رام الله.. اكتشافات أثرية في "خربة الطيرة" تشير لموطئ قدم السيد المسيح
ملكي سليمان
أثبتت الحفريات الأثرية الحديثة التي يقوم بها فريق من علماء الآثار في المعهد العالي للآثار بجامعة القدس في موقع (خربة الطيرة) أو (خربة غملا)، وهو اسمها القديم بمدينة رام الله، وجود موطئ قدم للسيد المسيح عيسى عليه السلام من خلال حجر منقوش عليه كتابات داخل احدى الكنيستين اللتين اكتشتفتا في الخربة مؤخرا.
وأشارت الحفريات الى قيام القديسة (ديانا) ببناء الكنيسة الغربية تقديرا لمرور المسيح في المنطقة، وهذا يدعم اقوال المؤرخين إن المسيح قد ضل طريقه لمدة يومين او ثلاثة ووصل الى مدينة البيرة ومن ثم الى رام الله الى ان قام اهالي الخربة باعادته الى امه مريم عليها السلام وكان عمره 13 عاما.
كما أن الخربة تحتوي على رفات لثلاثة قديسين تم تسليم الرفات الى كنيسة الروم الارثوذكس في رام الله التي قامت بعمل قداس ديني ورسمي لهم في بداية الجاري وتم وضع هذا الرفات في تابوت داخل الكنيسة، إضافة إلى أن الخربة تضم قبرا لاول شهيد مسيحي وهو القديس (ستيفاينوس) الذي قتله اليهود في مدينة القدس رميا بالحجارة في الفترة البيزنطية حيث دفن في حديقة صديقه القديس (عملائيل) وتم نقل رفاته اولا الى مدينة القدس ومن ثم الى مدينة اسطنبول التركية وذلك في منتصف القرن السابع للميلاد, وبذلك فإن ما عثر عليه علماء الآثار في الخربة من كنائس ومقتنيات وفسيفساء ملونة يشير الى بناء هذه الكنائس في نفس فترة بناء كنيسة المهد في مدينة بيت لحم وهذا سيعمل في المستقبل على تغيير مسار الحجاج المسيحيين فبدل ان يذهبوا الى بيت لحم والقدس والناصرة فانهم سيذهبون مستقبلا الى الناصرة مرورا بمدينة رام الله وانتهاء بمدينتي القدس وبيت لحم وذلك بعد ان يتم ترميم هذه الآثار (الكنيستين) وفتح الموقع الأثري امام الزوار من الداخل والعالم.
عملية التنقيب تستغرق سنوات
ويقول البروفيسور صلاح الهودلية استاذ الاثار والتراث الثقافي في جامعة القدس ومدير مشروع التنقيب في خربة الطيرة برام الله في مقابلة خاصة مع ( الحياة الجديدة): اننا بدأنا العمل في موقع خربة الطيرة منذ عام 2010 ولكن بشكل متقطع حيث قمت بعمل مسح اثري في ذلك العام التي كشفت النتائج عن وجود حضارات رومانية وبيزنطية واسلامية، وذلك من خلال بقايا الفخار المتناثر على سطح الارض, وفي العام 2013 بدأنا بمشروع التنقيب وذلك بعد حصولنا على تصريح موافقة من قبل وزارة السياحة والاثار وبالتنسيق والتعاون مع بلدية رام الله وكذلك كنيسة الروم الارثوذكس التي تمتلك ارض الخربة التي كانت مساحتها 100 دونم وتقلصت الى 30 دونما حيث تعرضت الخربة الى الاعتداء والتخريب من قبل الانسان، كما أن مقتنيات الكنيستين من أوان فخارية وغيرها تضررت بفعل الزلزال الذي ضرب فلسطين آنذاك، إضافة إلى ان منطقة الخربة كانت تستخدم لأغراض الزراعة بالتالي تضررت بقايا الكنيستين"، مشيرا الى أن مشروع التنقيب يتكون من عدة مراحل، الأولى وهي المسح الأثري، والثانية الترميم والثالثة تتمثل بتوعية الجمهور بأهمية الحفاظ على التراث والمقتنيات الأثرية والثقافية حيث تم تنظيم العديد من المحاضرات حول ذلك بالتعاون مع بلدية رام الله.
أما المرحلة الرابعة فهي اعادة احياء المكان ليكون موقعا سياحيا يستقطب الزوار والسياح من كافة بقاع العالم. وأضاف الهودلية "نحن بصدد الشروع في ذلك مستقبلا بالتعاون مع البلدية وغيرها من المؤسسات ذات الشأن"، موضحا أن الاكتشافات في موقع خربة الطيرة لها دلالات دينية وثقافية اذ لم يحصل ان تم اكتشاف كنائس في منطقة وسط فلسطين قبل هذا الاكتشاف ومرور المسيح في هذه البقعة ودفن اول شهيد مسيحي في المكان قبل نقله الى خارج فلسطين.
الخربة تعرضت للاهمال والتعديات
وكشف الهودلية عن أن المنطقة الأثرية في الطيرة تعرضت للاهمال والتعدي، وتمت اقامة فوق اجزاء منها المباني السكنية والمدارس والمشاريع التجارية، بمعنى أن ثلاثة ارباع الخربة دمرت تماما من قبل الانسان، مشيرا إلى أن مقتنيات الخربة شحيحة لعدة أسباب منها تعرضها للنهب والاعتداء.
ونوه إلى أن كل ما عثر عليه عبارة عن قطع نقدية معدنية تعود الى العصور الرومانية والبيزنطية والاموية واسرجة اضاءة وبقايا اوان فخارية, موضحا أن الجزء الثاني من الاكتشافات كان عبارة عن نقوش تعود للقديس الشهيد (ستيفاينوس) الذي عاش سنة 35 للميلاد وتم قتله من قبل اليهود في مدينة القدس ودفن مؤقتا ثم نقل رفاته الى القدس والى تركيا.
وأشار إلى أن هاتين الكنيستين تعودان للفترة البيزنطية من القرن الرابع وحتى القرن الثامن وهي فترة بناء كنيسة المهد. وقال" عثرنا على عظام بشرية وزخارف هندسية وفسيفساء ملونة قرابة تسعة الوان وبقايا زخارف نباتية وبشرية واسماك، اما قبور القديسين الثلاثة فتم الكشف عنها في مقبرة الرهبان الخاصة في الخربة".
وخلص الهودلية الى القول: من الراجح أن هاتين الكنيستين دمرتا بفعل الزلزال الذي ضرب فلسطين خلال تلك الفترة وبالتحديد عام 749 ميلادي وهذه الفترة كانت في زمن الدولة الاموية التي شهدت نقطة تحول ما بين الدولة الأموية والدولة العباسية.