فلسطين زهرة الأونيسكو- راجح الخوري!
يشكل قبول فلسطين عضواً في الاونيسكو خطوة ضرورية ومهمة تفيد هذه المنظمة بمقدار ما تفيد فلسطين.
فقياساً بالمبادئ التي تنادي بها هذه المنظمة، وخصوصاً في مجالات الثقافة والتراث والإرث الانساني والتربية القويمة على أسس الحق والعدل، والحوار بين الشعوب والإتنيات وخلق حوض من التعاون الخلاق بين الشعوب، قياساً بكل هذا كان معنى الاونيسكو منتقصاً في غياب، أو بالأحرى، تغييب فلسطين عن عضويتها.
واذا تذكرنا في ضوء قيم الاونيسكو هذه، ما تمثله فلسطين في مجالات التراث الحضاري والديني والتاريخي، وما يمارسه الاحتلال الاسرائيلي من الظلم والعسف والوحشية والتلاعب بحقائق التاريخ، وكذلك ما يصيب الانسان والارض والتراث على أيدي المحتلين، يصبح في الامكان القول ان دخول فلسطين عضواً كاملاً في الاونيسكو، إنما يعطي هذه المؤسسة المعنى الحقيقي الذي أنشئت من أجله، فلقد كان من المعيب ان يجلس المحتلون الاسرائيليون في مقاعد منظمة أممية للقيم والمثل وان يغيب الفلسطينيون وهم أصحاب القضية الاكثر استحقاقاً للحضور في هذا المحفل الدولي.
وفي الواقع بدا الصوت الاميركي المعترض على قبول عضوية فلسطين وكأنه من خارج التاريخ والجغرافيا، وان لا علاقة له بكل ما تمثله الاونيسكو وتعمل من أجله لخلق حوض انساني متفاهم وحضاري.
وقد جاء القرار العقابي السخيف الذي اتخذته واشنطن بالتوقف عن تمويل المنظمة ليثبت مرة جديدة ان لا مكان للقيم في حسابات واشنطن التي تعتبر الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها مجرد هيئات لخدمة أغراضها.
لا ندري ما علاقة "السلام" بقبول عضوية فلسطين في الاونيسكو كي تعلن الولايات المتحدة "ان التصويت يلهينا عن هدفنا إجراء مفاوضات مباشرة تفضي الى ضمان أمن اسرائيل واستقلال فلسطين، كبلدين يعيشان جنباً الى جنب بسلام وأمان".
فمنذ ثلاثة عقود ونيف وهي تكرر هذا الكلام الكاذب والمضلل، من دون ان تبذل أي جهد حقيقي لدفع ربيبتها اسرائيل الى استجابة شروط التسوية العادلة.
ومن المعيب ان تقول الآن ان عضوية فلسطين في الاونيسكو تشكل عائقاً أمام السلام، بينما الواضح تماماً ان الصوت اليهودي في الانتخابات الاميركية هو الذي يدفع البيت الابيض الى تبنّي هذا الموقف الاسرائيلي الذي يخشى ان يكون قبول العضوية في الاونيسكو مقدمة لقبول العضوية الفلسطينية في منظمة الأمم المتحدة.
وإذا كان الرئيس محمود عباس قد اعتبر ان التصويت لمصلحة فلسطين يشكل انتصاراً للحق والعدل والحرية، فإنه يشكل قبل هذا استجابة طبيعية ولو متأخرة لكل القيم والمبادئ التي تنادي الاونيسكو بها.
راجح الخوري
rajeh.khoury@annahar.com.lb