في حينها – " من اين استطاعت فتح ان تجند كل هؤلاء المقدسيين في صفوفها".
استطاع اقليم القدس ان يُعيد التواجد الفلسطيني داخل المسجد الاقصى باعطائه مكرمة الحج لعشرة من المرابطين، اضافة الى مئات المقدسيات اللواتي ادين فريضة العمرة من كافة محافظة القدس، الى ان بدأ العمل في عقد القران ومباركته بالمسجد الاقصى، هذه البرامج جعلت من حكومة الاحتلال تشعر بالتخوف من اعادة اسم "فتح" في القدس ورفع العلم الفلسطيني وعلم العاصفة على قباب المسجد الاقصى، وانه لا شك بانهم سيكونوا شبانا وشيبا جنودا للفتح التي اعادت هيبتها الى القدس. اضافة الى جملة من النشاطات التي نفذتها حركة فتح اقليم القدس في شهر رمضان الفضيل وخاصة في مشروع تكية الرئيس محمود عباس وتوزيع الطرود الغذائية وزيت الزيتون.
ويبقى السؤال: لماذا تواجه حركة فتح كل هذه الانتقادات رغم جهودها الحثيثة للوقوف في وجه الاحتلال وجماعاته الاستيطانية، وفي دعم الصمود المقدسي والدفاع عن شرف أمة بأكملها؟! ومتى سيستطيع الفلسطينيون الفصل ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية و بالتزامها بالقرارت الدولية وبتلك القرارت التي تترجمها حركة فتح على ارض الواقع؟!
وختاما، لا بد من التأكيد على احدى المسلمات التي لا تقبل نقاشا، ألا وهي أن السلطة ليست فتح، والأخيرة ليست السلطة، صحيح أن هناك ارتباط وثيق بينهما، لكن لا بد من الفصل بين سلطة مؤسسات ومعاهدات دولية وبروتوكلات هي اساسا تكمل الجوانب النضالية الأخرة، وما بين تنظيم هو العمود الفقري للشعب الفلسطيني، وكان مشهودا له منذ تأسيسه بأنه كان في طليعة العمل الوطني والنضالي وشعلة الكفاح المسلح